الميزان: نسبة تلوّث مياه بحر قطاع غزة تصل إلى 73% وتهدد صحة السكان،

الأربعاء 19 يوليو 2017 09:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT



غزة/ سما /

تتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة مع تواصل أزمة التيار الكهربائي الناجمة عن الحصار الخانق والمستمر الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ العام ٢٠٠٧، وساهم في تفاقمه حالة الانقسام السياسي الفلسطيني، إذ وصلت ساعات قطع التيار لأكثر من 20 ساعة بشكل متواصل يومياً في كافة مناطق القطاع، ما تسبب في حدوث شلل شبه تام في معظم الخدمات الأساسية الحيوية المهمة لسكان القطاع، ولاسيما الصحية والبيئية منها، ولعل واحدة من أبرز المشكلات البيئية الخطيرة المترتبة على هذه الأزمة، هي تلوّث مياه البحر بشكل غير مسبوق ما يهدد بوقوع كارثة بيئية محدقة.

وتقدّر كميات مياه الصرف الصحي التي يتم ضخّها في بحر قطاع غزة بأكثر من (110.000) متر مكعب يومياً، حيث تضخّ مياه الصرف الصحي من محطات المعالجة إلى مياه البحر بشكل مباشر من (23) مصرفاً تمتد على طول شاطئ القطاع، دون معالجة مسبقة.

 وبحسب نتائج الفحص المخبري الأخير الذي قامت به وزارة الصحة وسلطة جودة البيئة في بداية شهر يوليو الجاري، تبيّن أن هناك ارتفاع في نسبة تلوّث مياه بحر القطاع بدرجة كبيرة، وصلت الى 73% من إجمالي شاطئ القطاع، لتشمل شواطئ مدينة رفح والقرارة والزهراء وغزة وجباليا.

وأمام هذه المعطيات تصبح حياة البشر في خطر داهم بالنظر لكون البحر هو المتنفس الوحيد المتاح لسكان القطاع، وحتى مع التحذيرات التي أطلقتها وزارة الصحة وسلطة البيئة للمواطنين بضرورة عدم السباحة والاصطياف في تلك المناطق، إلا أن انحسار الخيارات أمام المواطنين، في ظل انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع المياه ودرجة الحرارة المرتفعة في هذه الفترة من فصل الصيف، تدفع عشرات الآلاف إلى الهروب من الحر والظلام إلى المخاطرة بالنزول إلى تلك الشواطئ، ما ينطوي على تهديد جدي لحياتهم.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يؤكد على أنّ تلوّث مياه بحر قطاع غزة بمياه الصرف الصحي يؤثر على جملة حقوق الإنسان بالنسبة لسكان القطاع، وأن آثاره العميقة تطال صحة البيئة والصحة العامة وتدمر البيئة البحرية بالكامل.

والجدير ذكره أن تلوث مياه البحر بهذه النسب المخيفة، يترافق مع ارتفاع نسب ملوحة المياه الجوفية مصدر المياه الوحيد في قطاع غزة وتلوثها ما طال بآثاره المزارعين وهدد محصولهم وقدرتهم على العيش في ظل فشل زراعتهم، الأمر الذي أصبح يهدد حياة ووجود الإنسان في هذه المنطقة من العالم. ويرى مركز الميزان أن تلاحق التطورات ولاسيما ما تعلق بخدمات التيار الكهربائي سرَّعت من تدهور الأوضاع الإنسانية لدرجة أصبح معها قطاع غزة مكاناً غير صالح للحياة اليوم وليس في عام ٢٠٢٠.

وعليه فإن مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي بتحرك عاجل لوقف تدهور الأوضاع الإنسانية وضمان إمداد قطاع غزة وبشكل فوري بكميات مضاعفة من التيار الكهربائي واتخاذ خطوات عاجلة لضمان تشغيل وتطوير أداء كافة محطات معالجة مياه الصرف الصحي، واتخاذ التدابير الكفيلة بحل مشكلة ملوحة وتلوث المياه الجوفية قبل أن تصل حدوداً يموت معها الناس جوعاً.

إن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، لا يعتبر تحللاً من التزاماته القانونية والأخلاقية، بل يتجاوزه ويشكل تقويضاً لمبدأ التعاون الدولي فيما يتعلق بقضايا البيئة، التي تتجاوز آثارها الكارثية البيئة البحرية لقطاع غزة لتطال دول الجوار.

وعليه فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يكرر مطالبه المتكررة للمجتمع الدولي، ولوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة بسرعة التدخل لمنع وقوع كارثة إنسانية محدقة ولحماية الحياة في هذه المنطقة من العالم عبر خلق آلية تعاون لوضع حلول جذرية لمشكلات التلوث وندرة وتلوث المياه وعجز امدادات الطاقة.

كما يكرر مركز الميزان دعوته الأطراف الفلسطينية للمصالحة وإنهاء الانقسام، وذلك انطلاقاً من إيمان مركز الميزان الراسخ بأن الانقسام الفلسطيني الداخلي أسهم - ولم يزل - في تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة كما يسهم على نحو خاص بتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.