حذر الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، من مخطط سلطات الاحتلال الاسرائيلي للسيطرة الكاملة على القدس الشرقية المحتلة من خلال مشروعها الاستيطاني التوسعي في المدينة ومصادرة آلاف الدونمات من أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، مضيفا أن "القانون الدولي يعتبر المدينة المقدسة أرضاً واقعة تحت الاحتلال غير المشروع وتبعاً لذلك ينطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، التي تحرم وتجرم كل أعمال مصادرة الأراضي الفلسطينية والطرد القسري والاستيطان وتغيير التركيبة السكانية والديمغرافية في البلاد".
ونوه إلى أن "الاستيطان يندرج في إطار جرائم الحرب وفقاً للفقرة الثامنة من المادة الثامنة لنظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، وإنه الأمر الذي يتطلب العمل على إنشاء حشد دولي على المستويات كافة لإخضاع كيان الاحتلال للعدالة والمحاسبة الدولية على جرائمهم بالاستيطان والتهجير والتطهير العرقي التي يرتكبها في المدينة المقدسة المحتلة للديانات السماوية الثلاث".
وقال، "إن كل أعمال الاستيطان والتهويد التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في القدس باطلة من وجهة نظر القانون الدولي وتعد مخالفة قانونية دولية جسيمة، فسلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلالها لمدنية القدس الشرقية سنة 1967 وهي تستمر بمحاولات حثيثة لنزع الهوية العربية والإسلامية التاريخية من المدينة وفرض طابع مستحدث جديد وهو الطابع اليهودي، اضافة للسيطرة على المدينة وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي الفلسطيني فيها".
وأضاف عيسى، "المسيرة السياسية وما رافقها من اتفاقيات لم تؤدي لوضع حد لمصادرة الأراضي ووقف الاستيطان بل على العكس تماما قامت إسرائيل بتكثيف سياساتها الاستيلائية على الأراضي الفلسطينية، وتعمدت خلال السنوات الأخيرة الثلاث لتطويق التجمعات السكنية الفلسطينية والحد من توسعها، وعزلها للمدينة وضواحيها عن محيطها الفلسطيني في الشمال والجنوب وتشويهها النمط العمراني للقدس القديمة والقرى المحيطة، إضافة لتهديدها بعض التجمعات السكانية بالإزالة".
وفي السياق ذاته أوضح أن "القدس تتعرض لإستراتيجية استيطانية احتلاليه تهويدية ممنهجة هدفها طمس الهوية العربية والاستيلاء على مقدساتها المسيحية والإسلامية، وتفريغ المدينة من أهلها، وتكريس الوجود اليهودي على الأرض على أنقاض المصالح الإسلامية والمسيحية، وهناك معطيات فلسطينية وفقا لوسائل الاعلام، صدرت في اغسطس 2014، تدل على أن مجموع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية بلغ 503 مستوطنات، وأن عدد المستوطنين في هذه المستوطنات يزيد عن مليون، وهذا الأمر يفضح أنه رغم قواعد وأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واتفاقيات السلام التي وقعت بين إسرائيل ومصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية جميعها لم تتمكن من تحقيق حماية لمدينة القدس المحتلة".
وشدد عيسى على أن "القانون الدولي الإنساني يؤكد على عدم شرعية الاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات عليها في إطار النصوص القانونية الواردة أولا في اتفاقية لاهاي لسنة 1907، حيث المادة 46 تنص على (الدولة المحتلة لا يجوز لها أن تصادر الأملاك الخاصة)، و المادة 55 تنص على أن (الدولة المحتلة تعتبر بمثابة مدير للأراضي في البلد المحتل وعليها أن تعامل ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة)".
وتابع، "في معاهدة جنيف الرابعة لسنة 1949 حيث المادة 49 تنص على انه (لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي تحتلها، أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديمغرافي فيها). و المادة 53 تنص على انه (لا يحق لقوات الاحتلال تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو ملكية الأفراد أو الدولة أو التابعة لأي سلطة من البلد المحتل)".
واستطرد، "في قرارات مجلس الأمن و الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت السياسات الإسرائيلية بكافة أشكالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة من مصادرة الأراضي الفلسطينية للأغراض العسكرية المختلفة، وبناء المستوطنات الإسرائيلية، وشق الطرق الالتفافية وغيرها مبينة ذلك في قراراتها".
وقال، "مخططات الاحتلال الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة تهدف لإحداث واقع جغرافي وسياسي جديد لا يسمح للمفاوض الإسرائيلي بتقديم تنازلات في مفاوضات الوضع النهائي، إذ انه ومنذ توقيع اتفاق أوسلو في 13 من سبتمبر1993، وإسرائيل تصعد من وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، حيث ووفقاً لإحصاءات رسمية فلسطينية، ضاعفت إسرائيل عدد المستوطنين منذ الاتفاق حتى نهاية العام 2013 خمس مرات، الأمر لاذي يفضح ان "إسرائيل" استخدمت الحرب والسلام لتعزيز وجودها ومنع أية إمكانية للتوصل إلى السلام".
وأشار، "ما تم الاتفاق عليه مسبقا مع إسرائيل لم ينفذ منه شيء وبالتالي حتى قرار 181 لسنة 1947 المتعلق بتدويل مدينة القدس وبدء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وتوقيع إعلان المبادئ في 13/9/1993 وانتهاء بتطبيق الاتفاق، لم تتضح مسألة القدس ومكانتها القانونية رغم الجهود ومحاولات الوساطة التي كان بها اطراف إقليمية دولية من اجل التوصل إلى تسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، كما ان كل الخطط والمبادرات ومشروعات التسوية السياسية ما زالت القدس بعيدة عن التسوية السياسية الحقيقية التي يمكن من خلال حلها إلى أن تقود إلى سلام عادل وشامل ودائم".
ونوه، "إسرائيل استغلت حجم العلاقات الناشئة معها لتقوم بمصادرة الأراضي والاستيلاء عليها بالمزيد من التهويد والاستيطان، فبعد حرب حزيران سنة 1967 قامت إسرائيل بمصادرة الأراضي الأميرية المملوكة للدولة أساسا لصالح الجيش والأمور العسكرية والسعي لبناء مستوطنات واسعة ومنتشرة في كل من الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة بهدف التهويد واستيعاب المهاجرين واستملاك ومصادرة الأراضي اللازمة لتشكيل محيط حيوي لمعسكرات الجيش والمستوطنات فيما عرف بالحماية الطبيعية والطرق الالتفافية لتجنب مواجهة أعمال المقاومة الوطنية والسعي المتواصل لإخراج السكان من أراضيهم عبر الضرائب والملاحقات وتدمير المزروعات وخاصة شجر الزيتون وتشجيع وحماية المستوطنين للسيطرة على الأراضي والأملاك الفلسطينية العربية في القدس وغيرها ناهيك عن بنائها جدار الفصل العنصري لتشكيل سجن كبير للشعب الفلسطيني ولتحقيق المزيد من السيطرة عليه ولضم مساحات جديدة من الأراضي و المياه الجوفية".