حذر الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الدكتور حنا عيسى، من الاستيطان الصامت الذي ينفذه كيان الإحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة عبر منظماته بدعم كامل غير معلن من حكومته، مشيراُ أن ذلك يفوق خطره الإستيطان الحكومي، وقال، "وفقا لمؤشرات إعلامية فإن الاستيطان زاد في السنتين الاخيرتين ما نسبته 1000 بالمائة، وموازنة الاستيطان تضاعف الى 600 %، ووفقا لمعطيات فلسطينية صدرت في اغسطس المنصرم، مجموع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية بلغ 503 مستوطنات تلتهم حوالي 200,000 دونماً من الأراضي الفلسطينية، وعدد المستوطنين فيها يزيد عن مليون، وهذا الأمر يفضح أنه رغم قواعد وأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واتفاقيات السلام التي وقعت بين إسرائيل ومصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية فجميعها لم تتمكن من إيقاف الإستيطان، ولم تستطع تحقيق حماية لمدينة القدس المحتلة".
وقال الأمين العام للهيئة، "الإستيطان الإسرائيلي لم يتوقف أبدا، ومصادرة الأراضي وفقا للإحصائيات تشير إلى أن الجانب الإسرائيلي صادر أكثر من 25 ألف دونما خلال العام المنصرم فقط علاوة على السرقات العشوائية التي تنفذها منظمات كيان الاحتلال ومستوطنيه بشكل صامت، وهو الأمر الذي يفوق خطره وأبعاده الاستطيان الحكومي المعلن، لأنه سرق ويسرق من أراضي الدولة الفلسسطينة اكثر من حكومة الإحتلال ذاتها التي تدعي رفضه، حيث أن مجلس المستوطنات عمل في الاعوام الماضي بشكل غير معلن على بناء الاف الوحدات الاستيطانية بعدد يفوق التي تم الاعلان عنها بشكل رسمي داخل حدود المستوطنات لتفادي أية ردود محلية أو دولية".
وأضاف، "الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تسرع من وتيرة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها بشكل ملحوظ وتتجاهل تصرفات المستوطنين المتواصلة في وضع اليد على الأرضي القريبة من المستوطنات، وتدعوالمستوطنين إلى التمادي في الاستيلاء على مزيد من الأراضي في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين، كما ان السياسة الإسرائيلية تجاه مصادرة الأراضي والاستيطان لم تتوقف منذ توقيع اتفاقيات اوسلو، فالمسيرة السياسية لم تؤدي لوضع حد لمصادرة الأراضي ووقف الاستيطان بل على العكس تماما قامت إسرائيل بتكثيف سياساتها الاستيلائية على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة".
وتابع عيسى، وهو أستاذ وخبير في القانون الدولي، "في اتفاق إعلان المباديء (اوسلو)، تم الاتفاق على التفاوض في السنوات الخمس التي تلي توقيعه على مناقشة قضايا الحل النهائي، (وهي الاستيطان والقدس والأمن والحدود واللاجئين والمياه)، وذلك تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لكن الإحتلال يتهرب من ذلك ويتعمد سلب الأرض الفلسطينية بأي طريقة كانت بهدف استكمال مخططاته ودون الاكتراث لاي اتفاق يقود إلى سلام عادل".
وأستطرد، "جميع ما تم الاتفاق عليه مسبقا مع إسرائيل لم ينفذ منه شيء وبالتالي حتى قرار 181 لسنة 1947 المتعلق بتدويل مدينة القدس وبدء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وتوقيع إعلان المبادئ في 13/9/1993 وانتهاء بتطبيق الاتفاق، لم تتضح مسألة القدس ومكانتها القانونية رغم الجهود ومحاولات الوساطة التي كان بها اطراف إقليمية دولية من اجل التوصل إلى تسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، كما ان كل الخطط والمبادرات ومشروعات التسوية السياسية ما زالت القدس بعيدة عن التسوية السياسية الحقيقية التي يمكن من خلال حلها إلى أن تقود إلى سلام عادل وشامل ودائم".
وأكد القانوني د. حنا عيسى ، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الاتحادية، ان جميع المعطيات تفيد بان إسرائيل ترفض وقف الاستيطان ولا تعترف بالمرجعية الدولية ولا تريد حلا لقضايا الوضع النهائي، ذلك ان تصريحات القادة والنخب السياسية في كيان الاحتلال تترجم فكرهم الاستعماري الاستيطاني، منها تصريحات وزير خارجية الاحتلال مؤخرا أفيجدور ليبرمان، برفض "إسرائيل" وقف أي بناء إستيطاني في القدس الشرقية المحتلة، وتصريحات وزير جيش الاحتلال في خطاب خلال يوم دراسي في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، إنه “لا يمكن الحديث عن انسحاب من يهودا والسامرة (الضفة الغربية) في سياق أفق سياسي، وينبغي البحث عن اتجاهات جديدة.
