لا يمكن لمتأمل في ملابسات الجريمة التي راح ضحيتها أب من بيت لحم، تآمر عليه ابناؤه الثلاثة الا ان يتلمس "بصمة قدر" وتدبيراً محكماً، وراء كل ما جرى في تلك الليلة.
التفاصيل التي رواها تقرير تلفزيوني كشفت ان الاب اصيب بجلطة (هي سبب الوفاة كما ظهر لاحقاً) بعدما دفعه احد ابناءه خلال خلاف عائلي حاد تحول الى شجار.
لمّا وقع الابُ ارضاً مغشياً عليه ظن الابناء، ربما، انهم قتلوا اباهم، هذا احتمال. واحتمال اخر انهم قرروا انه لا يجب ان يستفيق مجدداً.
لا نعرف الحقيقة بالضبط حتى الان، لكننا نعرف انهم بدأوا يتآمرون لجريمة او لاخفاء ما اعتقدوه جريمة، بدلاً من محاولة انقاذه.
ساعه كاملة مرت، والابناء يخططون لجريمتهم حول ابيهم المدد ارضاً، ويدبرون لعملية تمويه تخفي جريمة لم يكونوا قد ارتكبوها حتى اللحظة، لكن القدر شاء ان يعمي ابصارهم عن هذه الحقيقة.
يمكرون ويمكر الله
قرر الابناء حمل ابيهم وتعاونوا على نقله الى السيارة، واختاروا طريقاً شديدة الانحدار لتنقلب هناك، ومن ثم اضرموا النار فيها ليبدوا الامر كحادث سير ذاتي، سيارة فقد سائقها السيطرة عليها فانقلبت ثم اشتعلت بها النيران وانفجرت.
هكذا ظن الثلاثة الاشقياء انهم نفذوا "الجريمة الكاملة" التي لن يشك احد في انها مجرد حادثة سببها القدر، فارتد عليهم هذا القدر وانقلب السحر على السحرة.
على الطريق ذاتها الواقعة شرق بيت لحم، كان 5 عمال في طريقهم الى عملهم فجراً فلمحوا ناراً من بعيد. ولما اقتربوا منها وجدوها سيارة مشتعله. ترجلوا واقتربوا منها، فإذا برجل بداخلها، والسيارة مغلقة، كسروا زجاجها وسحبوا الرجل.
وفي اشارة قدر جديدة، يروي احد العمال انه وبعد لحظات قليلة من سحب الرجل، انفجرت السيارة!
نقل الأب للمشفى وبالكشف عن جثته لوحظ ان رائحة البنزين تفوح منها وان الحروق التي لحقت بها بسيطة ولا تؤدي للوفاة. وهنا بدأ الشك بانها جريمة مدبرة وان الحريق عملية تمويه وان ما حدث ليس مجرد حادث سير، كما تروي الشرطة.
وقد سجل التقرير الطبي ان السبب الحقيقي للوفاة هو "الجلطة" رغم ان توقيت الوفاة لم يتضح بدقة، ولا الوقت بين الاصابة بها والوفاة. وبسبب الجلطة ورائحة البنزين تكشفت خيوط الجريمة واتجهت اصابع الاتهام الى الابناء الذين اقروا بفعلتهم.
انتهت القصة، ولم تنته التحقيقات بعد، وامام السنة اللهب المتصاعدة من السيارة كانت تتراقص الاسئلة والاحتمالات: ماذا لو ان الابناء نقلوا أباهم الى المشفى فور وقوعه؟ ماذا لو ان العمال لم يمروا من تلك الطريق ليلتها؟ وماذا لو انهم مروا لكن متأخرين قليلاً؟ وماذا لو ان السيارة انفجرت وهم يحاولون انقاذ الاب؟
الف احتمال واحتمال كان يمكن ان يحدث، ولا تفصل بين كل تلك الاحتمالات سوى لحظات وقرارات، وتدبير أكبر من رب قدير، تدبيره فاق كل تدبير، ومكره غلب كل مكر، وفي ذلك فليتفكروا!
"وكالات