أمام لافتة ضخمة في مقر الرئاسة الفلسطينية، حملت صورة العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس على خلفية مدينة القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية وتحت عنوان «القدس تنتصر» حطت مروحية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مقر الرئاسة في مدينة رام الله في الضفة الغربية في زيارة قصيرة للقاء الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية.
وكان الرئيس عباس في استقبال الملك عبد الله الثاني حيث استعرض الزعيمان حرس الشرف فيما عزف النشيدان الملكي الأردني والوطني الفلسطيني. جرى بعدها مصافحة كبار المستقبلين من الجانبين الأردني والفلسطيني، قبل توجههما لجلسة مباحثات مغلقة ثم موسعة.
وأكد الجانب الفلسطيني أن اللقاء بحث آخر التطورات في المنطقة، والأوضاع الراهنة في الأرض الفلسطينية عقب الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في المسجد الأقصى المبارك، وما جرى في القدس من توتر خلال الشهر المنصرم. كما تناول اللقاء آخر المستجدات السياسية والجهود المبذولة لدفع عملية السلام، والتنسيق الفلسطيني الأردني والجهد المشترك لمواجهة كل التحديات في المسار السياسي، والعلاقات الأخوية بين البلدين وسبل تنميتها وتطويرها في شتى المجالات. يذكر أن زيارة الملك عبد الله هذه هي الزيارة الخامسة له إلى فلسطين وهي الأولى له منذ عام 2012.
وقال نبيل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة إن الرئيس وضيفه الكبير عقدا جلسة مباحثات مغلقة، تبعها اجتماع موسع بين الوفدين الأردني والفلسطيني. وأكد أن هذه الزيارة المهمة تأتي استمراراً لسياسة التنسيق والتشاور المستمر بين الرئيس والملك عبد الله الثاني، لمواجهة التحديات كافة في العديد من القضايا التي تهم البلدين على قاعدة العمل العربي المشترك الذي تجسد في القمة العربية الأخيرة التي عقدت في البحر الميت.
وأشار إلى أن الأردن أكد دعمه الكامل للشعب الفلسطيني وقيادته برئاسة الرئيس محمود عباس. وقال إن الرئيس ثمن الجهود الكبيرة التي يقوم بها الملك عبد الله الثاني في خدمة القضية الفلسطينية، سواء في المسجد الأقصى المبارك، أو طرح القضية الفلسطينية والدفاع عنها في المحافل الدولية كافة.
وقال وزير الخارجية رياض المالكي إن هذه الزيارة تأتي في وقت غاية في الأهمية، لإجراء تقييم مشترك لمشكلة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى في القدس ومحاولة تغيير الواقع القائم في المسجد الأقصى. وقد جرى تقييم التجربةً والتحضير لمرحلة مقبلة متوقعة من إسرائيل، ومن شخص رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وتم الاتفاق على تشكيل خلية أزمة مشتركة تتواصل فيما بينها لتقييم المرحلة الماضية والدروس والعبر وتقييم أي تحديات قد نواجهها في المسجد الأقصى.
وأكد اللواء جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح أن زيارة الملك عبد الله الثاني لفلسطين هي محطة تاريخية، وتأتي وفق كل المعطيات نتيجة البيئة التي تبلورت تلقائيًا بعد ما حصل في المسجد الأقصى من انسجام وتناغم في الرؤى والمصالح الأردنية الفلسطينية، التي ارتكزت على صلابة وصمود أهل القدس بفهم استراتيجي من جانبهم لحماية القدس والمسجد الأقصى ومرابطتهم وتصديهم لآلة القمع الإسرائيلية.
وكشف في تصريحات لـ «القدس العربي» أن الفلسطينيين يسعون لأن تشكل زيارة ملك الأردن أساسًا لبناء خريطة مصالح مشتركة لمواجهة الاحتلال أولاً ومخاطبة البعد الإقليمي والدولي ثانيًا، والعمل على تطوير دائرة الحوار الثنائي وتوسيعه ليشمل كل عناصر الإقليم لبناء جبهة وطنية قومية إسلامية أساسها الحفاظ على مركزية القضية الفلسطينية وإبقائها بعيدا عن التجاذبات والأجندات وتوفير أسباب الصمود للفلسطينيين.
وأعلن أن السعي الفلسطيني من وراء كل ذلك أن تكون الزيارة بداية لبناء خريطة طريق باتجاه إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وتحقيق وحدة الوطن والشعب والقيادة والقضية الفلسطينية.
وسخر مما تناقلته الصحف العبرية حول فرض حصار غير معلن على الرئيس الفلسطيني محمود عباس عقب أحداث الأقصى، ووصف الكلام بالسخيف، لكنه أكد أن ذلك لا يعني أن كل الشعب الفلسطيني بمن فيهم الرئيس لا يعيشون ضمن قيود احتلالية تجعل من حركته وأنشطته في كل المجالات مرتبطة بمزاج الاحتلال العنصري.
وكانت صحيفة «معاريف» العبرية قد نقلت على لسان مصدر فلسطيني أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تفرض حصاراً على الرئيس عباس وحولته إلى أسير في المقاطعة في رام الله. وقالت المصادر ذاتها إن دولة الاحتلال الإسرائيلي منعت الرئيس الفلسطيني من السفر إلى دول عربية على خلفية أحداث القدس، في المقابل سمحت لبعض الشخصيات الفلسطينية من المغادرة. رغم نفي مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي «الإدعاءات الفلسطينية» حول حصار عباس حسب معاريف العبرية.
وقال المدون الفلسطيني محمد أبو علان المختص في الشؤون الإسرائيلية أنه ورغم رفض دولة الاحتلال الإسرائيلي التعليق رسمياً على منع الرئيس عباس من السفر، إلا أن جهات أمريكية أبلغت الرئيس أبو مازن أن الموقف الإسرائيلي جاء بسبب تصريحاته التي اعتبرت تحريضية في يوم الغضب التالي لإزالة البوابات الالكترونية.