حدثني صديق صدوق أن إدارة أحد الأبراج السكنية في مدينة غزة تقبض ثمن الكهرباء القادمة من الشركة من سكان (العمارة) فهم يدفعون مرة للشركة ومرة أخرى للإدارة، بمعنى أنها-أي الإدارة (حكومة العمارة)-تُدفعهم 200 شيكل شهرياً في الأيام العادية: مئة خدمات تنظيف وكهرباء مصعد وأجرة حارس، ومئة أخرى لكهرباء المولد أي لتزويد الشقق بالكهرباء-مع العلم أن المولد في العمارة تم شرائه من سكان العمارة أنفسهم كل مالك لشقة في العمارة دفع ستمئة دولار-المئة شيكل تدفع مقابل خمس ساعات وصل من المولد كل يومين: يوم ٤ ساعات من السادسة وحتى العاشرة، ويوم ساعة من العاشرة حتى الحادية عشر وذلك وفق برنامج الثمان ساعات القديم والذي تحوّل اليوم إلى أربع ساعات فقط، إذ في ظل أزمة الكهرباء الحالية والتي هي أربع ساعات وصل من الشركة مقابل اثنا عشر ساعة قطع، قررت إدارة العمارة أن يصبح برنامج المولد ساعتين يومياً بمعنى أن ساعة تم خصمها من حساب السكان (هكذا) ولكن كهرباء الشركة تأتي بمواعيد مختلفة أغلبها يجعل توزيع كهرباء المولد مختلفًا عن الجدول المعتمد من إدارة العمارة، إذ يحصل السكان على ساعتين في اليوم الأول ونصف ساعة في اليوم الثاني وذلك بحسب وصل الشركة وأوقات الوصل بمعنى إن تطابقت ساعات وصل الكهرباء من الشركة مع ساعات وصل الكهرباء من المولد فساعات الوصل من الشركة تُحسب على أنها ساعات وصل من المولد ولا يعاد تدويرها وبذلك يخسر السكان ساعتين ونصف مدفوعة الثمن.
(أنت وحظك) ولا يقتصر الأمر على ذلك إذ في رمضان تُطالب الإدارة أن يدفع السكان مئة شيكل إضافية فيصبح المبلغ الذي يُدفع مئة خدمات ومئتين لكهرباء المولد، ومن المفروض أن يُصبح عدد ساعات الوصل عشرة ساعات في اليومين بدل خمس ساعات، وهذا جيد لو حصل ولا اعتراض على ذلك بل هذا ما يتمناه السكان، ولكنهم-أي الإدارة-يضعون ملاحظة تقول: "أنه إذا جاءت كهرباء الشركة في أوقات ساعات الوصل من المولد فإن ساعات الكهرباء القادمة من الشركة تصبح وكأنها من المولد أي تُخصم من المئة شيكل الإضافية المدفوعة من قبل السكان طيلة شهر رمضان ولا تضاف أي ساعات لهم في أوقات انقطاع التيار الكهربائي أي أن الساعات لا تُرحّل لأوقات أخرى (هكذا...)."
إذن هي لعبة حظ، لعبة قمار وأنت أيها التعس يا من تقيم في إمارة غزة محكوم عليك في موضوع الكهرباء أن تخضع لإجراءات ثلاث حكومات حكومة رام الله وحكومة غزة وحكومة العمارة، عليك أن تدفع وتنتظر حظك فإما أن تأخذ كهرباء تدفع ثمنها للشركة مسبقاً أو تحصل عليها من المولد الذي هو ملك سكان العمارة ولكن يديره أشخاص بعضهم أعضاء في هذه اللجان (حكومة العمارة) من عشرين سنة ومنهم رئيس اللجنة وبعضهم من نفس الفترة وهم أعضاء في اللجنة، وهؤلاء من المفروض أنهم مُكلفين ولكنهم يتصرفون كحكومة مستقلة لا برلمان لها مطلقة الصلاحيات، فهم لا يعودون للسكان عند اتخاذ قراراتهم بل يفرضونها عليهم فرضاً، وأحياناً يستقوون بأحدهم أي من أولئك المقربين من الحكومة في غزة لقمع المعترض، وإذا لم يُسدد المئة شيكل الرمضانية-كانت خمسين شيكل قبل سنتين ورغم أن السولار لم يرتفع سعره إلا أنهم رفعوها من تلقاء أنفسهم إلى مئة شيكل العام الماضي وهذا العام-يقوم هؤلاء أي الإدارة (حكومة العمارة) بقطع خط المولد عنهم (الذي هو أي المولد ملك للسكان بالأساس هذا رغم دفعهم للاشتراك الشهري المئتين شيكل).
