قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله: "لقد أصبح لزاما على المجتمع الدولي، ونحن نقترب من المئوية الأولى لوعد بلفور المشؤوم، إنهاء الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا، ونطالب المملكة المتحدة، بتحمل المسؤولية والاعتذار عن هذا الظلم التاريخي الذي ارتكبته بحق شعبنا وتصويبه بدل الاحتفال به، وهو الأمر الذي يعد تحديا للرأي العام العالمي المناصر لقضيتنا الوطنية، وكل أنصار العدالة والحرية وحقوق الإنسان".
جاء ذلك خلال كلمته في الاحتفال بافتتاح خمس مدارس حكومية جديدة، ووضع حجر الأساس لثماني مدارس أخرى في مدينة نابلس، اليوم الأحد بحضور محافظ محافظة نابلس أكرم الرجوب، ووزير الحكم المحلي حسين الأعرج، ووزير المواصلات سميح طبيلة، ورئيس بلدية نابلس عدلي يعيش، وعدد من الشخصيات الرسمية والاعتبارية.
وتابع رئيس الوزراء: "نتشارك اليوم لحظات فخر وسرور، ونحن نحتفل بافتتاح خمس مدارس حكومية جديدة ووضع حجر الأساس لثماني مدارس أخرى في قلب محافظة نابلس الصامدة، لتستوعب المزيد من الطلبة وتهيئ البيئة المناسبة للتعلم والإبداع. فنحن وإياكم نقف على أبواب مرحلة نسخر فيها الإمكانيات ونشمر السواعد لتطوير المؤسسات وضمان جودة الخدمات وللمزيد من الإستثمار بمنظمومة التعليم".
وأردف الحمد الله: "نيابة عن فخامة الأخ الرئيس محمود عباس، أهنئ أبناء شعبنا بهذه الإنجازات الكبرى، وأشكر كافة المتبرعين المبادرين لبناء هذه المدارس التي تقترن بالسيرة الطيبة ومآثر الذين سميت بأسمائهم. فبكرمكم ومبادرتكم وروحكم الريادية، إنما تساهمون في دعم قطاع التعليم وصنع نهضة الوطن. أحيي كذلك بلدية نابلس على جهودها الأصيلة في توفير مقومات الحياة الكريمة للمواطنين وحرصها على تكريس ظروف صحية لتطور أطفالنا وشبابنا".
وأوضح رئيس الوزراء: "إن عملنا الحكومي إنما ينصب أساسا على "المواطن أولا" وعلى تعزيز صموده وبقائه وتلبية إحتياجاته، وكما هو غاية خططنا وبرامج عملنا، فهو أيضا الوسيلة والأداة الأساسية لحماية مشروعنا الوطني وتحقيق أهدافنا المنشودة في نيل الحرية والإستقلال وإقامة الدولة".
واستطرد الحمد الله: "لقد كان لنا حراك تطويري نوعي في قطاع التربية والتعليم، هادفين إلى تطوير المنظومة التعليمية برمتها، بالتكامل بين عناصرها ومراحلها، ولتمكين بناتنا وأبنائنا من المنافسة والانخراط الإيجابي في مجالات المعارف والعلوم والتفاعل مع التطورات العلمية المتسارعة في إطار بيئة تعليمية محفزة ومتطورة، في ذات الوقت الذي نعمل فيه على تطوير مخرجات العملية التعليمية لتساهم في الحد من البطالة، حيث أطلقنا المناهج الجديدة ونظام الثانوية العامة" الإنجاز"، وراعينا إدماج التعليم المهني والتقني بالتعليم العام بخطوات متدرجة، وتوجهنا إلى رقمنة التعليم، كما وأصدرنا أول قانون فلسطيني للتربية والتعليم، وطبقنا النشاطات الحرة اللاصفية، ووسعنا البنية التحتية للمدارس والجامعات، وافتتحنا مدارس التحدي لدعم المدارس المهددة من الجدار والاستيطان".
وتابع رئيس الوزراء: "هذا بالإضافة إلى الاهتمام بجودة التعليم العالي وتعزيز البحث العلمي وتقنين التخصصات وتشجيع استحداث الجديد منها، خاصة المهنية والتقنية. إننا نهدف من وراء كل هذا إلى صقل قدرات طلابنا على المنافسة محليا ودوليا وتعزيز ثقتهم بقدرتهم على النجاح والتميز".
واستدرك الحمد الله: "تزداد أهمية واستثنائية التعليم في فلسطين في وقت لا يزال فيه شعبنا يرزح تحت احتلال عسكري ظالم يصادر الأرض والموارد ويتهدده بأبشع مخططات التهجير وبأعمال القتل والتنكيل، ويطوقه بالإستيطان والجدران ويهدم بيوته ومنشآته. فإننا ننظر إلى تطوير البنية التربوية والتعليمية، على أنه صون للهوية الوطنية ومرتكز لتحقيق التنمية ودفع للمشروع الوطني. فقوة طلابنا وقوة قضيتنا تتأتى من خلال التعليم، وبتطوره وجودته يقاس نجاح عملنا الحكومي في رعاية مصالح مواطني دولتنا والوصول بخدماتنا إلى المناطق الريفية والمهمشة والمتضررة من الجدار والاستيطان".
