أمير بوخبوط – موقع والا العبري
الجيش الإسرائيلي يستعد للحرب في الشمال والجنوب معا، بناء على تقديرات أمنية تؤكد ان حماس سوف تتدخل عسكريا في أي تصعيد عسكري مع حزب الله. لذلك ستكون قدرة المناورة والحركة السريعة في الميدان، والقدرة على تحريك القوات البرية، والقدرة على حماية المواطنين وقواعد سلاح الجو، هي التي ستحدد شكل المواجهة العسكرة التي ستخوضها إسرائيل على جبهتين متوازيتين.
الأمر سيبدأ باتصال طارئ على رئيس الأركان جادي آيزنكوت، او بتقرير سريع عن حادث طارئ على الحدود مع لبنان، مثل اختطاف جندي، او تسلل للأراضي الإسرائيلية، او اطلاق صواريخ من حزب الله على إسرائيل. اعضاء مكتب رئيس الأركان، سوف يعرضون له صور أولية جوية من طائرات الاستطلاع، وآيزنكوت بنفسه سيقوم بعقد اجتماع في “الكرياه” في تل ابيب، لأجل الاستعداد للقادم، وساعة الرمل ستبدأ بالتناقص لاقتراب الحرب.
الاجراءات الاولية التي سيقوم بها الجيش، سيكون لها تأثير على استمرارية المعركة، خصوصا في حالة الضبابية قبيل اندلاع الحرب، وعندها سوف تقوم منظومة الاستخبارات العسكرية بوضع تصور عن الوضع، لأجل مساعدة رئيس الأركان والمستوى السياسي باتخاذ القرارات. وفي ظل عدم وجدو قرارات واضحة، سيقوم الجيش بالرد الاولي على الحدث الأمني، وسيعملون لمنع العدو من تحقيق انجازات اولية، لحين وصول الجيش والقرارات الجديدة.
مقترحات لحماس وحزب الله:
مصادر في المنظومة الامنية تقدر انه في حال اندلاع حرب ضد حزب الله ، فان حركة حماس ستتدخل وستفتح معركة متوازية على الجبهة الجنوبية، وستنضم بضغط من ايران للقتال مع حزب الله. وبالمقابل لو حدث تصعيد مع حماس على الحدود الجنوبية، فان حزب الله سيكتفى بالتفرج ، ولن يتدخل.
ويقول اللواء هرتسي هليفي، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، “ان قوة النيران وكثافتها، التي تعتمد عليها إسرائيل، تزيد من ردع اعدائنا، ولذلك فاحتمالية اندلاع حرب مخطط لها، هي متدنية جدا”. مع ذلك، يضيف اللواء هليفي، “بأن عدم الاستقرار بالمنطقة، وكثرة اللاعبين حول إسرائيل، وعملية سباق التسلح التي تقوم بها المنظمات المعادية، تزيد من احتمالية تدهور الأوضاع بسرعة”.
ويقول: “اقترح على حماس وحزب الله بعدم شد الحبل اكثر من ذلك، واقترح على كل من اعضاء حماس وحزب الله، الابتعاد عن منازلهم فورا لحظة اندلاع الحرب، فنحن لن نصبر كثيرا عندما يتعرض حياة مواطنينا للخطر”.
ويقول اللواء احتياط، عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسات والاستراتيجية الإسرائيلي، (IPS) “هذه أيام التغيير في الشرق الأوسط، وعلى إسرائيل ان تحدد مصيرها في ظل صراع الدول الكبرى والصغرى على التأثير في المنطقة، فكل من مصر والسعودية والاردن وسوريا وروسيا وتركيا تحاول ان تؤثر في المنطقة، وعلى الجيش الإسرائيلي ان يكون مستعد لكل سيناريو، وعليه ان يضع عدة خيارات وبدائل الى جانب استعداداته العسكرية”.
ويقول اللواء أمير ايشل، قائد سلاح الجو الإسرائيلي، “علينا العمل بكل قوتنا في حال اندلاع حرب، ولقد طورنا قدراتنا بأربعة اضعاف عن الحروب السابقة، وما كنا قادرين على فعله خلال 34 ساعة في حرب لبنان الثانية، سنكون قادرين على فعله خلال 24 ساعة في الحرب القادمة” .
ويضيف اللواء ايشل: “على سلاح الجو تطبيق الخطة الموضوعة له، في الزمن المحدد ضد حزب الله ، لمنع حزب الله من مفاجئة إسرائيل، او التأثير على قدراتها الجوية، وعلينا القتال تحت النار، وهذا سيكون عنصر مؤثر، واقترح على سكان لبنان في الحرب القادمة ، مغادرة منازلهم فوار”.
