تعتبر الجمعية العامة للأمم المتحدة صاحبة الصلاحية الوحيدة لتجديد التفويض الدوري لعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا"، أو لتعديل، أو نقل، أو إنهاء خدماتها، وفي المقابل فإن اللوبي الصهيوني لم ولن يتوقف عن محاولات الضغط على الإدارة الأميركية والدول المانحة وعلى دول في الأمم المتحدة لتحقيق ما يريد من الخيارات الثلاثة الأخيرة لاعتبارات محض سياسية بالتمهيد لإزالة "العقبة الكأداء أمام عملية التسوية، قضية اللاجئين وحق العودة".
وبعد أن طلب نتنياهو من سفيرة أميركا في الأمم المتحدة نيكي هيلي العمل على تفكيك "الأونروا" ونقل خدماتها للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين حين التقاها في 11/6/2017، ليس من المستبعد كذلك أن يكون نتنياهو قد طلب نفس الأمر من كل من الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جاريد كوشنير عن الموضوع، ما يعطي المزيد من المؤشرات المنهجية لخطوات استهداف "الأونروا" بحسب ما نقلته صحيفة معاريف العبرية، يوم الجمعة الماضي، من أن مسؤولاً من وزارة الخارجية الإسرائيلية قام قبل أسابيع بزيارة الولايات المتحدة وعرض حلولاً لتغيير تفويض "الأونروا"، وأن وفداً إسرائيلياً توجه، أول من أمس، إلى أميركا يرأسه نائبة وزير الخارجية تسيبي خوتوفيل وستلتقي هناك مع السناتور تيد كروز المسؤول عن هذا الملف".
نعتقد أنه وعلى أهمية الحراك الشعبي والفصائلي السياسي التراكمي، واستمراريته في سياق التوعية والتأثير والضغط على صانع القرار، إلا أنه بات الأمر يحتاج كذلك للتحرك السريع باتجاه من يصنع القرار في عواصم بعض الدول المؤثرة، لذلك هي دعوة لتفعيل الدور الفلسطيني الرسمي في الأمم المتحدة والاستفادة من عضوية دولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة وكأحد الأعضاء الثلاثة المراقبين في اللجنة الاستشارية للأونروا مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وتحرك جاد كذلك لجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، واتحاد البرلمانيين العرب، والدول المضيفة للاجئين، والدول الغربية والإسلامية الصديقة للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى حراك لوكالة "الأونروا" نفسها وأطرها المختلفة وموظفيها للوقوف أمام محاولات الكيان الصهيوني.
الموضوع جد خطير وخطورته سياسية وأمنية بالدرجة الأولى؛ إذ يهدد مصير حوالى 6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات "الأونروا" بحرمانهم من حقهم في العودة، وهم الذين يعيشون حالياً أوضاعاً إنسانية صعبة في 58 مخيماً معترف بها من قبل "الأونروا" والدول المضيفة وفي تجمعات متناثرة في الضفة الغربية وقطاع غزة وسورية والأردن ولبنان، ويهدد بتفريغ القرار 194 لتاريخ 11/12/1948 من محتواه الذي أكد حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات، وارتباطه بقرار تأسيس وكالة "الأونروا" تجاه ما تضمنه القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لتاريخ 8/12/1949 في ديباجته والفقرة الخامسة والفقرة العشرين التي أشارت إلى تطبيق القرار 194، وهذا الأمر سيتسبب بالمزيد من الفوضى الأمنية في المنطقة، ويزيد الأمر خطورة وضع اللمسات الأخيرة على آخر التحضيرات لانطلاق أعمال الدورة 72 للجمعية العامة بعد أيام بإمكانية طرح الموضوع على جدول أعمال الجمعية الذي يتحكم فيه – وفق صلاحياته - داني دانون سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، الذي انتخب نائباً لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنة ابتداءً.
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني. مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين.