يعلق المسؤولون في حركتي «فتح» و «حماس»، الذين توصلوا قبل أيام في القاهرة الى اتفاق مصالحة جديد، النجاح في تطبيقه على نوايا الحركتين التي يصفونها بـ «الجدية» هذه المرة، لكنهم لا يخفون إمكان ان يواجه احتمالات أخرى منها الفشل في حال تغير هذه النوايا، أو تغير اتجاهات المصالح في الفترة المقبلة، فيما أكدت حركة «حماس» ان السلطة الفلسطينية ستتسلم المعابر في غزة في مطلع الشهر المقبل.
واتسم الاتفاق، الذي وقع الخميس الماضي في العاصمة المصرية، بالعمومية، ما يجعل الاختلاف على تفسيره أمراً ممكناً. كما انه أجّل مصير القضايا الصعبة والكبيرة إلى مرحلة لاحقة الأمر الذي يحمل في طياته احتمالات الاتفاق واحتمالات الاختلاف أيضاً.
وتشير التقديرات الى ان الاتفاق الجديد يواجه ثلاثة سيناريوهات: الاول حدوث اختلاف جدي في التطبيق والعودة الى نقطة الصفر من جديد، كما حدث في الاتفاقات السابقة.
ونص الاتفاق على تمكين الحكومة تولي مسؤولياتها على الوزارات والدوائر الحكومية واجهزة الشرطة والامن والمعابر في موعد أقصاه الأول من كانون الأول (ديسمبر) المقبل. ونص كذلك على تشكيل لجان لدراسة اوضاع الموظفين واعادة دمج الموظفين القدامى والجدد، واجهزة الامن القديمة والجديدة.
ويعترف المسؤولون في الجانبين بوجود امكان كبير لوقوع خلافات جدية اثناء التطبيق. ويقول مسؤولون في «حماس» بأن جميع الموظفين الذين عينتهم الحركة وحكوماتها سيظلون على هياكل الحكومة. لكن المسؤولين في حركة «فتح» يقولون ان ذلك غير ممكن لأسباب ادارية ومالية، مشيرين الى انهم سيقدمون حلولاً عملية، منها تثبيت البعض، ونقل البعض الآخر الى مواقع اخرى، واحالة الجزء الثالث الى التقاعد المبكر.
كما تربط «فتح» النجاح في تسوية ملف موظفي الحكومة بتوفير دعم دولي اضافي، مشيرة الى تراجع كبير في الدعم الدولي بخاصة من دول الاتحاد الاوروبي الذي تراجع من 600 مليون دولار سنوياً الى 300 مليون فقط.
وسيتلقى هؤلاء الموظفون نسبة 50 في المئة من رواتبهم خلال المرحلة الانتقالية التي سيتم خلالها بحث مصيرهم وتقريره، ومدتها اربعة شهور. والسؤال الذي يبرز هنا: ماذا لم لو لم يتم الاتفاق على مصيرهم خلال هذه الفترة، وخصوصاً أن مسؤولياتهم ومواقعهم الوظيفية مرتبطة بقضايا خلافية كبرى، مثل من يملك السيطرة الفعلية على الارض في غزة، الحكومة أم حركة «حماس» التي ينتمي اليها العدد الاكبر من هؤلاء. ويتوقع البعض حدوث الاختلاف بصورة اكبر في اعادة دمج اجهزة الامن التي تسيطر فعليا على الارض.
وفي حال نجاح الطرفين في تمكين الحكومة من اداء عملها بنجاح، واعادة دمج الجهازين المدني والعسكري، فان الاتفاق يواجه احتمالين: الأول هو التوقف عند هذه النقطة وعدم التقدم في القضايا الكبيرة المؤجلة، مثل الشراكة في منظمة التحرير، وتفعيل المجلس التشريعي، واعادة تشكيل المجلس الوطني، واجراء انتخابات عامة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ووضع التشكيلات والأجنحة العسكرية وغيرها.
اما السيناريو الثاني، وهو الأقل حظاً، فهو الاتفاق الكامل على هذه القضايا والتحول الى نظام ديموقراطي يعتمد الانتخابات الحرة والتوافقات الوطنية.
ويرى كثير من المراقبين ان النجاح في تطبيق المرحلة الاولى من الاتفاق اكثر سهولة من المرحلة الثانية التي تتناول مثل هذه القضايا الخلافية الكبيرة. ويعترف المسؤولون في الطرفين ان الاتفاق على الشراكة في منظمة التحرير وعلى اعادة بناء المجلس الوطني وبناء المنظمة والاتفاق على برنامج سياسي مقبول دولياً، والاتفاق على برنامج الحكومة، كلها أمور بالغة الصعوبة.
ويخشى مسؤولون في «فتح» أن يتوقف الاتفاق عند المرحلة الأولى التي ستتحمل فيها حكومتهم الأعباء الكبيرة فيها. ويذهب بعضهم إلى حد اعتبار مثل هذا السيناريو فخاً من حركة «حماس» للتخلص من اعباء الحكم والقائه في حضن السلطة.
لكن حركة «حماس» تقول انها ستبدي مرونة كافية لانجاح الحوارات التالية. وقدم مسؤولون في «حماس» اقتراحات لتبديد مخاوف «فتح»، منها ان قرار أي حرب قادمة مع إسرائيل سيكون قراراً جماعياً، وليس قرار الحركة بمفردها، كما كانت عليه الحال في الحروب السابقة. ومنها بقاء القوات المسلحة لحركة «حماس» تحت الارض، وعدم ظهور اي مظاهر عسكرية على سطح الارض في غزة.
وأثار هذه الاتفاق الكثير من الآمال، بخاصة بين اهالي قطاع غزة الذين يعانون من الحصار الخانق. لكنه اثار ايضاً الكثير من المخاوف من ان يلاقي مصير اكثر من سبعة اتفاقات مماثلة سابقة.