ويتساءل اللواء ايشل: “من يضمن لنا عدم تكرار الأمور وعدم اندلاع الحروب مرة اخرى بالشرق الاوسط؟ صحيح ان الشرق الاوسط انهار، لكن القدرات القتالية فيه مازالت موجودة، والرغبة في محاربة إسرائيل لا تتواجد فقط لدى حزب الله على الجبهة الشمالية، وعلينا ان نكون مستعدين للحرب على كل الجبهات”.
كيف يمكن لجم قوة العدو:
يقول مسؤول كبير في منظومة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ان لدى إسرائيل منظومة أمنية قوية ، وهي قادرة على الإسهام في فهم ما يحصل خلف الحدود السورية واللبنانية، ووضع حزب الله في لبنان وسوريا، ويقول: ” كل منزل في جنوب لبنان، يحتوي على قوة عسكرية لحزب الله”.
بالنسبة لرئيس الاركان آيزنكوت، فان احتمالية وقوع حرب او تصعيد من قبل حماس على الجبهة الجنوبية، هي احتمالية ضعيفة، وانه ليس لهم مصلحة الآن في التصعيد ضدنا.
أما اللواء احتياط ، الدكتور جابي سيبوني، الباحث في معهد السياسات والاستراتيجية الإسرائيلي، (IPS)، فيرى ان سيناريو اندلاع حربين على جبهتين متوازيين، من حماس وحزب الله ضد إسرائيل، هو أمر اساسي في الاستعدادات الاستراتيجية للجيش الإسرائيلي، والجيش يتدرب على ذلك منذ فترة.
ويؤكد الدكتور سيبوني، “ان الحرب وفق هذا السيناريو لو اندلعت ستكون قاسية جدا، وسريعة جدا، والجيش سيعمل على حسم الامور بسرعة في الميدان لأجل ابعاد التهديد”.
ويقول الدكتور سيبوني، “العدو من الجنوب والشمال سيواصل اطلاق الصواريخ ، ولا يمكن لجمه، والأعداء سيتوقفون عن اطلاق النار فقط عندما يتم تهديد قدراتهم على البقاء، وعليهم ان يشعروا بحجم الخطر عليهم، خصوصا حماس في غزة، وان يتذكروا ايام الجرف الصامد. حماس في الجرف الصامد، اظهرت انها لا يهتم وليس لديها ما يقلقها، ولم تشعر بالمعضلة، ولم تخاف على حكمها بغزة. وعلى الجيش ان يكبدهم خسائر غالية الثمن، حتى يطلبون وقف اطلا النار”.
ويؤكد الدكتور سيبوني، “ان المفاجئة، وكثافة النيران لها أهمية كبيرة في ردع العدو ولجمه، وعلى العدو ان يشعر بحجم الضرر الكبير بسرعة، حتى يقصر الطريق على نفسه بالحرب”.
البعد الدفاعي للحرب القدامة:
بحسب ضباط كبار في الاحتياط ، فإن رئيس الأركان يفضل الاعتماد على البعد الدفاعي في مواجهة حرب على جبهتين متوازيتين، وهذه التوجهات تواجه انتقادات حادة، ويرون انه يجب على المستوى السياسي والمنظومة الامنية مناقشة هذه التوجهات. ويقولون انه رغم وجود عدة منظومات دفاعية جوية مثل القبة الحديدية والعصا السحرية و”الحيتس” لمواجهة الصواريخ واعتراضها، الا ان مسالة الاعتماد على البعد الدفاعي، ستخلق معضلة كبيرة ، على المستوى الدفاعي، خصوصا عندما يتم تغطية سماء البلاد بالصواريخ. وحتى ان سلاح الجو ، الذي سيكون مشغول ساعتها بالرد الجوي، سيحتاج الى غطاء دفاعي خاص به.
في حملات “عمود السماء” و”الجرف الصامد”، اعتاد الجمهور الإسرائيلي على مستوى عالي من الحماية الجوية من الصواريخ ، لكن المعركة القادمة متوقع ان تخلق أزمة بين الجمهور ثقة بين الجيش. وبحسب تقديرات الضباط الاحتياط، جزء من هذه الازمة سيكون بسبب شعور الجمهور بان الجيش لم يهيئهم لهذه المعركة، او لحجم الضرر بها، او عدم تحضيرهم لاستخدام قنابل عنقودية وغيرها. ويبدو ان الأمر بحاجة الى حملة اعلامية جيدة مسبقة .
الكل سيستخدم المناورة:
حماس وحزب الله سيحاولون تغيير طرقهم التي اعتمدوا عليها في محاربة الجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية الإسرائيلية سابقا، وسيحاولون الاعتماد على المفاجئات في الحرب القادمة، مثل الهجوم من الأنفاق من غزة ، او استخدام طائرات مفخخة بدون طيار من لبنان ، او احتلال مستوطنات مجاورة للحدود.
لذلك على الجيش ان يكون مستعد لكل السيناريوهات والخيارات، ويشير الدكتور سيبوني، “ان على الجيش الحذر من محاولة اعتماد الأعداء في الحرب القادمة على نقل المعركة للأراضي الإسرائيلية، وحتى لو نهاية المعركة”.
