شكك حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، في تصريحات لـ «القدس العربي» في إمكانية إنجاز ملف «تميكن الحكومة» بشكل كامل في قطاع غزة، حسب الموعد المحدد، وهو الأول من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لكنه قال إن هذا الموعد «ليس مقدسا»، وإنه في الإمكان من أجل طي صفحة الانقسام، أن يتم تمديده لشهر أو شهرين.
وأكد وجود إعاقة تمنع إنجاز عملية تمكين الحكومة «أمنيا وماليا»، واتهم قيادات من حماس بوضع «شروط تعجيزية للمصالحة، ورفض احتكام «سلاح المقاومة» لقرار تنظيمي، كونه يضرب حالة «التوازن الداخلي».
وقال الشيخ وهو أحد أعضاء وفد فتح لحوارات القاهرة، حين سئل عن آخر تطورات ملف «تمكين الحكومة» المفترض أن يتم إنجازه في موعد أقصاه الأول من الشهر المقبل، حسب الاتفاق الموقع يوم 12 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في القاهرة، إن الخلاف حول هذا الملف لا يزال قائما مع حماس، وإنه بسبب ذلك جرى الاتفاق في الحوارات الأخيرة، أن تقوم مصر بإرسال وفد إلى غزة، للاطلاع والإشراف على هذه العملية بالكامل.
وأكد أن هناك خلافات في وجهات النظر مع حركة حماس، حول «ملف التمكين»، لافتا إلى أن حركة حماس، تؤكد أن العملية انجزت بمجرد وصول الوزراء إلى مقرات الحكومة في غزة، ومتابعة عملهم، لكنه قال إن ذلك لا يعني «تمكين الحكومة». وأضاف أن هذا الأمر من شأنه وبسبب ضيق المدة الزمنية لحلول الأول من ديسمبر، أن يجعل تسلم حكومة الوفاق لكامل مهامها في الموعد المحدد أمرا صعبا، مشيرا الى «اننا لسنا أسرى للتواريخ، وإذا توفرت الرغبة ممكن أن ننفذ الاتفاق لو احتجنا إلى شهر أو شهرين»، وبعد ذلك ننتقل إلى ملفات أخرى.
وتطرق الشيخ وزير الشؤون المدنية إلى عدة ملفات أخرى تعيق هذا الأمر، ومن بينها عدم تمكين الحكومة من الإشراف على «الملف الأمني» حتى اللحظة، وكذلك عدم إشراف الحكومة على «الملف المالي» كذلك.
وخلال حديثه عن ملف التمكين، أكد الشيخ أن ما جرى من عمليات تمكين للحكومة في غزة لا يتعدى الـ 5% فقط، وفي هذا السياق قال إنه «لا يكيل بذلك أي تهم لأحد، وإنه يقدم أرقاما حقيقية حول ما يجري في غزة». وأكد كذلك أن المسؤوليات في قطاع غزة لم توكل بالكامل لحكومة الوفاق، كما جرى الاتفاق يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول، مضيفا «للأسف الشديد الجهة التي تسيطر على قطاع غزة، هي سلطة الأمر الواقع»، ويقصد اللجنة الإدارية التابعة لحركة حماس. وأشار الوزير إلى أن غالبية «أموال الجباية» من قطاع غزة، لا تسلم إلى حكومة التوافق، وأن ما يجبى فقط هو من المعبر التجاري كرم أبو سالم، في حين تتسلم «اللجنة الإدارية» باقي الجبايات.
يذكر ان اللجنة الإدارية هي جهة شكلتها حركة حماس في شهر أبريل/ نيسان من الماضي، وسببت خلافات كبيرة مع حركة فتح، وأعلنت حماس عن حلها، في سياق تفاهمات المصالحة الأخيرة، لكن فتح تقول إن هذه اللجنة لا تزال قائمة في غزة. إلى ذلك أشتكى الشيخ من عدم تمكين الحكومة «أمنيا»، لافتا إلى أنه لم يجر بحث هذا الملف بالمطلق حتى اللحظة، ولم يجر فيه أي تقدم، مشددا على أهمية تولي الحكومة المسؤولية الكاملة عن هذا الملف، من أجل القيام بمهامها في غزة على أكمل وجه، لافتا إلى أن الطواقم المدنية التي تشرف على إدارة معابر غزة، تحتاج لأن تكون الحكومة مسيطرة على الأمن، من أجل القيام بمهامها المطلوبة.
وأشار حسين الشيخ إلى أن حديثه هذا لا يهدف إلى «توتير أو تعكير» أجواء المصالحة، وقال «الهدف هو إظهار العقبات التي تحول دون إنجاز المرحلة الأولى من ملف المصالحة الشامل، حسب اتفاق 12 أكتوبر الماضي». وأكد أن ذلك الاتفاق يشمل نصا صريحا بتمكين حكومة الوفاق الوطني، من العمل بشكل كامل في قطاع غزة، كما هو الحال في الضفة الغربية. واتهم قيادات من حركة حماس، سمى منهم الدكتور صلاح البردويل عضو المكتب السياسي للحركة، وكذلك الدكتور أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، بوضع «شروط جديدة للمصالحة».
