تهديد أبو مازن بوضع مفاتيح الحكم على الطاولة وحل السلطة الفلسطينية، كان وما زال تهديده المفضل. خلافًا للمنطق الفلسطيني والجهود المبذولة طوال سنوات لتقوية العلاقات بين قطاع غزة والضفة الغربية التي تحكمها السلطة؛ أبو مازن كشف في العام الماضي أنه يمكن فصل حزمة المفاتيح وتنفيذ انفصال عن غزة التي تثقل كاهل السلطة الفلسطينية، خصوصًا من الناحية الاقتصادية.
في لقاء أجراه، أمس، مع زعيمة حزب "ميرتس" في رام الله، لم يستجب رئيس السلطة لمطالب زهافا غالؤون بإعادة نقل الأموال للقطاع من أجل منع أزمة إنسانية. حتى انه صرح بأنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فإن السلطة الفلسطينية - التي قلصت مؤخرًا ربع دعمها لغزة - ستغلق الصنبور بشكل تام. من ناحية إسرائيل، ثمة قلق من أن اندلاع أزمة إنسانية شديدة في القطاع في ظل عقوبات أبي مازن ستؤدي لتصعيد أمني.
الأزمات الاقتصادية في العالم، وأوروبا تحديدًا، وخصوصًا غياب أفق سياسي؛ أدت لتقليص كبير في أموال المساعدات التي تنقلها دول الاتحاد الأوروبي لرام الله، وحين يحصل نقص في الميزانية فإنهم يفكرون في طريقة للتوفير.
مرّ عقد على الانقلاب العسكري الدامي، ضوء أحمر تسلط فوق رأس أبي مازن وأصدقائه في رام الله، لقد فهموا أن حماس تقود ضدهم "انقلابًا من الدرجة الأولى"، يمنعون رجال أبي مازن من الدخول للقطاع، وكل هذا بتمويل السلطة نفسها.
هذا الإدراك أصاب رئيس السلطة فور إعلان حماس عن محور يتجاوز حكومة الوحدة الفلسطينية باسم "لجنة إدارة الشئون المدنية بغزة". مطالب كثيرة ومتكررة وُجهت لحماس لإلغاء عمل اللجنة تم رفضها، أبو مازن أعلن الحرب، وقلص ما نسبته 30% من رواتب الموظفين في قطاع غزة، وقام بإلغاء تمويل السلطة لخروج المرضى من قطاع غزة، وتم تجميد الأموال التي تنقلها إسرائيل من أجل شراء سولار لتشغيل محطة الكهرباء في غزة على يد أبي مازن وأبقى سكان القطاع بأربع ساعات كهرباء يوميًا.
لم يتوقف الأمر على ذلك؛ بل قام أيضًا بإحالة 6000 موظف آخر للتقاعد، من بينهم أطباء، وذلك للمساس بالاقتصاد الغزي وحماس.
السكان استنجدوا بتنظيمات حقوق الانسان لمنع أزمة إنسانية، وتحدثوا عن نقص في المياه التي تصل بيوتهم وعن تدفق مياه المجاري، واشتكوا أيضًا أن المستشفيات لا تؤجل عمليات عاجلة، وعن أدوية تشترى في الأسواق السوداء.
في الوقت نفسه، خرجت جهات كثيرة، سواء من الجانب الفلسطيني أو الجانب الاسرائيلي، لتوجه الانتقاد لتصرفات رئيس السلطة. منسق أنشطة الحكومة في المناطق اللواء يؤاف موردخاي تطرق في صفحته على الفيسبوك لمبادرة أبي مازن بنقل أدوية لفنزويلا، في الوقت الذي يحرم فيه سكان غزة من تلقي علاج طبي، وكتب "نحن نريد أن نُعلم السلطة الفلسطينية أن المسافة بين رام الله وغزة هي ساعة واحدة، بينما المسافة بين فنزويلا ورام الله أكثر من 10000 كيلومتر".
في نفس السياق، قال المسؤول في حماس صلاح البردويل "أبو مازن يرسل أدوية لفنزويلا وأبناء غزة يموتون لأنه يمنعهم من الخروج لتلقي علاج طبي".
مسؤولون في إسرائيل صرحوا بأن حماس غير معنية بالتصعيد، لكنهم حذروا من أن دفع التنظيم للحائط على يد السلطة الفلسطينية قد يثير رد فعل عكس ذلك. أبو مازن من جانبه غير مهتم باحتمال إطلاق نار من القطاع نحو مستوطنات غلاف غزة، فهو مستمر بمحاربة حماس على ظهر إسرائيل.
"معاريف