هرولة العرب لإرضاء ومبايعة ترامب،، سليم ماضي

الإثنين 29 مايو 2017 10:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هرولة العرب لإرضاء ومبايعة ترامب،، سليم ماضي



يبدو أن ترامب كان طبيباً نفسياً سيكولوجيا لزعماء الخليج وخاصة السعودية عندما هاجمها في دعايته الانتخابية بسيل من الوعودات والاتهامات، فلقد نجح ترامب في جعل زعماء هذه الدول تهرول إلى البيت الأبيض لتقديم السمع والطاعة وتقديم الرشاوي السياسية والمالية لإرضاء رجل البيت الأبيض الذي تلاحقه الاتهامات كما يلاحقه الاعلام في أسوأ أزمة واجهت رئيس أمريكي منذ فضيحة ووترجيت التي انتهت بعزل نيكسون من منصبه في منتصف السبعينيات، وقد تمحورت هذه الفضيحة في عزل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI الذى يحقق في الاتهامات الخاصة بتدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية لصالح ترامب، بعد أن رفض طلباً لترامب بإغلاق الملف. 

كل ما يحصل في هذه الآونة من قبل إدارة ترامب هو سياسة ابتزاز وتعظيم للمكاسب والمنافع الأمريكية في منطقة الخليج العربي وكما جاء في دعايته الانتخابية حول دفع دول الخليج العربي ضريبة نظير حمايتهم من الأشرار الذين يتربصون بهم كالبعبع الإيراني، أرادت السعودية أن تنفذ هذه السياسة بأسلوب مهذب نوعاً ما عن طريق عقد اتفاقيات اقتصادية وصفقات عسكرية، وترامب بدوره يريد استغلال هذه الفرصة السانحة التي تعيش فيها الدول العربية حالة من الذل والهوان،وأيضاً بهدف التعتيم على ما بدأ يدور في الرأي العام الامريكي بأنه شخص غير أهل للرئاسة خصوصا بعد تسريب معلومات استخباراتية لروسيا، لذلك أراد تحقيق انجاز اقتصادي على حساب الدول العربية وخصوصاً السعودية الغارقة في وحل أزمات الاقليم والتي اضحت لقمة سائغة لابتزازات وإملاءات ترامب، والأهم من ذلك تقديم خدمة جليلة ومجانية بدون مقابل لإسرائيل عبر تكوين حلف سني تكون فيه إسرائيل جزء مهم ومكون أساسي؛ يعود ذلك عليها بمغانم مزدوجةعلى الصعيدين السياسي والاقتصادي، حيث تندمج إسرائيل أكثر في المنطقة وتطبع علاقاتها مع دول الخليج ومن ثم يصبح الخليج العربي سوقاً مفتوحاً أمام المنتوجات الإسرائيلية، وعلى الصعيد السياسي سيكون التطبيع مع إسرائيل أولوية على القضية الفلسطينيةوتصبح إسرائيل صديق العرب الحامي عرين بلادهم وليس عدوهم، باعتبار أن إسرائيل هي الحليف الأول والاستراتيجي لأمريكيا التي ستشرف بدورها على تنفيذ وتطبيق تعليماتها في قيادة هذا الحلف الجديد الذي سيكون دور الدول العربية وخاصة الخليج دفع الأموال مقابل ضمان حمايتها من البعبع الإيراني، كما صرح أكثر من مرة ترامب في دعايته الانتخابية قائلاً: على دول الخليج أن تدفع مقابل حمايتها وبقائها. وعندئذٍسيصبح الفلسطيني يقاتل وحده من أجل قضيته بلا ظهرٍ عربي يستند عليه.

هذا وفي المجمل إن السعودية مضطرة لدفع الإتاوات من أجل دفع البلاء والوحل التي أغرقت نفسها فيه وبالأخص الأزمة اليمنية التي تشكل خطر حقيقي على أمنها القومي،ودفع تكاليف باهظة ولأمد غير معلوم لتنفيذ مشروع ترامب بإقامة فيما يسمى مناطق آمنة في سوريا.

ترامب ليس أكثر من دجال ومحتال اقتصادي يأخذ من الوقاحة منهجاً لتنفيذ سياساته، وقطر كما عهدناها ستبقى حليف مخلص ووفي لأمريكا وقد يكون السبب الحقيقي وراء انزعاج وغضب تميم وجعله يسحب سفراء بلاده من دول الخليج ومصر؛ للفت نظر أمريكا بأنه أولى من السعودية بتزعم قمة هرم الخنوع والانبطاح في المنطقة لأن هذه المكانة تعتبر حكراً له ورثها أباً عن جد وليس كما يزعم مؤامرة الدول العربية على قطر واتهامهم لها برعاية الإرهاب؛ لأن توتر العلاقات العربية القطرية هي الوضع الطبيعي وليس الشاذ، وقطر دائما خارج الصف العربي بل وتعمل على احداث الفتن والبلبلة داخل الدول العربية عبر أبواقها الاعلامية المأجورة ودعم الأعمال الإرهابية لضرب الامن القومي في كل مكان، لذلك الدور المنوط بقطر يجب أن يكون مخالف وخارج الفلك العربي من أجل زيادة الشرذمة والاحتقان وتقديم الدول العربية كلقمة سهلة لابتزازات الادارات الامريكية المتعاقبة؛ وجاء الموقف القطري بعد قمة الرياض مؤكداً على ذلك حيث دافع أمير قطر عن ايران مصرحاً أنها لا تشكل خطر على دول المنطقة بل تساهم في دعم استقرار منطقة الشرق الأوسط !!

إن التهافت العربي والإسلامي لإرضاء رجل البيت الأبيض "ترامب" إنما يكشف عن ضعف البناء السياسي لهذه الكيانات، كما كشفت كم كانت سياسة إدارة أوباما مزعجة لهم نتيجة تدخله في شؤونهم الداخلية وخلق ثورات وأزمات داخلية، فهي على استعداد أن تدفع كل ما تريده إدارة ترامب مقابل بقائها على الحكم، وما عداء إيران واتهامها بالإرهاب والعدو المركزي الا إرضاءً لأمريكا وتصديراً لأزمات داخلية قد تعصف بهذه الأنظمة، ولو كان الأمر غير ذلك لكان بالإمكان اتخاذ خطوات وإجراءات أخرى أسهل وأقل تكلفة كالتالي:

  • إعادة بناء العلاقات الإسلامية والعربيةعلى أسس سليمة ومتينة، ودعم الجيش المصري كحامي للتدخلات الخارجية.

  • التوجه للمحور الروسي للتخفيف من الضغوطات الأمريكية، وبناء علاقات ومحاور جديدة لوقف التدخل الأمريكي في الشؤون العربية.

وأخيراً إن بناء محور عربي- خليجي- إسرائيلي بقيادة أمريكية يهدف تدمير ما تبقى من سورية بحجة خلق مناطق آمنة، وتجاهل القضية الفلسطينية وجعل الدول العربية عرضة لحركات تمرد شعبية وثورات وصحوات جماهيرية سواء على المدى القريب أو المدى الاستراتيجي.