المقال الجرئ الذي نشره القيادي في حركة حماس د. غازي حمد اليوم الكثير من ردود الافعال المؤيدة والرافضة لطرحه وجراته غير المعهودة في تبيان مظاهر الخلل في حماس والحركات السياسية الاسلامية وعلى راسها حركة الاخوان المسلمين وكيفية فهم حركات الاسلام السياسي لحقيقة التطورات السياسية ومدى ملاءمة افكارها لما يحدث في العالم اليوم.
"سما" التقت عدد من المحلليين والكتاب الفلسطينيين الذين القوا الضوء على مقال "حمد" كل من زاويته ورؤيته وفهمه لمقاصد كاتب المقال ودوافعه التي ادت به الى اطلاق تلك الصرخة المدوية التي تطالب بمراجعات حقيقية ووقفة مع الذات قبل فوات الاوان.
المحلل السياسي والمقرب من حركة حماس، مصطفى الصواف، قال ان من حق الدكتور غازي حمد ان يكتب ما يريد وان ينتقد كل ما يراه مخالفا، اتفق معه في الكثير مما قاله واختلف في بعضها ، قد يكون حمد اصاب في مقاله اصابة مباشرة ، في بعض القضايا والنقاط، وكل عمل يجب ان يتعرض للنقد والتقييم من قبل الكتاب والمراقبين، ولابد لهم من التعبير عن وجهات النظر في سياسات هذا التنظيم او ذاك.
واوضح الصواف ان الدكتور "حمد" هو ابن حماس وكل ما تحدث به من باب الناقد البصير الذي يعرف صلب الحكاية وعلى دراية بكل الامور، وعلى الاخوة في حماس النظر بكل ما جاء في مقال غازي حمد ومن ثم يجب عليهم محاولة التقريب والتذكير بما قالوا وفيما اتفقوا اواختلفوا فيه".
المحلل السياسي طلال عوكل، اكد ان ما جاء في مقال القيادي في حركة حماس الدكتور غازي حمد، المنتقد تفرد حركته في الحكم، وقيامه بطرح أسباب اخفاق الحركة في العديد من القضايا يعتبر " قراءة جميلة وعميقة لتجربة حماس وفيه محاولة لوضع الاصبع على العديد من الجراح وليس كلها" موضحا ان هذه القراءة يجب ان تشكل اساسي واقعي من قبل قيادة حماس لإعادة الاستفادة في كل ما ورد فيها وان يتم توسيع دائرة الملاحظة والنقد حتى يتسنى لهم الاستماع إلى نصائح أخرى " وخاصة اذا إذا كانت الحركة تريد ان تفتح مرحلة جديدة مختلفة عن السابق".
واوضح عوكل في تصريحات خاصة لوكالة " سما" ان ما قدمه القيادي في حماس هو شيء مهم ياتي من قيادي بارز في الحركة وعلى اضطلاع بكل امور الحركة مشيرا الى ان على حماس تحمل كل ما يصدر من المجتمع من نقد.
وقال "اتمنى ان يكون مقال غازي حمد فاتحة خير لحركة نقدية سياسية فلسطينية اوسع مما قدمه والا تكون مقتصرة على حركة حماس " موضحا " " نحن نحتاج الى حركة نقدية جريئة وعلى السلطات والمسؤولين تقبل أي نقد يصدر، وان يحاولوا الاستفادة فنحن لا نريد ان نطبق المثل " دان من طين ودان من عجين" وان كل منا يسمع صدى صوته فقط والمطلوب هو الاستماع الى الصوت المعارض".
وحول رؤية غازي حمد للمصالحة الوطنية والتي قال فيها بانه بدون المصالحة ستخسر الحركتان فتح وحماس خسارة كبيرة جدا ، قال الكاتب والسياسي الفلسطيني يحيي رباح "اتفق تمانا مع ما قاله غازي حمد وادعو الطرفين لبذل الجهود لتحقيق بنود اتفاق تحقيق المصالحة لانه الحالة الفلسطينية مزرية وحماس تستاثر بحكم غزة".
واضاف "عندما كان خالد مشعل رئيسا للمكتب السياسي لحماس دعا حركته الى مراجعة كبيرة حول علاقتها بفتح والسلطة ومراجعة اخطائها موضحا " بدون قيام حماس بخطوة حقيقية فان الشعب الفلسطيني سيكون هو الخاسر الوحيد".
من جانبه وصف المحلل السياسي الدكتور حسام الدجني، مقال الدكتور حمد بالشامل الذي قام عمليا بتوصيف المرض، مشيرا الى ان المقال "يعتبر من المراجعات المهمة التي تعصف بصفوف قيادات حركة حماس من اجل الوصول إلى مرحلة الارتقاء وتحقيق الهدف الاسمي في قيادة المشروع الوطني ولذلك ينبغي ان تكون هناك مراجعات دورية وتقييم شامل لاداء الحركة".
واستدرك الدجني "المقال لم يضع العلاج الشامل لمشاكل الحركة وما هو المطلوب من حركة حماس فعله لكي تتجاوز هذه المعظلة" مؤكدا ان هناك توافق كبير فيما طرحه الدكتور حمد من قبل الباحثين والنخب والمختصين في شؤون حركة حماس.
واضاف: " لا احد يستطيع ان ينكر حجم الخطأ الذي وقع بين حركتي فتح وحماس، مشيرا الى ان الحركة الوطنية كانت تعاني منذ زمن من اخفاقات واشكاليات ممتدة من منظمة التحرير الى حركة حماس وفتح ، لذلك لابد من مراجعات العلاقات البينية بين فصائل المقاومة الفلسطينية ، والتي لا تقوم على ثقة ولا تقوم على فكرة بناء أوطان".
وتابع: " الدكتور غازي طرح مسألة هامة في العلاقة البينية، وهي أن العلاقات بين الفصائل لابد من ان تكون قائمة على التكامل في خدمة المشروع الوطني والتحرري " موضحا "هذه العلاقة انتقلت من مرحلة الاشتباك السياسي الى مرحلة الاشتباك المسلح ، وصولا الى مرحلة القطيعة والتحالف مع الشيطان من اجل إيذاء الاخر".
وطالب الدجني حركة حماس "بالوقوف على ما طرحه المقال، من اجل تعديل مسار الحركة فهي لم تعد حركة صغيرة" مبينا ان حركة حماس تقود شعب ،لذلك لابد من المراجعات الدورية لتصحيح مسار الحركة من خلال سنوات التجربة السياسية الماضية.
القيادي في حركة حماس الدكتور احمد يوسف ، كتب معقبا على ما جاء في مقال الدكتور غازي حمد، إن في المقال ما يعكس ثقافة الأخيار، من حيث "إن الرائد لا يكذب أهله"، وفيه اعتراف بما لنا وما علينا، وأين أصبنا وأين أخطأنا؟ وبصراحة تصيب كبد الحقيقة، وتُعري – بأدب ولغة الصالحين من عباده - كل من يحاول التدثر بثوب القداسة، والتمحك بطهارة التكليف والاستثناء الرسالي؛ لأن نواميس الكون لا تحابي أحداً، وكل من تخلف عن فهم تلك السُنن طوت أشرعته السنين، وأخذ يقلب كفيه على ما أنفق فيها، حيث لا ينفع ولات حين مندم"..