أُثيرت أسئلة عدة من قبل المواطن الفلسطينيين والرأى العام والصحفيين والإعلاميين والكتاب والمفكرين، مضمونها لماذا لم يُكتب للمصالحة الفلسطينية النجاح على مدار أكثر من عشر سنوات؟، على الرغم من اللقاءات المكوكية التى أجريت فى الداخل والعواصم العربية وغيرها، ومن الذى كان يُعطلها؟ وهل القرار كان غير فلسطيني، وإنما قرار عربي و دولي وربما برضى إسرائيلي؟.
اليوم وبعد معاناة طويلة عاشها قاطني قطاع غزة من إنقطاع لكافة شرايين الحياة وربما تعطلها بالكامل، خرجت الى النور مصالحة جدية هذه المرة برعاية مصرية حازمة، وصمت إسرائيلي مراقب، وتأييد أمريكي ودولي بما فيها الرباعية الدولية وبعض العربي، ومع توفير الدعم من أجل إنقاذ قطاع غزة وبسط سيطرة حكومة الوفاق الوطنى على كافة المؤسسات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتعليمية والأمنية والشرطية و المعابر والمنفاذ.
يوم الاثنين القادم اليوم الذى ينتظره الكل الفلسطيني وبخاصة أهل قطاع غزة أولاً والمراقب الإسرائيلي والعربي والدولي ثانياً، والمتثل بذهاب حكومة الوفاق الوطنى بكافة وزرائها ورئيس مجلسها دولة د.رامي الحمد لله وعقد جلستها الأسبوعية هناك، ومتابعة كيف سيتم إستلام وتسلم الدوائر والمؤسسات والهيئات فى القطاع؟ وكيف سيكون تعامل الأجهزة الموجودة فى القطاع مع الوزراء القادمين من الضفة الغربية؟ وأسئلة كثيرة ننتظر الإجابة عليها عملياً على ارض الواقع.
هل حماس هذه المرة جادة فى إتمام المصالحة وإنهاء الإنقسام ودفن حفرة الإنقسام دون رجعة، أعتقد بأن القيادة الحالية التى تقود حماس فى غزة، لا يوجد لديها مصالح مثل السابقين الذين كانوا يضعون المعيقات لإستمرار الإنقسام ولزيادة إستثمار مصالحهم على حساب الشعب الذى أنُهك فى القطاع، وما تصريحات قائد حماس فى غزة يحيى السنوار بأن ترتقي إلى حد " من يحاول عرقلة المصالحة بكسر عنقه" وكذلك رقع الغطاء التنظيمي عنه، ما هى إلا تصريحات جريئة وقوية تُدلل بأن النوايا جادة، فى ظل دفعة قوية من الرئيس "ابو مازن" بتوحيد جناحي الوطن تحت حكومة وقيادة واحدة، وصولاً لإجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية، وينطبق كذلك على المجلس الوطنى الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ما يهم المواطن فى قطاع غزة الآن هو أن يخرج من الظلام والمستنقع الوحل، ليعيش مثل بقية العالم بحرية وكرامة، وإعادة ترميم شرايين الحياة للقطاع، بعد أن أجريت عملية القسطرة مروراً بعملية قلب المفتوح لتغيير كافة الشرايين المغلقة لكي يتدفق الدم فى عروقهم وإنعاشهم لكي تستمر الحياة بعزة وكرامة.
يقينياً بداية عام 2018 هو عام الفرج على أهل قطاع غزة، بعد أن يتم فتح المعابر والحدود وإعادة الموظفين الى مؤسساتهم الحكومية، وممارس حكومة الوفاق لمهامها على كافة المناحي، وسيتم فتح أبواب فرص العمل الجديدة للخريجين والعاطلين، وستعمل إسرائيل على فتح معبر بيت حانون"إيرز" لإدخال العمال الفلسطينيين للعمل فى داخل فلسطين المحتلة،فعملياً بات لدى أهل غزة يقين كبير وتجربة لا يمكن تكرارها فى الحياة المعيشية التى عانوها على مدار أكثر من عشر سنوات، فالمثل الذى يقول "بأن الجزار لايمكن أن يصبح جزاراً ماهراً إلا بعد أن يتم قطع أحد أصابعه"، بعد كل هذه المعاناة التى مروا بها سيصبح أهل غزة بمعرفة ودراية بمصالحهم التى يجب أن يحافظوا عليها من أجل أن يكون لهم مستقبل باهر ومتطور على غرار أبناء شعبهم فى الضفة الغربية، هذا ما نأمل أن نراه قريباً ويتجسد على أرض الواقع وأن تبقى مصالح الوطن والمواطن أسمى وأرفع من المصالح الحزبية الضيقة.