وأشار الدبلوماسي حنا، الأمين العام للهيئة المقدسية للدفاع عن المقدسات، أن وزير الاحتلال الاسرائيلي موشيه يعالون صرح بانه “لن تقام دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وانما حكم ذاتي منزوع السلاح”. واضاف، انه ستكون لاسرائيل سيطرة امنية كاملة جويا وبريا. واوضح في سياق مقابلة لصحيفة ( اسرائيل اليوم)، انه “لا يسعى الى ايجاد حل مع الفلسطينيين وانما الى ادارة الصراع .
وقانونيا لفت الأمين العام للهيئة أن الاستيطان، يندرج في إطار جرائم الحرب وفقاً للفقرة الثامنة من المادة الثامنة لنظام روما لمحكمة الجنايات الدولية، مشيرا ان ذلك يتطلب العمل على انشاء حشد دولي على المستويات كافة لإخضاع كيان الاحتلال للعدالة والمحاسبة الدولية على جرائمهم بالاستيطان والتهجير والتطهير العرقي التي يرتكبها في المدينة المقدسة للديانات السماوية الثلاث، مشددا أن ما قامت به إسرائيل وتقوم من عملية استيلاء ومصادرة مبرمجة لأراضي مدينة القدس تهدف إلى عزلها عن محيطها العربي وعن ترابطها الجغرافي مع الضفة الغربية تمهيدا لضمها بالكامل وإخراجها من مصطلح الضفة الغربية والعمل على توفير مساحات تتوسع تدريجيا لاستيعاب المهاجرين اليهود لتنفيذ عملية التهويد الديمغرافي.
ونوه الأمين العام، القانوني د.حنا أن ما قامت به إسرائيل سنة 1980 كقوة عسكرية بإعلان ضم القدس إلى كيانها السياسي رسميا هدفت من ورائه تقليص الوجود الفلسطيني داخل حدود ما يسمى بلدية الاحتلال الجديدة من جانب أول ومنع أي حكومة إسرائيلية من التوصل لأي اتفاق يمس السيادة الإسرائيلية على القدس، وأشار أن الملفت للنظر حاليا بان مستقبل القدس القديمة أصبح تقريبا نسخة طبق الأصل عما جرى في مدينتي يافا وعكا الفلسطينيتين حين تم طرد اكبر عدد من الفلسطينيين بقوة السلاح "قسرا" لتتحول هذه المدن إلى مستعمرات ومدن سكنها اليهود كأغلبية ساحقة.
وقال، "سعى الصهاينة إلى إغراق المدينة بالمستوطنين، وضرب ثلاثة أطواق استيطانية حولها، الأول يطوق منطقة الحرم القدسي الشريف والبلدة القديمة والثاني يطوق الأحياء في القدس، والثالث يطوق القرى العربية المحيطة بالقدس، وتم إنشاء عدد كبير من الأحياء الاستيطانية والمستوطنات على رؤوس التلال والأودية التي تسهل الدفاع عنها وعلى أنقاض ما هدم من احياء وقرى عربية، وما اغتصب من أراضي، ما حصر المقدسين في ساحات ضيقة ومطوقة، فأقيم في الجهة الشمالية من القدس، حي أشكلول ملاصقا لحي الشيخ جراح، وأقيم على جبل سكوبس، والتلة الفرنسية حي شابيرا الاستيطاني ،إضافة إلى تجمع استيطاني كبير على جبل الزيتون، وأخر باسم راموت على أراضي النبي صموئيل، ومستوطنة باسم عتاروت على اراضي الرام وبيت حنيينا، كما أقيم حيان على أراضي جبل المكبر، وثالث باسم جيلا على أراضي بيت صفافا، ثم عاد الصهاينة لإقامة حيين استيطانيين على أراضي الشيخ جراح ، وعلى القسم الأوسط من جبل المشارف وهكذا".
وطالب القانوني د.عيسى التحرك دوليا لإجبار إسرائيل التوقف عن مواصلة سياساتها الاستيطانية العلنية والصامته وتحديها للإرادة الدولية الهادفة إلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ذلك ان مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي استيطانها للأراضي الفلسطينية المحتلة يعتبر مخالفا للأعراف والاتفاقيات الدولية خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين لعام 1949 التي حظرت على دولة الاحتلال نقل مدنييها إلى المناطق المحتلة، والمادة الثامنة الفقرة ب / 8 من ميثاق المحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 التي اعتبرت قيام دولة الاحتلال بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها من جرائم الحرب.
جدير بالذكر أن المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة تغلق ما مساحته حوالي 435,000 دونماً؛ بحجة الأمن؛ وتعتبر هذه المساحات احتياطي استيطاني قد سقطت بقبضة الاحتلال بحكم الأمر الواقع، وأن معسكرات جيش الاحتلال فقط على أراضي الضفة الغربية لحماية هذه المستعمرات مقامة على 55,000 دونم. علما أن مجموع مساحات الأراضي الضائعة من الفلسطينيين بسبب الاستيطان وحماية المستعمرات وطرقها والجدار العازل يبلغ حوالي (1864) كم وهذه تشكل ما نسبته 33 % من مجموع مساحة الضفة الغربية، وان نسبة مساحة الأراضي المصنفة (C) والتي تخضع للسيادة التامة الإسرائيلية من أراضي الضفة الغربية حوالي (63.9%) من مجموع مساحة الضفة الغربية.