وصف مُحلل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، تسفي بارئيل، البيان الصادر عن الديوان الملكيّ السعوديّ بأنّه غريب، متسائلاً في الوقت عينه: مَنْ هم الزعماء الذين تواصل معهم العاهل السعوديّ. وتابع قائلاً أنّ مصادر سياسيّة وُصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، ألمحت بأنّ البيان الرسميّ الذي أكّد على أنّ هذه الاتصالات أثمرت في حلّ المشكلة في المسجد الأقصى المُبارك، هو عمليًا يتحدّث عن الاتصالات التي أجراها وليّ العهد محمد بن سلمان، وليس والده. ونقل عن المصادر عينها قولها إنّه من غير المُستبعد بتاتًا أنّ يكون قسمًا من هذه الاتصالات قد جرت بين الديوان الملكيّ السعوديّ وديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ ولي العهد السعوديّ تربطه علاقات وطيدة مع صنّاع القرار في تل أبيب، على حدّ تعبيره.
ولفت المُحلل إلى أنّ الكثيرين في الوطن العربيّ يُحاولون نسب الانتصار الفلسطينيّ لأنفسهم، مُوضحًا في السياق ذاته أنّه عمليًا كان الحديث عن صراع قوّةٍ على السيادة والسيطرة على الحرم القدسيّ الشريف بين الوقف الإسلاميّ في المدينة المقدسّة وبين الحكومة الإسرائيليّة من أجل المحافظة على الوضع القائم، وهذا الوضع القائم، أضاف المُحلل الإسرائيليّ، وُلد من خلال قرارات سياسيّةٍ وليس دينيّةً، على حدّ قوله.
ونقل المُحلل عن مصادره في تل أبيب قولها إنّ ما أسماها استيعاب الأزمة، تمثّلت في سياقين مختلفين: الأوّل عدم تدويل الصراع على الأقصى ونقله إلى الأمم المتحدّة، أمّا الثاني، فهو الرغبة العارمة بعدم السماح بانتشار المظاهرات في الوطن العربيّ والعالم الإسلاميّ، بشكلٍ قد يؤدّي إلى فقدان الأنظمة العربيّة والإسلاميّة على المظاهرات الشعبيّة، ويُشكّل تهديدًا على نسيج العلاقات الناعمة بين الجماهير وبين الأنظمة العربيّة والإسلاميّة، أكّد بارئيل.
علاوةً على ذلك، رأى أنّ المظاهرات الجماعيّة، التي يُشارك فيها مئات ألآلاف من العرب والمُسلمين، حتى ولو كانت خلفيتها دينيّة، فإنّها تتطوّر وبشكلٍ قياسيّ من السرعة إلى أعمال احتجاج ضدّ السياسة الداخليّة لهذه الدولة العربيّة أوْ تلك الإسلاميّة، وتُركّز على حريّة التعبير، والمشاكل الاقتصاديّة والنقص الكبير في الديمقراطيّة، كما قال.
بالإضافة إلى ذلك، قال بارئيل إنّ التجديد في الأزمة الأخيرة يتمثّل بأنّ إسرائيل لم تكُن الوحيدة التي خشيت من اندلاع انتفاضة فلسطينيّة جديدة، بل هناك العديد من الزعماء العرب، كانوا شركاء في الخوف والخشية من الانتفاضة.
وساق قائلاً إنّ تجربة ما نعتها بثورات الربيع العربيّ، أكّدت أنّ الانتفاضة باتت مرضًا معديًا وخطيرًا، وبالتالي فإنّ اندلاع انتفاضة فلسطينيّة جديدة لن يكون فقط تعبيرًا عن الاحتجاج ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ، بل الأخطر من ذلك، على حدّ تعبير المُحلل الإسرائيليّ، أنّ هذه الانتفاضة قادرة على تجنيد الدعم الجماهيريّ في جميع أرجاء الوطن العربيّ، الأمر الذي سيضع الأنظمة العربيّة في مواجهة دمويّةٍ مع المُواطنين الذين سيخرجون للتظاهر نصرة للأقصى المبارك.
ولتدعيم نظريته، حول انتشار الانتفاضة في الوطن العربيّ والعالم الإسلاميّ أورد المُحلل الإسرائيليّ مثالاً عن حركة “كفاية” المصريّة، التي أبصرت النور في العام 2004 احتجاجًا على السياسة الإسرائيليّة ضدّ الفلسطينيين، وضدّ الاحتلال الأمريكيّ للعراق، وأيضًا، وهذا المُهّم، مُطالبة السلطات المصرية بإجراء إصلاحات جذرية في بلاد الكنانة.
وشدّدّ المُحلل الإسرائيليّ على أنّ التهديد والتجنيد من أجل الحرم القدسيّ الشريف هو كبير وخطير للغاية، وليس فقط لأنّه يهم جميع الدول الإسلاميّة، بل لأنّه لا يترك مجالاً بالمرّة للأنظمة الإسلاميّة لقمع المظاهرات التي كانت ستخرج نصرةً للأقصى بسبب أهميته الدينيّة بالنسبة للمسلمين، الأمر الذي كان سيُجبر ويُلزم هذه الأنظمة على التظاهر بأنّها تدعم نضال الجماهير في الدفاع عن المقدسّات الإسلاميّة، على حدّ قوله.
في السياق عينه، رأى الكثير من المُحللين السياسيين في تل أبيب أنّه بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تزايد الأزمات الدوليّة أهون عليه من التحقيقات التي يخضع لها ومن تسليط الأضواء على الشبهات التي تحوم حوله، ولكن هذه المرّة، قال المُحلل للشؤون العسكريّة في (هآرتس) العبريّة، لم ينجح نتنياهو في صرف الأنظار عن التحقيقات عبر بوابات الأقصى، بل أصعب من ذلك، تورّط وفشل في معالجة الأزمة، ومن الناحية الثانيّة، لم ينجح في إلزام وسائل الإعلام بالكفّ عن مهاجمته وزوجته في قضايا الفساد والرشا المنسوبة إليها،حسب الشبهات، والتي من الممكن جدًا أنْ تقودهما إلى المحكمة.
المصدر :" هارتس