وقال إن تصريحات البردويل الأخيرة في القاهرة «كادت أن تحكم على مسيرة المصالحة بالفشل».
وكان البردويل تراجع خلال مباحثات القاهرة الأخيرة الأسبوع الماضي عن تصريحات وصفها وقتها بـ»الانفعالية»، قال فيها إنه جرى الخروج من اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة «باتفاق بلا معنى»، وقال كذلك إن «الضغوط الأمريكية» نجحت في دفع السلطة للتراجع عن ملفات اليوم وتأجيلها، مضيفا «ماجد فرج (مدير المخابرات) أبلغنا بأن هناك ضغوطات أمريكية، وأننا لا نستطيع أن نتقدم وسط هذه الضغوطات». وعقب ذلك قال الدكتور بحر إن «تمكين الحكومة» يكون من خلال «رفع الحصار على غزة ووفق التنسيق الأمني، ودفع رواتب الموظفين».
وسألت «القدس العربي» القيادي في فتح عن ملف «سلاح المقاومة»، خاصة في أعقاب تصريحاته الأخيرة لتلفزيون فلسطين الرسمي، حول الملف، وما تلاها من هجوم تعرض له من قبل مسؤولي حركة حماس، فرد الشيخ بوصف الانتقادات بـ «الغوغائية» وانها «لا تمت للحقيقة بصلة».
وقال «نحن نحتاج إلى صيغة ومنظومة وطنية شاملة تحكم هذا الموضوع»، لافتا إلى أنه طرح هذا الموقف خلال اجتماع الفصائل الفلسطينية الأخير في القاهرة، مضيفا «الادعاء بأن هناك سلاحا للمقاومة يحتكم فقط لقرار تنظيمي، يضرب حالة التوازن الداخلي الفلسطيني». وأكد على ضرورة أن يكون «قرار الحرب والسلام» قرارا وطنيا وقضية وطنية شاملة، نافيا ما أشيع حول مخططات لـ «سحب السلاح».
وأشار القيادي في فتح إلى «نكث» حركة حماس، الكثير مما جرى الاتفاق عليه، بخصوص ملف «التمكين»، الذي أكد أن انجازه ضرورة من أجل الانتقال إلى حل باقي ملفات المصالحة الأخرى، كتشكيل حكومة وحدة وطنية، وبحث ملف المنظمة والانتخابات. وقال كذلك أن فتح تطلب حسب ما جرى التوافق عليه في 12 أكتوبر الماضي، بأن يتم إنجاز «ملف التمكين» أولا، قبل الانتقال إلى مربعات أخرى من المصالحة، كما تنادي حماس. وأضاف «لا يمكن الانتقال إلى مربع آخر قبل المربع الأول»، وتابع متسائلا «كيف سنمضي في بحث ملف المنظمة والانتخابات والانقسام لا يزال قائما»، ورفض ما وصفها بـ «محاولة حماس الهادفة لتجاوز العقبات والادعاء بتمكين الحكومة والانتقال إلى مربعات أخرى»، ووصفها بأنها «مناورة غير مقبولة».
وبخصوص بند «دمج الموظفين»، وهو أحد البنود الواردة في ملف «تمكين الحكومة» قال الشيخ إنه جرى الاتفاق في القاهرة يوم 12 أكتوبر، على أن «نسلم مرحليا» بكل الموظفين الوجودين في غزة بـ «حكم الأمر الواقع» لحين البت في ملفاتهم، ويقصد الموظفين الذين عينتهم حماس بعد سيطرتها على غزة، مشيرا إلى أن الاتفاق يشمل عودة كل «الموظفين الشرعيين» الذين كانوا على رأس عملهم قبل سيطرة حماس، لكنه قال إن الحركة رفضت ذلك.
واشتكى الشيخ كذلك من استمرار سيطرة حركة حماس التي تنادي بتطبيق عملية المصالحة، على الكثير من الممتلكات التي تعود ملكيتها لقيادات من حركة فتح، وكذلك مقار الحركة الرئيسية في قطاع غزة، منذ سيطرتها على القطاع قبل 11 عاما. وقال إن هناك العشرات من المنازل والشقق الخاصة والمؤسسات، لا تزال حركة حماس تسيطر عليها، ولم تعدها إلى أصحابها، مؤكدا أنه كان يتوجب على حماس تقديم «مبادرة إيجابية» لإعادة هذه الممتلكات، التي طالبت بها حركة فتح في كثير من اللقاءات الخاصة. وأوضح أن حماس وعدت بذلك دون أن تنفذ الأمر، وعبر عن خشيته أن يكون الوعد على «قاعدة الترحيل». وشدد على ضرورة أن تقوم حركة حماس بإعادة هذه الممتلكات فورا إلى أصحابها، في سياق عملية المصالحة القائمة.