بثّت قناة "بي بي سي" البريطانيّة، عصر اليوم، الخميس، تقريرًا خاصًا من داخل فندق الـ"ريتز كارلتون" في العاصمة السعوديّة، الرياض، والذي تحول إلى معتقل لأبرز الأمراء ورجال الأعمال السعوديين الذين اعتقلوا في ما بات يُعرف بـ"ليلة السكاكين الطويلة"، مساء الرابع من تشرين ثانٍ/نوفمبر الجاري.
وليس معروفًا لمَ سمحت السلطات السعوديّة لمراسلة "بي بي سي" بالدّخول إلى المعتقل الذي تحوم حوله قصص تعذيبٍ وتنكيل بالمعتقلين، لكّنها تأتي في اليوم نفسه الذي نشرت فيه صحيفة "ديلي ميل" البريطانيّة أن المعتقلين يتعرّضون لتنكيل يشمل التعليق من أقدامهم والتعرض لهم جسديًا "من قبل مرتزقة أميركيين تابعين لشركة أمنيّة خاصّة"، وأوردت، كذلك، أن أبرز المعتقلين الذين تعرضوا للتنكيل هو الأمير الوليد بن طلال.
وبالطبع، ولصعوباتٍ تنفيذية، لم يتم تصوير التقرير اليوم، ردًا على تقرير "ديلي ميل"، نظرًا لأن مراسلة القناة زارت الفندق ليلًا، لكن وسائل الإعلام العربيّة والعالمية لم تتوقّف عن ذكر ما يتعرّض له المعتقلون من تعذيب وتنكيل ومساومات، نقلا عن مصادر خاصة في المملكة التي يفتقد فيها الصحافيّون أدنى حريّة للتعبير عن الرّأي.
وفي ظروفٍ كالتي تعيشها السعوديّة منذ نشأتها ومع تشديدها مع حملة الاعتقالات العشوائيّة فلا يمكن لأي مراسل صحافيّ أن يحضّر تقريرًا من داخل المعتقل دون تنسيق وتحضير من قبل السلطات السّعوديّة.
ويبدأ التقرير ممّا تقول المراسلة إنه منتصف الليل، من أمام مدخل الفندق الفاره بالرّياض، من داخل مركبة يقودها رجلان بزيّ خليجي تقليدي، وتقول المذيعة كذلك إنه روفقت من قبل مسؤولين سعوديين طلبوا منها عدم تصوير وجوه الموجودين داخل الفندق.
وقالت المراسلة إن هواتفَ المعتقلين أُبعدت عنهم، "لكنّهم يتواصلون مع عائلاتهم وشركاتهم ومحاميهم عبر خطوط ساخنة" وهو ما يُعدّ مفارقة كبيرة جدًا، فكيف تعتقل السلطات أمراء ورجال أعمال بشبهات فساد وتتركهم، في الوقت ذاته، يتواصلون مع هذه الشركات بشكل مباشر؟
ورغم أن التقرير من المفترض أن يسلّط الضوء على المعتقلين وظروف اعتقالهم، فإن المراسلة جالت في بركة السباحة وقاعات الرياضة الفسيحة... التي لا يُسمح للمعتقلين بالدخول إليها، أو حتى الخروج من غرفهم حتى.
وقابلت المراسلة خلال تقريرها الذي يتجاوز الـ3 دقائق بقليل أحد المعتقلين في الفندق، وقالت إن ما يجري ليس "تحقيقًا رسميًا بعد، إنما إجراء ودود"، فبأي حق إذًا احتفت المؤسسات السعوديّة بما سمّتها حملات مكافحة الفساد من قبل الملك وولي عهده، وبأي حق يتم اعتقال أشخاص دون إجراءاتٍ رسميّة ونشر تفاصيل عنهم، وما الفرق بين هذه الإجراءات والإخفاء القسري؟
ونقلت المراسلة عن مطّلعين قولهم إن المعتقلين عند وصولهم الفندق منتصف ليل السبت-الأحد مطلع الشهر الجاري، كانوا غاضبين جدًا وحتى أن بعضهم ظنّ ما يحدث مقلبًا وسوف ينتهي قريبًا.
وكشفت المراسلة أنه تم إخبارها أن عدد المعتقلين هو 95، وأنه من المأمول أن يتم التوصل إلى صفقات، في نهاية الأمر، يعيد بموجبها المعتقلون الأموال "أجل الخروج من هنا".
وإن كان مفهومًا لمَ استقدمت السلطات السعوديّة قناة "بي بي سي" إلى الرّياض من إجراء التقرير لا أحد أذرعها الإعلاميّة الكبيرة، فمن غير المفهوم لمَ وافقت "بي بي سي" على إجراء تحقيق كهذا