بقلم: اللواء احتياط/ جرشون كوهين :
أزمة الكهرباء في قطاع غزة هي فرصة ذهبية لإسرائيل للعمل على خدمة مصالحها الامنية، يجب على إسرائيل الاهتمام باستقرار غزة من جهة، وضمان الانقسام بين حماس بغزة، والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية من جهة أخرى، حان الوقت لوضع حد لابتزازات الأعداء.
هذا الصيف انتهت عشرة سنوات على حكم حركة حماس في غزة، مشكلة قطاع غزة هي مشكلة غير قابلة للحل، منذ قيام الدولة خلال حرب الاستقلال، مرورا بحرب الإيام الستة، بن جريون بنفسه قال عن غزة انها “عبء ثقيل على إسرائيل ويجب التخلص منها” ، لذلك وافق على ان تحكمها مصرن وصلى للرب ان يبتلعها البحر.
هذه المعضلة المعقدة التي اسمها قطاع غزة، عادت لتظهر على السطح من جديد في الأسابيع الأخيرة، في اعقاب ازمة الكهرباء، كل واحد من الاطراف اللاعبة بهذه الازمة يعتبر ان موقفه صحيح، حتى وزير الجيش أفيجدور ليبرمان يعتبر موقفه صحيح عندما طالب بنزع سلاح غزة مقابل الإعمار والميناء، وتحسين الظروف الاقتصادية للسكان، وهذا موقف سليم وجيد.
لكن السؤال الأكثر تعقيدا هو : لماذا لا تدفع حماس ثمن الكهرباء؟ من الاموال التي يتم جبايتها من السكان ، الجوالب هو انهم يستخدمون هذه الامول لصالح زيادة قوتهم العسكرية، ويلقون بعبء مشاكل سكان القطاع على كاهل إسرائيل، والمنظومة الدولية، خوفا من فقدان السيطرة هناك.
نتنياهو أعلن ان ازمة الكهرباء في غزة، هي خلاف داخلي بين حماس السلطة برئاسة ابو مازن ولا شأن لإسرائيل فيه، وان إسرائيل لن نتجر لتحمل عبء الازمة الانسانية في القطاع، وغير معنية بالانجرار لحرب بسبب هذه الازمة.
أين تكمن مصالح إسرائيل في ظل هذه الأزمة؟
منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة سنه 2005 ، وحتى سيطرة حماس على الحكم سنه 2007 ، بدأت تتزايد حالة الانقسام بين حماس بغزة، والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، ومن الجيد لإسرائيل عدم تحديد موقفها صراحة من هذا الانقسام، الذي تكمن فيه مصالحها, والذي عليها الحفاظ جيدا عليه لخدمة مصالحاها الامنية.
منذ المفاوضات على اوسلو عبرت المنظومة الأمنية الإسرائيلية من تخوفها من ربط الضفة وغزة ببعضهما، وقال مستشار رابين للشؤون الامنية، اللواء “جيك نيرا” ان الربط بين الضفة وغزة يهدد سيطرة الجيش الإسرائيلي على الضفة، ويعرض حياة الجنود للخطر.
ان الربط بين الضفة وغزة سيسهم في نقل السلاح لمدن الضفة، وسيصعب على الجيش الإسرائيلي العمل فيها بسهولة، كما هو حاصل الآن، لذلك فاستمرار الفصل بين الضفة وغزة، هو مصلحة امنية لإسرائيل، وعليها الحفاظ على هذه المصلحة.
حتى على المستوى السياسي والاستراتيجي، فإن الانقسام بين حماس بغزة والسلطة بالضفة هو مصلحة إسرائيلية عليا، ويجب العمل على الحفاظ عليها، لان هذا الانقسام لن يحقق للفلسطينيين أي دولة في مناطق “ا وب” ، بحسب خطة كلينتون، التي طالبت بإقامة دولة فلسطينية في المناطق ا وب على حدود العام 67، وكذلك يبعد شبح الخوف الإسرائيلي من التهديد الديموغرافي.
الوضع الموجود اليوم (حماس حركة مقاومة بغزة ، منفصلة ومنعزلة عن السلطة في الضفة التي تسعى للحصول على كيان سياسي، وحكم في رام الله) يصب في المصلحة الامنية الإسرائيلية، وعلى إسرائيل العمل على خدمة هذه المصالح الامنية، وأضعاف الارتباطات بين الطرفين.
أما بالنسبة لازمة الكهرباء في غزة، فمن مصلحة إسرائيل الحفاظ على حالة استقرار وهدوء داخل قطاع غزة، والحفاظ على حالة انفصال بين غزة والضفة، وابقاء حماس ككيان مستقل بغزة ، دون أي ارتباطات بالسلطة الفلسطينية بالضفة. وفي نفس الوقت الإسهام في بناء ميناء لغزة، صحيح أن الميناء لن يلين مواقف حماس اتجاه إسرائيل، وصحيح ان التهديدات الأمنية قد يتزايد من قطاع غزة على إسرائيل، لكن هذا يخدم المصلحة الأمنية الإسرائيلية، وعلى إسرائيل كقوة أساسية في المنطقة ان تعمل على خدمة مصالحها الأمنية، السرية والعلنية.