انتبهوا أيها السادة... باسم الخالدي

السبت 13 مايو 2017 06:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
انتبهوا أيها السادة... باسم الخالدي



  كان الفلسطيني دوما بطبيعته و بتراكم خبراته السياسية و ثقافته العروبية و الدينية و نظرا للظلم الواقع عليه من احتلال و من يرعاه من قوى استعمارية و تهديد وجوده و هويته الوطنية، ميالا للوحدة الوطنية و القومية و حتى الاسلامية و ساعيا لتوحيد الصفوف و من منا لا يذكر الجدل السياسي أيهما نقدم على الأخر.

هل الوحدة طريق التحرير أم أن التحرير هو طريق الوحدة؟ و استبسل الفلسطيني في وجه كل محاولات تمزيقه بين داخل و شتات أو بين محاولات طمس هويته الوطنية من خلال إلحاقه بهويات وطنية أخرى أو من خلال محاربة النعرات الداخلية و التوصيفات بين قروي و مدني و مواطن و لاجئ و غزة و ضفة و عائد و مقيم أو من خلال إجراءات احتلالية قاسية لتفتيت و شرذمة الشعب و خلق العوائق التى تمنع تنقله و حرية حركته و التواصل بين أرجاء الوطن .

كل هذه الإجراءات و غيرها فشلت في ترويض الفلسطيني و تشويه ملامح هويته و ثقافته الوطنية ،الا أنه يبدو أن الانقسام اللعين بدأ بصياغات غريبة و شاذة على ثقافتنا و قيمنا وما تربينا عليه و قد ينجح، لا سمح الله، فيما عجز عنه الأخرون في تشويه ملامحنا الوطنية و قصم ظهر الأسس و القيم السائدة و التى حافظت على وجودنا كشعب و هوية و قضية. 

فماذا يعني أن نسمع أصواتا تبتهج و تبرر ما يجري لغزة و أهلها وكأنهم يستحقون ما يجري لهم وعلى الجهة التى تحكم غزة أن تتدبر أمر حليب الأطفال و الأدوية و كأن الأهل في غزة ليسوا بجزء أصيل من الشعب و أنهم ليسوا الا ضحايا للانقسام و صراع محموم على جيفة السلطة الوهم ؟؟ و كأن وقوعهم تحت حكم سلطة عاجزة وحتى مشاركة بسبب تصرفاتها و عنادها في معاناتهم يعفي الأخر الوطني من المسؤولية تجاه تقديم العون لهم و انقاذهم مما هم فيه و كفى الله المؤمنين القتال ؟!!! أو كأن سوء أداء و حتى ظلم تلك السلطة يبرر أن يفضّل البعض عودة الاحتلال للتخلص ممن يسيئون معاملته و الاستخدام الفظ للسلطة؟!!!

و كيف يمكن أن نفهم أن يخون البعض الطرف الأخر و يسعى جاهدا لإفشاله ليس عن طريق تقديم البديل الوطني الأفضل بل عن طريق مزاحمته على أبواب الغرباء الذين يسوقون لنا الوهم و كأن القضية ليست من يقدم الأفضل الوطني بل التسابق على من يكون على رأس الهرم حتى و ان كانت البضاعة هي نفس البضاعة الكاسدة؟!! و كيف نفهم تقديم أوراق الاعتماد و المرونة للأخر فيما التشدد و الغلظة تجاه الشريك الوطني؟!!!

ثم كيف نفهم مفهوم الفرقة الناجية (مع أنه موجودة قبل الانقسام و لكنه تعزز بقوة بعده) و الذي يشكك بل يرفض أهلية الأخر الوطني و قدرته على ادارة دفة الوطن وحده أو حتى بالشراكة مع المؤمنين بأفضلية الفرقة الناجية و التعامل مع هذا الأخر الوطني بتوجس وحذّر الى حين اللحظة المواتية لإلغائه أو إزاحته عن المشهد مالم ينضو تحت عباءة الجماعة التى تنظر لنفسها أنها الصواب المطلق و الحق البين دينيا و وطنيا؟!!!!

ثم كيف نفهم هذا التخبط في التعاطي مع قضية إضراب الأسرى و التى كان المتوقع أن تجمع الكل الوطني و توفر فرصة جديدة للتوافق و الاتفاق. فإذا بِنا أمام تخبط داخل السجون نفسها و استثناء  أسرى تنظيمات وازنة من المشاركة الفعالة، أو في الشارع و على الحلبة السياسية من خلال محاولات ربط المطالَب العادلة بأجندات شخصية و طموحات فردية مما أثر سلبا على مدى التعاطف الدولي الجدي و حتى على درجات التفاعل الشعبي مع هذه القضية الكبرى و تركنا أمهات و عائلات الأسرى و بعضا من متعاطفين ينتظرون الفرج و نحن عنهم لاهون و كأننا من كوكب أخر؟!!!!!

ماذا يعني تخوين الأخر الوطني و إخراجه من هويته الوطنية أو الدينية عند أي خلاف سياسي أو مطلبي في حين يسعى الجميع لإظهار نفسه بمظهر المعتدل و الملتزم بالديمقراطية و حقوق الانسان أمام الخارج المتحكم و المانح لشهادات الأهلية السياسية و الشراكة؟!! لننظر في المرآة بتمعن و بلا نظارات وهمية لنرى حجم التشوهات في ملامحنا حتى لنكاد لا نتعرف على ذواتنا و هويتنا و ملامحنا نؤمن أن الانقسام هو بالأساس انقسام سياسي و حله يجب أن يكون سياسيا قائما على الشراكة الوطنية التى لا تستثني أحدا و التوافق على برنامج سياسي جامع و الاحتكام للشعب و القبول الانتخابات و الالتزام بالقانون الأساسي في الحكم و في التنفيذ الأمين لنصوصه و الفصل بين السلطات.

الا أن ما نخشاه أن تراكم بنتيجة هذه التشوهات في النظر للأخر الوطني و طول أمد الانقسام و التمترس خلف الحزب و القبيلة على حساب القضية و الوطن، سيفشل أي محاولات جادة لانهاء الانقسام و يشرعن هذا الخلاف ليمسي انفصالا جغرافبا و قيميا و ثقافيا و حتى أخلاقيا... فانتبهوا يا سادة قبل فوات الأوان و الاغراق في التيه، كي لا نمسي مجرد مجموعات سكانية تبحث كل منها عن مصالحها الذاتية بعيدا عن الناظم الوطني و الهوية الجمعية   نقلا عن صفحة الفيسبوك للاستاذ باسم الخالدي