الجيش يقصف والإعلام يترجم الرسائل..اسماعيل مهرة

الأحد 10 سبتمبر 2017 10:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
الجيش يقصف والإعلام يترجم الرسائل..اسماعيل مهرة



قبل أسبوعين استنتج الإعلام الإسرائيلي ان لقاء بوتين - نتنياهو فشل في التوصل إلى تفاهم روسي إسرائيلي يؤمّن مصالح إسرائيل، ونحن حقيقة لا نستطيع سوى أن نتعاطى مع هذا الاستنتاج بشك كبير، لا سيما وأننا ندرك أنه مبني على معلومات وردت في صحيفة روسية، وجرى في الإعلام الإسرائيلي المناوئ لنتنياهو تضخيمه، وكُتب ونُشر الكثير من التحليلات التي تؤكد على أن نتنياهو فشل مع بوتين كما فشل مع ترامب فيما يتعلق بالملف السوري.

ونحن كتبنا أن ما يروج له في الإعلام الإسرائيلي من هزيمة لإسرائيل في الساحة السورية لا يُعتبر هزيمة حقيقية فعلًا بقدر ما هو فشل إسرائيل في تحقيق الجزء الأكبر من طموحاتها، وعندما يروج الإعلام الإسرائيلي مفهوم فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها الكبرى على أنه هزيمة؛ فإنه يقوم هنا مقام المحرض الذي يبالغ في نشر التهديدات، ويحث الحكومة على المزيد من النشاط العدواني، وكأنما يهيئ الجمهور على قبول أي عمل هجومي عدواني إسرائيلي على الأراضي السورية، باعتباره أمرًا حيويًا لحماية أمن المواطنين الإسرائيليين وتأمين مصالح إسرائيل، وتأكيدًا ملحًا على الخطوط الحمر الإسرائيلية التي باتت تشكل إجماعًا إسرائيليًا؛ هذه الخطوط التي أعلنها أولمرت وطورها وزاد عليها نتنياهو ويعلون وليبرمان، وبالمناسبة فإنها خطوط متحركة تصاعديًا بحسب ضعف الدولة السورية، فما كان مسموحًا به في السابق بات اليوم خطًا أحمر، فإسرائيل لا تقدس الوضع الراهن طالما بات بالإمكان اختراقه وتعديله وفرض واقع جديد دون ثمن أو بثمن معقول مقارنة بالهدف.

فجر أول أمس، وعلى خلفية المناورات الكبيرة وغير المسبوقة في الجبهة الشمالية، قصف موقع عسكري شمال غرب سوريا، والتصريح الرسمي غير المباشر الوحيد الذي يمكن ربطه بالقصف جاء في المساء أثناء لقاء إذاعي مع ليبرمان، الذي أكد على أن إسرائيل لا تقوم بأية مغامرات، وكل ما تقوم به يأتي في إطار حماية أمن مواطنيها. لكن وحتى قبل تصريحات ليبرمان هذه، كل الإعلام الإسرائيلي وكتاب الرأي استنتجوا ان إسرائيل هي التي قامت بالقصف، ونشروا بكثافة وتركيز أهداف ورسائل إسرائيل التي تقف خلف عملية القصف، رسائل موجهة لبوتين وأخرى لإيران وسوريا وحزب الله، وملخصها رسائل تهديد وردع تعزز رسائل المناورة الكبرى في الشمال.

ومن الملفت ان الإعلام بتحليلاته أضاف للخطوط الحمر خطًا جديدًا يتمثل بقصف معامل تنتج الصواريخ، معامل كانت موجودة في سوريا منذ عقدين ولم تكن الخطوط الحمراء الإسرائيلية تشملها. فالإعلام الإسرائيلي هنا يقوم بدور وظيفي مكمل للجيش ولوزارة الخارجية، فيسمح للحكومة بأن تتملص من تحمل المسؤولية المباشرة عن العدوان، لكنه يؤكد المسؤولية الإسرائيلية، ويترجم وينشر بوضوح وبالخط العريض الرسائل الردعية حتى يضمنوا ان تستوعب رسائلهم وتفهم من قبل الأطراف المستهدفة، على أمل ان تتغلغل هذه الرسائل عميقًا في وعي صاحب القرار في سوريا.