وطالب الدكتور سيلوني، بتدريب قوات الجيش النظامي والاحتياط على هذه السيناريوهات، وبسرعة، ولهذه التدريبات سيكون تأثير جيد على حالة الحرب واستمراريتها.
حتى تنهى الحرب بسرعة يجب ان تكون اكثر قسوة:
بالنسبة للواء “اهرون حلوية”، فان مواجهة حرب على جبهة واحدة او جبهتين، يعتمد على قدرة القوات على التحرك في الميدان، وهذه القدرة ستمكن الجيش من التعامل مع سيناريوهات الحرب بجبهة او اكثر، المهم “ان تكون الضربات الأولية ضد العدو سريعة ومؤلمة وقاسية جدا، حتى ينم انهاء الحرب بسرعة ، يجب ان تكون الضربات في الجرب القادمة أقسى من الماضي، ورسم صورة انتصارات للجيش الإسرائيلي على العدو، مع محاولة الخروج من مناطق العدو بسرعة قدر الإمكان”.
ويؤكد اللواء احتياط “ايال بن رئفون”، لموقع والا الخباري، ان التهديد باندلاع حرب ضد إسرائيل موجود في الشمال والجنوب معا، ويقول بن رئفون الذي عمل كنائب قائد الجبهة الشمالية فترة حرب لبنان الثانية، ويعمل حاليا عضو في لجنة الامن والسياسات الخارجية بالكنيست، انه: “في حالة اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله، فإمكانية تدخل النظام السوري مع حزب الله ، امكانية ضعيفة جدا، لكن الامكانية تكون اكبر في المناطق الفلسطينية، وفي حالة اندلاع حرب على جبهتين، قد تتصاعد الاوضاع الامنية بالضفة الغربية والقدس، وقد يوجه جزب الله رجاله بالمناطق لتنفيذ عمليات تفجيرية كبيرة بإسرائيل، وعلى الجيش ان يكون مستعد لهذه الحالة، خصوصا وان هناك توقعات كبيرة ، بانضمام حماس الى القتال، في حال اندلعت حرب بين إسرائيل وحزب الله، وعلى المستوى السياسي ان يقرر بحسم حماس لو تدخلت، وذلك عن طريق تجنيد واسع للاحتياط ، لتمكن الجيش من عملية برية كبيرة ضد حماس، وتغيير المعادلة بسرعة”.
بحسب بن رئفون “فان اعضاء لجنة الخارجية والامن بالكنيست، يطرحون بشكل دائم خلال مناقشاتهم مع قيادة الجيش، سيناريوهات اندلاع حرب على جبهتين متوازيتين، ويناقشون الأمور المختلفة عن السابق، في قوة التسلح، وحماية الجبهة الداخلية، على مستويات كبيرة”.
ويقول بن رئفون: “ان حماس طورت من قدراتها، وللأسف لا يوجد تصورات مستقبلية لهذه الحرب، نتنياهو يقول انه يعمل على ذلك، والخطط الاستراتيجية لآيزنكوت تعتمد على العبر المستخلصة من حرب لبنان الثانية، ونحن علينا ان نستعد لحرب قصيرة وحاسمة، وهذا الامر لا يتعلق فقط الجيش الإسرائيلي، انما بالمستوى السياسي في إسرائيل”.
ويضيف : “الجمهور في إسرائيل الذي اعتاد على القبة الحديدة بالجرف الصامد، سيواجه امور مختلفة بالحرب القادمة، والامر سيكون مختلف، ولقد نسينا ان دولة إسرائيل كانت مشلولة في حركة الطيران، وحتى ان مطار بن جريون الدولي كان مهدد، والتهديد زاد عن الماضي، وعلى الجيش ان يستعد للخروج لهجمة بكل قوته العسكرية، من البر والبحر والجو، لأجل حسم العدو بسرعة”
ويكمل: “يجب على الجيش ان يكون أكثر قسوة، ويخلق صور النصر بسرعة خصوصا على الجبهة الشمالية، اما على الجبهة الجنوبية فيجب حسم حماس عسكريا، وعلى الجيش العمل على الخروج بسرعة من هذه المعركة، لذلك اعتقد انه على الجيش ان يتدرب على ذلك، ويكون مستعد للحرب على جبهتين”.
وأخيرا يتحدث بن رئفون عن نقص الذخائر في الحرب القادمة، مثلما حدث في الجرف الصامد، ويؤكد ان هذا أمر مؤلم، ويجب عدم تكراره، ويطالب الكابينت ان يكون مطلع على استراتيجية الجيش وخططه العسكرية للحرب القادمة، خصوصا وان “ايران وحزب الله لا يتوقفون عن تطوير قدراتهم العسكرية، وقدرات السايبر، وهذا سيكون له تأثير عملي كبير بالحرب القدامة”.
المصدر :" واللا العبري