وأضاف رئيس الوزراء: "لقد كان بفضل كل الجهود المنضوية لتطوير التعليم، أن تمكنا من تحقيق الإنجازات على مستوى الوطن العربي والعالم، والتي كان آخرها فوز الطالبة عفاف شريف من مدرسة بنات البيرة الثانوية في مسابقة التحدي العربي. ونحن نتطلع إلى مساهمة المجتمع المحلي ورجال الأعمال والمستثمرين والقطاع الخاص في المزيد من النهوض بواقع التعليم العام والعالي في قطاع غزة".
وجدد الحمد الله مطالبته المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية، بحماية المؤسسات التعليمية في فلسطين وإلزام إسرائيل بوقف ممارساتها ضد مدارسنا ومعلمينا وطلابنا، وتمكيننا من تكريس تعليم نوعي وجامع وآمن لطلابنا في كل شبر من أرضنا.
وقال رئيس الوزراء: "إن إصرارنا على ترسيخ الأمن والنظام وسيادة القانون ومنع الفوضى والفلتان وأية مظاهر لأخذ القانون باليد، هو الذي مكن، وبفضل وعي شعبنا وإلتفافه، من تكريس الاستقرار هنا في نابلس وفي مختلف المحافظات. فتكريس الأمن هو المربع الأول الذي به ننطلق لإستدامة جهودنا في تعزيز صمود المواطنين وخلق بيئة محفزة لنمو الأعمال والاستثمارات والانطلاق نحو التنمية الوطنية. ونتطلع إلى تسلم المهام الأمنية كاملة في المناطق المسماة (ج)".
وأضاف الحمد الله: "لقد كانت جهود الحكومة في تكريس السلم الأهلي وحفظ الأمن تتلازم مع عملها الدؤوب لاستنهاض اقتصادنا الوطني، ففي الوقت الذي كانت تعمل فيه داخليا على تعظيم الإيرادات الذاتية وترشيد النفقات وإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة، ركزت على دعم المنتج الوطني وتعزيز قدرته التنافسية واستقطاب المستثمرين من خلال سلسلة من الإجراءات وفي مقدمتها، تطبيق اللامركزية وسن القوانين العصرية وتطوير البنية التحتية للمناطق الصناعية وتوقيع الاتفاقيات التجارية وفتح الأسواق الخارجية للمنتجات الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى تنظيم السوق الداخلي ومحاربة بضائع المستوطنات، وللأهمية الكبرى التي تحظى بها محافظة نابلس على الصعيد الوطني، فإننا نعمل على المزيد من الارتقاء بالواقع الاقتصادي فيها، بالتنسيق مع شركائنا الاستراتيجيين في القطاع الخاص والأهلي، وفي المحافظة والبلديات وهيئات الحكم المحلي".
وتابع رئيس الوزراء: "إننا نتوج هذه النجاحات التي حققها شعبنا الفلسطيني ومؤسساته، بخطوات وإجراءات وبرامج عمل من شأنها توفير مقومات الحياة الكريمة لأهلنا في قطاع غزة وإعادة التوازن والقوة لنظامنا السياسي. فحكومتي وبتوجيهات فخامة الرئيس محمود عباس بدأت بتسلم مهام عملها وباشرت العمل، في إطار اتفاق المصالحة واللجان الثلاث التي شكلتها، لمعالجة القضايا العالقة، وإعادة الحياة إلى غزة التي أنكتها سنوات الانقسام والحصار والعدوان. فواجبنا الآن هو إحداث تغيير ملموس في حياة أبناء شعبنا، وليساهم استقرار الأوضاع تدريجيا في ضخ المشاريع والاستثمارات في غزة".
واختتم الحمد الله كلمته: "أجدد شكري لكل المتبرعين والعاملين في بناء المدارس التي نفتتحها أو تلك التي نضع لها حجر الأساس، فبالعلم والتعلم نهضنا من ركام النكبة واللجوء والتشرد وكرسنا هويتنا الوطنية، وبالعلم أيضا، نصل لكافة المحافل الدولية وننتصر لمعاناة شعبنا ونضع الأسرة الدولية أمام مسؤولياتها في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ولجم مخططاته الهادفة إلى طمس هويتنا وكسر وحدتنا".
وكان رئيس الوزراء قد استهل جولته في نابلس بالاجتماع بمحافظ محافظة نابلس أكرم الرجوب، ومدراء المؤسسة الأمنية في المحافظة، حيث اطلع على آخر التطورات الأمنية، والجهود المبذولة في تكريس حالة الاستقرار وتوفير الأمن والأمان للمواطنين وممتلكاتهم.