تعرف على أول مأذونة شرعية بالضفة المحتلة

الثلاثاء 29 أغسطس 2017 05:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
تعرف على أول مأذونة شرعية بالضفة المحتلة



وكالات

ضمن الحلقة الخامسة والسبعون من برنامج "أصوات من طوباس"  التابع لوزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، كانت تجربة أول مأذونة شرعية في شمال الضفة الغربية.

 فداء توفيق دراغمة  اول مأذونة شرعية فلسطينية ، تحدثت عن سيرة كفاحها، ومسيرتها التعليمية اللافتة، وبدايات عملها في توثيق عقود الزواج.

وتقول  بدأت قصتي مبكرا، فقد تزوجت في السادسة عشرة، وتوفي زوجي فيصل عبد الرازق عام 1993، وأنا في الثانية والعشرين، وكنت أمًا لولدين وبنتين، ولم أحمل حينها أي مؤهل علمي، إذ خرجت من المدرسة قبل "التوجيهي"، وبعد رحيل رفيق دربي، اخترت أن انطلق وأعمل، ولم انتظر الشفقة من أحد، وشعرت أن من لا يتسلح بشهادة يخسر كثيرًا، وعليه تغيير واقعه، ولم تسمح لي كرامتي بالاعتماد على غيري، وقررت ألا أرفع الراية البيضاء، وأقدم تجربة للمرأة القوية والقيادية والطموحة.

تضيف دراغمة: شجعتني عائلتي كثيرا، وكان اخوتي يتناوبون على المبيت في منزلي بعد وفاة زوجي، وساندني أولادي كثيرا، وفرحوا بتسجيلي للدكتوراه، وقبلها بوظيفة المأذونة، وعندي الكثير من الطموح والإصرار، وسأثبت بحول الله قدرتي في مناصب وأدوار أرفع للمرأة.

سلاح الورق

دراغمة  كانت قد عادت إلى التعليم بعد انقطاع 12 عاما، واجتازت الثانوية العامة، ثم انتقلت لدراسة الجامعة وأنهت البكالوريوس في جامعة القدس المفتوحة، ووجدت وظيفة في المحكمة الشرعية، ولم يتوقف حلمها عند هذا الحد، فانتقلت لدراسة الماجستير في جامعة القدس بأبو ديس، فيما كان أولادها يتعلمون في مدارسهم، وايقنت أن التعليم هو السلاح.

تتابع: درس ابني البكر وليد الطب في ألمانيا، ويواصل التخصص في مستشفياتها، وشجعني كثيرا على المضي في أحلامي، وأكمل أحمد الماجستير في الاقتصاد، وحازت يسرى على ماجستير القانون، وتحمل لبنى دبلوم الصحة، واليوم تقدمت أنا بمنحة للدكتوراه في ألمانيا، واجتزت دورة للغتها بنجاح، واستعد لبداية طموح جديد، وحلمي أن أمثل وطني في المحافل الدولية.

ووفق الراوية، فقد علمت أولادها الاعتماد على الذات في سن مبكر، وافتتحت بقالة لصغيرها أحمد، وعلمته أصول البيع والشراء، ثم انتقلت للعمل في المحكمة الشرعية عام 2006، حين بدأت في قسم الإرشاد والإصلاح الأسري، واستطاعت النجاح في عملها، وانتزعت فتيل الكثير من الأزمات العائلية باقتدار.

تزيد دراغمة: بدأت البحث في المراجع الدينية عن عمل المرأة كمأذون شرعي، ولم أجد أي مانع ديني لذلك، فتقدمت بطلب عام 2013 للمحكمة للسماح لي بتوثيق عقود الزواج، واشترطت أن يكون طلبي سريًا؛ للحفاظ على فكرتي، وشجعني مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في جهودي، لكن تصادفت الموافقة على طلبي وجودي في المستشفى، وسعدت بلقب أول مأذونة، وشاهدت أن سيدة مصرية تزاول هذا الدور الهام في مهنة يستأثر الرجال بها، ولا تتعارض مع تعاليم الشرع.

عقود وزغاريد

حظيت الساردة بدعم من عشائر مدينتها، ووجد العرسان راحة كبيرة في التعامل معها، وتطمح بالسماح لها بتوثيق عقود الزواج خارج المحكمة أسوة بالرجال، وسجلت أول عقد عام 2015، وتحرص قبل البدء في عملها على تلاوة نصوص من القرآن والسنة تظهر مكانة الأسرة، ثم تتعمق في أسئلتها للزوجين، وتكرر أسئلتها خشية وجود أي إكراه، واكتشفت لاحقا حالة إجبار لشاب أرغمه أهله على الخطوبة، ولم تسمع تعليقات سلبية منذ تعيينها في هذا الموقع.

تسرد دراغمة: لا أنسى أول عقد، فقد كانت أم العريس مريضة وكبيرة في السن، وفرحت بوحيدها، وراحت تطلق الدعوات والزغاريد. وسبق ذلك استفسار العريس منها عن الشيخ الذي سيكتب الكتاب، ليضحك حين علم أن المجيبة هي التي ستوثق زواجه.

يحمل العقد الأول للمأذونة فداء أو (أم الوليد) كما يعرفها الأهالي، رقم 34351 لمهدي وآيات، فيما دونت قبل أيام العقد الأحدث لوسيم وسماح بالرقم 47089، وتحرص على التأكد من قبض المهر، وتعده بنفسها، وتكرر السؤال للفتاة عن شروطها الخاصة، والتي غالبا ما تكون إكمال الدراسة الجامعية، فيما اشترطت إحداهن ألا يتزوج شريكها مرة ثانية، وهو ما نقلته رسميا إلى العقد.

وبحسب دراغمة، فقد تصادف أن صاحبة العقد الأول كانت تعاني مشكلة أسرية معقدة، استطاعت حلها لها، وحصلت على الطلاق، وبدأت حياتها من جديد، وسرت بأن فداء هي من ستوثق زواجها.

من يوميات أول مأذونة في شمال الضفة الغربية وأوراقها يمكن معرفة متوسط المهور أو (مهر المثل)، الذي يبلغ 5 آلاف دينار للمقدم ومثله للمؤخر، وهناك حالات نادرة يفوق فيها المهر 10 آلاف دينار، ويقل عن 3 آلاف، وتحث الأهل على عدم تحديد المهر بدينار واحد، والتأكد من أن المهر تم قبضة بالفعل، والحرص على اكتشاف عدم وجود أي إكراه على الزواج.

تنهي: رسوم الزواج الأول 315 شيقلا، أما للزواج الثاني فترتفع إلى 560 شيقلا، وأطلب من العريس أن يوزع الحلوى على كل الموجودين في المحكمة، ولا أقبل أي هدية خاصة بعد العقد. وسأشجع النساء ليكن أيضا شاهدات على العقود التي أوثقها إلى جانب الرجال.

المصدر: وكالات