كذلك على ساكن العمارة إذا أراد أن يصعد إلى طابقه خارج أوقات التشغيل أن يدفع عشرة شواكل كي يُشغل له المصعد (يعني تاكسي طلب).
وإذا أعتذر أحد السكان عن دفع المئة الرمضانية حيث يبرر ذلك أحياناً بأن لديه جهاز (يوبي أس) يعمل على البطارية أو الطاقة الشمسية وأنه لن يستخدم كهرباء المولد، فإن ذلك حتى لو حصل فيجب عليه أن يدفع، فهذا الأمر لا يعنيهم أي لا يعني إدارة العمارة، وإذا لم يدفع فسيشيبونه ويقرقعون رأسه من خلال إرسال الحراس مرات ومرات بل والطلب من زوار الساكن وأقاربه أن يضغطوا عليه ليدفع، ويضطر المسكين أن يدفع نتيجة إلحاحهم وتشهيرهم به.
هل يمكن لأحد منكم تصور هذه البلطجة، لا أدرى كم عدد العمارات التي يحصل بها هذا الأمر ولكنه يحصل في برج صديقي الصدوق.
وعندما تسأل أين تذهب النقود الفائضة التي من المفروض أنها ثمن كهرباء إضافية؟ يقولون تذهب للصندوق! ما هذا الصندوق؟ وكيف تُصرف منه الأموال أو توزع؟ لا أحد يعلم غير أعضاء اللجنة، فلا جمعية عمومية تُراجع ولا تحاسب! ولكن لو افترضنا حسن النية يطرح هناك تساؤل وهو هل تذهب أموال السكان المحتجزة مكافآت من رئيس اللجنة إلى الأعضاء؟ ولكن بأي حق والعمل في اللجنة هو عمل تطوعي؟
من الواضح أنه يتم استغفال السكان والاحتفاظ بأموالهم وربما كلمة احتفاظ غير دقيقة فلا أحد حقيقةً يعلم أين مآل هذا المال، لا جواب، فلو قلنا إنهم يحتفظون فيها للطوارئ إذا حسنت النوايا مع أن هذا خارج الاتفاق فالاتفاق هو أنها جمعت للكهرباء ويجب أن يحصل السكان على كهرباء فقط والعقد شريعة المتعاقدين، إذ أن أي طارئ في العمارة كالبئر وتصليح المولد وغيرها من الأمور تُجمع لها أموال إضافية وفي حينه.
مسائل تدعو إلى الشك والريبة بل قد تصل إلى درجة الاتهام لهؤلاء بالفساد وسوء الإدارة ولا أدري إن كان في حكومة غزة هناك جهاز لمتابعة شؤون العمارات ومتابعة الإدارات فيها.
هل رأيتم الجنة التي يعيش فيها الغزيون، كل عمارة فيها حكومة، حكومة البرج أو حكومة العمارة، هذا بالإضافة إلى الحكومتين في غزة ورام الله.
قضية باعتقادي يجب عدم السكوت عنها وعلى شركة الكهرباء أو البلديات أو سلطة الطاقة أو إدارة الجمعيات في وزارة الداخلية أن تتفق مع الأبراج على ساعات الوصل والقطع ليكمل بعضهم الأخر لا أن يدفع المواطن مرتين وعلى نفس الخدمة، إنسان غزة إنسان محطم لا يقوى الوقوف على قدميه من كثرة الضغوط، من المفروض أن يتم التخفيف عنه من خلال إدارة سليمة تلاحق الاستغلال الذي يتعرض له المواطن وذلك إلى أن تتم المصالحة المنشودة وتعود أيام غزة إلى وضعها الطبيعي الذي كان قبل الانقسام، يبقى ذلك أمل ولكن في الحاضر الحياة يجب أن تسير ولا يمكن أن تترك لأهواء ونزوات بعض الأشخاص.
باحث ومفكر فلسطيني


