ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية ان انه يستدل من بروتوكولات وافادات ادلى بها قادة كبار في قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة الاسرائيلية ، في اواخر سنوات السبعينيات من القرن الماضي، والتي كشف النقاب عنها مؤخرا، ان الشرطة كانت تملك معلومات منذ ذلك الوقت حول تورط الوزير الذي قتل على يد خلية من الجبهة الشعبية رحبعام زئيفي بعالم الجريمة المنظمة في اسرائيل، وذلك قبل وقت طويل من الكشف في اطار برنامج "عوفداه" في التلفزيون الاسرائيلي أن زئيفي أقدم على مخالفات التحرش الجنسي والاغتصاب.
ويستدل من الوثائق التي كشف النقاب عنها مؤخرا انه كان في الشرطة من رغب بفتح تحقيق ضد زئيفي في حينه، لكن ذلك لم يتم. وتم في حينه تقديم الاف الوثائق الى لجنة التحقيق برئاسة المحامي ايرفين شيمرون، واستمعت اللجنة الى عشرات الشهود. ووصل قسم من هذه الوثائق التي اعتبرت سرية، الى صحيفة "هآرتس" ويتبين منها ان الشرطة كانت تملك في حينه معلومات استخبارية نسبت لزئيفي الضلوع في صفقات سموم وتهريب مجوهرات وشراء اسلحة يستخدمها الجيش للمجرمين في اسرائيل، كما كان له دور في ممارسة الضغط والتهديد على اصحاب اراضي فلسطينيين.
ويشار الى ان مصدر المعلومات في حينه كان اشكاليا، اذ انه مجرم يدعى ميخا روكنشتاين، الذي كان ضالعا في سرقة المجوهرات في 1976، وحاول الحصول على تسهيلات مقابل تسليم معلومات. وقد ادين وحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات. وخلال فترة اعتقاله اجرى اتصالا مع ايهود اولمرت، الذي كان في حينه نائبا في الكنيست وحاول كشف وجود جريمة منظمة في اسرائيل مرتبطة بالسلطة. وخلال اللقاء الذي جرى بين اولمرت وروكنشتاين، بحضور مراسل "هآرتس" ابي فلانتين، سجل اولمرت افادة روكنشتاين الذي تحدث عن تورط زئيفي بسرقة المجوهرات وفي قضايا اخرى.
وفي حينه تعاملت الشرطة بتشكك مع المصدر، ورغم اعتقادها بأن بعض المعلومات كانت صحيحة الا انها شعرت بأن اياديها مقيدة. ومع ذلك كان في الشرطة من طلب فحص المعلومات. لكن رئيس قسم التحقيقات في حينه، وقاضي المحكمة العليا لاحقا، يعقوب كدمي احتفظ في حينه بالمواد لديه ولم يبادر الى التحقيق في الأمر. وعندما اقيمت لجنة شيمرون في 1977، طلب اعضاؤها من الشرطة توضيح سبب عدم عرضها صفقة على روكنشتاين لكي يشهد ضد رؤساء تنظيمات الاجرام في اسرائيل آنذاك (وهو ما كان سيكشف في حينه عن علاقات زئيفي المشبوهة) ولماذا امتنعت عن التحقيق.
وفي كانون اول 77 تم استدعاء الضابطين رؤوبين مينكوبسكي، رئيس قسم التحقيقات في الشرطة، ويعقوب نحمياس رئيس قسم الاستخبارات في القيادة العامة للشرطة، للادلاء بافادتهما امام اللجنة. وروى مينكوبسكي في حينه، قبل 40 سنة، انه علم بمسألة وجود المواد لدى كيدمي خلال محادثة جرت بينه وبين نحمياس في محطة للوقود قرب حيفا.
وبعد يومين من ذلك استدعي للقاء المفتش العام للشرطة حاييم تابوري، بمشاركة كيدمي. وحسب افادته فقد "سأل المفتش العام الضابط كيدمي عن سبب عدم جباية افادة من روكنشتاين في شهر كانون اول 1976، فرد كيدمي: لقد تم تسجيل المحادثة"، وتبين منها ان المجوهرات والماس وصل الى ايدي بتسلئيل مزراحي وغومدي (رحيم اهروني) وتم تهريبه الى الخارج من قبل الجنرال احتياط غاندي (رحبام زئيفي)". وحسب الافادة فقد اصر القائد العام للشرطة على معرفة سبب عدم فتح تحقيق، فرد كيدمي: "لأن روكنشتاين رفض تسليم افادة خطية، وانما اقترح ان يكون مخبرا فقط مقابل امتيازات".
وبأمر من القائد العام للشرطة تم احضار روكنشتاين الى الشرطة عدة مرات، وجرت محاولات لاقناعه، لكنه حسب افادة مينكوبسكي لم يدع امام اللجنة بأنه يريد هذا او ذلك مقابل افادته، وانما يتخوف على زوجته واولاده. وعندها، حسب مينكوبسكي "فهمت انه لا يملك ما يبيعه". مع ذلك سلم مينكوبسكي للجنة التسجيلات التي حصل عليها من اولمرت، والتي يقول فيها روكنشتاين انه وصل الى شارع فلورنتين مع شخصين وكانت المجوهرات معه. وكان هناك بتسلئيل وغومدي، فيما جلس زئيفي داخل السيارة. وبعد انتهاء الصفقة، وحصول روكنشتاين على اجرته، اخذ احد الاشخاص المجوهرات وسلمها لزئيفي، والذي غادر المكان بعد ذلك.
ومما قاله مينكوبسكي امام اللجنة ان روكنشتاين روى بأنه قبل عامين او ثلاث، من حادث المجوهرات، تواجد زئيفي واهروني وبتسلئيل في منجرة في تل ابيب وقاموا بوضع مخدرات داخل صناديق خاصة، وقام زئيفي بمساعدة اصدقاء له في الشاباك بنقل المخدرات الى الخارج. كما تبين من خلال الافادة ان مزراحي تسلم اسلحة عسكرية من زئيفي.
وفي حينه سألت الشرطة روكنشتاين عن شراء اراضي في الضفة الغربية، فقال: "سمعت ذلك من بتسلئيل مزراحي. لقد تحدث عن ذلك امامي انا وشخص آخر، وقال انه حدث خلاف ورفض اصحاب الارض بيعها فتم احضار زئيفي فهدد مختار القرية وانتهى الأمر".
وفي ضوء تشكيك قادة الشرطة بافادة روكنشتاين، رغم ان بعضهم رأى بأنه يمكن استخراج شيء منها، الا ان الشرطة قررت عدم فتح تحقيق ضد زئيفي. وقد نفى زئيفي في حينه ضلوعه في عمل رجال الجريمة المنظمة، وقدم دعوى تشهير ضد اولمرت، والتي انتهت بتسوية.