قال الكاتب والمحلل الاسرائيلي دانئيل سيريوطي، في مقال افتتاحي بصحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية ان عملية "الجرف الصامد" لم تكن في صالح حركة حماس، في اقل تقدير. فلقد منيت الحركة بضربة قاسية، وباستثناء الخسائر الكثيرة في الأرواح والممتلكات، لحق ضرر ضخم بصورتها.
واضاف "شعبية التنظيم في اوساط الجمهور الفلسطيني في الضفة، تشهد تراجعا متواصلا، وبفعل كونها "حركة متفرعة" عن الاخوان المسلمين، وبفعل العلاقات المتفرعة التي تقيمها مع تنظيمات الارهاب الاسلامية في سيناء، المتماثلة مع داعش، فان هذا كله اسهم في تقويض شرعية التنظيم بشكل متواصل في الدول العربية المعتدلة. وليس صدفة انه لا توجد دولة عربية واحدة مستعدة لاستضافة اعضاء المكتب السياسي لحماس ورئيسه اسماعيل هنية".
وتابع "مع ذلك فان المفارقة كبيرة. يمكن القول انه بعد ثلاث سنوات من عملية "الجرف الصامد"، بقيت القدرات العسكرية لحماس كما كانت عليه قبل المواجهة العسكرية الاخيرة مع اسرائيل، وهناك من يقول ان التنظيم ضخم قوته العسكرية خلال هذه السنوات. صحيح ان حماس ليست ناضجة بعد لمواجهة عسكرية ولجولة حرب اخرى امام اسرائيل في الوضع الحالي، ولكنه يمكن بالتأكيد القول بأن الحصار المتواصل على القطاع، واغلاق معبر رفح غالبية ايام السنة، والضائقة المدنية في القطاع المنكوب بالبطالة، والذي يرزح تحت ازمة الطاقة وتزويد الكهرباء لساعات قليلة فقط يوميا، هذا كله يدل على علم احمر ترفعه الحركة بعد عشر سنوات من سيطرتها على القطاع".
وبين "منذ انتهاء عملية "الجرف الصامد"، لا تتوقف حماس عن ترميم بناها التحتية العسكرية. وتتعامل بقبضة صارمة مع الجمهور في غزة، وتستغل مصالح الجمهور والمجال المدني لفائدة الحركة فقط – ما يعني منح الاولوية لمصالح حماس العسكرية، فيما يضطر الجمهور الغزي الى الاكتفاء "بالفتات". والحديث في الأساس عن سياسة فرضها الزعيم المنتخب في غزة يحيى سنوار، الذي استبدل اسماعيل هنية في رئاسة الحركة".
واضاف "اليوم، بعد ثلاث سنوات من الجرف الصامد، تواجه حماس الكثير من التحديات، التي تمنع التنظيم عن خوض مواجهة عسكرية اخرى امام اسرائيل، من جهة، ويمكن في المقياس ذاته، من جهة اخرى، ان تقود حماس الى خوض الحرب كخطوة يائسة. حماس لن تتردد في سحب الورقة الاخيرة التي تبقت لديها، لكي تثير انتباه الرأي العام في الدول العربية والمجتمع الدولي، حتى لو كلف ذلك انهيار سلطتها في قطاع غزة".