لا يختلف اثنان على أن الانقسام الفلسطيني كان له تأثيرا جليا على حالة المواجهة مع الاحتلال وقد غير من قواعد الاشتباك مع العدو لصالح العدو وقد أدى ذلك إلى إخماد جذوة الصراع وحالة الاشتباك اليومي ووفر حالة من الأمن والاستقرار لدولة الكيان لم تشهدها في تاريخها مما أدى قيام الاحتلال بالاستفراد بالمواطن وما تبقى من الأرض الفلسطينية بسبب غياب الوحدة الوطنية وتغير الأولويات الفلسطينية من أولويات لمواجهة وكنس الاحتلال إلى أولويات مرتبطة بإدامة عمر الانقسام ومواجهة أعبائه الإنسانية والخدماتية والحفاظ على الكيانات الانفصالية في شطري الوطن
إن هذه الحالة المثالية والنموذجية بالنسبة للاحتلال بوجود سلطتين بتوجهات متباينة كانت خدمة مجانية للاحتلال وعبث وطني بامتياز ناهيك على أن الأوضاع الداخلية الفلسطينية المبعثرة أدت إلى تراجع الدعم العربي للقضية الفلسطينية وضعف في حالة تفاعل الجماهير العربية مع إجراءات وممارسات الاحتلال بحق أبناء شعبنا لتصبح القضية الفلسطينية والمشروع الوطني بعيدة عن اهتمامات العرب والفلسطينيين على حد سواء.
جاءت عملية القدس الفردية النابعة من صدق الانتماء للوطن والقضية لتجدد النفس الكفاحي والروح الثورية وتلطم بحضورها وتأثيرها الفصائل الجهادية والوطنية وأعادت إلى الأذهان طبيعة الاحتلال بصفته المشكلة الرئيسية والمعضلة الأساسية.
الشهيد نمر الجمل والذي كان له نصيب من اسمه ترجمه في ساحات الشرف والكرامة الوطنية كان بارعا في اصطياد الجنود على الحواجز كالنمر وكان صبورا جلدا كالجمل في هدوء أعصابه ورباطة جأشه وجرأته وثباته.
إن حالة الرضي والاستحسان من الكل الفلسطيني والجماهير العربية لهذه العملية التي وقعت على تخوم ومشارف القدس لها دلالات كبيرة وثمرات كثيرة منها :
-
ضرورة الوقوف سويا والتفكير مليا والتحرك عمليا لإنهاء الانقسام جذريا وتثبيت الوحدة الوطنية أبديا كصمام أمان للوطن والقضية.
-
الخروج ببرنامج وطني واحد يجمع الكل الفلسطيني ويضمن تفعيل أدوات وخيارات المواجهة مع الاحتلال.
-
إدراك أهمية الوحدة الوطنية في خلق أزمة للاحتلال وجعل الموقف الفلسطيني أكثر صلابة وتماسكا في مواجهة العنجهية والتمدد الاستيطاني.
-
استعادة مشاهد الوحدة الوطنية التي تجسدت في كثير من مواقع المواجهة وساحات العزة والكرامة إبان سنوات الانتفاضة وفي زمن الشهيد ياسر عرفات.
-
حالة المزاوجة بين المقاومة ومواجهة متطلبات وهموم المواطن اليومية هي حالة عقيمة وفكرة سقيمة المقصود منها تشتيت الجهد المقاوم ضد الاحتلال والغرق في متاهات السلطة والمسئولية وصولا إلى تدجين حركات المقاومة وتحويلها إلى شرطة محلية.
-
إعادة القضية إلى المربع الأساسي باعتبار قادة الفصائل هم قادة حركات تحرر وطني وهم الطليعة في مواجهة مخططات الاحتلال وليس وزراء في حكومات تحت نير الاحتلال وهذا يتطلب ترك المجال لحكومة الوحدة القادمة أو حكومة الكفاءات لعلاج المشاكل الإنسانية وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية.
-
ضرورة التركيز على قضايا الشباب الكبرى وإيجاد حلول لها وإدراك أهمية ودور الشباب في رقي وتطور المجتمعات.
-
إدراك أن هناك أغلبية صامتة من المجتمع الفلسطيني لا يروق لها حالة التيه والضياع والتخبط والانتحار الوطني قادرة على تسجيل موقف وطني متقدم عن موقف الفصائل.
وأخيرا ومسك الختام إلى روحك الطاهرة سلام شهيدنا المقدام وفارسنا الهمام فبمثلك لا يمكن أن نُضام وعلى نهجك ودربك لا نعرف الخصام.