قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح د.ناصر القدوة اليوم خلال كلمة له في عشاءالمؤتمر الدولى "فلسطين في عالم متغير"، انه لا بد من تغيير الحياة الفلسطينية إلى حياة شعب تحت الاحتلال ورافض لهذا الاحتلال ولاستعماره الاستيطاني ومقاوم له ولو بلا سلاح.
وأضاف القدوة " علينا جميعاً محاربة المستعمرات والمستعمرين التي تشكل الخطر الأساسي على وجودنا الوطني، وعلينا أيضا التأكيد على هدفنا الوطني المركزي والمشترك والتمسك به، وهو استقلال دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس، ومقاومة محاولات القفز في الهواء أو الهروب إلى الأمام."
وأكد على أهمية قبول الحل السياسي التفاوضي شريطة وضوح القاعدة السياسية للتفاوض وأهدافه، وأنه لا بد من تحقيق جملة أمور هامة في مقدمتها استعادة الوحدة جغرافياً وسياسياً وإنهاء الانقسام، اذ لا مناص من ذلك اذا أردنا الاستقلال والحرية.
وأشار القدوة في كلمته الى سببين رئيسيين لحدوث وتزايد التغيير في العالم، أولاً: الانكفاء الواسع نحو التدين، و التشدد الديني لدى أتباع الديانات الثلاث وفي حالة المسلمين تحديداً تمدد التشدد العنيف أو الجهادي، مؤدياً إلى مزيد من الاسلاموفوبيا ، والى تعريف تقريبي جديد للإرهاب، ووضع محاربته على سلم أولويات الكثير من الأطراف الدولية الفاعلة. ثانياً: العولمة، وبين الى تأثير هذه الاسباب على المنطقة العربية ، إسرائيل ، أوروبا والولايات المتحدة، والعديد من حلفاء فلسطين، فبالنسبة للمنطقة العربية قال "حدثت تغييرات كبيرة تسببت فيها السمة الأولى فقط ،لا الثانية حيث يبدو العالم العربي وكأنه في عصر ما قبل العولمة. ولكن بالإضافة لها كان هناك سببين آخرين: إمعان النظام العربي في الإخفاق والضعف، وتدخل الأطراف غير العربية في المنطقة في شؤون العرب، وبشكل خاص إيران وكذلك إسرائيل وحتى تركيا." واشار القدوة الى ان ثورات الربيع العربي التي لم تكتمل أو لاقت الفشل بعد ان لم تجد قيادة لها وبعد ان ركبها التيار الاسلاموي، الحروب الأهلية وانهيار الدولة في العديد من الأقطار العربية، أدت إلى ضعف إضافي كبير للرافعة العربية الداعمة تقليدياً للقضية الفلسطينية، وأثر هذا على القضية الفلسطينية وسيبقى يؤثر.
بالنسبة لإسرائل قال "إسرائيل تغيرت، تعززت الاتجاهات الدينية المتعصبة والمتشددة وكذلك التيارات القومية المتشددة وطنياً وحتى العنصرية." وأضاف ان إسرائيل حصلت على حصة معقولة من الاقتصاد المعولم خاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة وصناعة السلاح مما حسن قدرتها على المساومة والتفاهم مع كثير من الدول. وبشكل عام استجابت طبعاً التيارات العامة في إسرائيل لحالة الضعف العربي والضعف الفلسطيني المتزايدين بموقف يهدف الى الحصول على المزيد من كلاهما، ثم التراجع عن مبدأ الدولتين وحتى فكرة التسوية السياسية مع الجانب الفلسطيني.
وبالنسبة للغرب وتحديداً الولايات المتحدة وأوروبا، قال القدوة ان السمتين تعملان بقوة. وتعكسا نفسهما على كل شيء خالقتان أزمة كبرى داخل النظام الرأسمالي. والأزمة باختصار تتمثل في المواجهة بين قوى الاقتصاد المعولم وقوى الاقتصاد الموطن التي تريد إعادة شركات الإنتاج إلى بلادها وفرض إجراءات حمائية لاقتصادها. ويتواكب ذلك مع مواقف ضد اللاجئين، وضد الأجانب المقيمين وضد المسلمين وضد الهياكل فوق الوطنية، وهي مواقف لأحزاب اليمين تقليدياً. وأضاف ان كل ذلك تسبب في خربطة كاملة لخريطة الأحزاب السياسية في الكثير من الدول. مثلاً انتقل قطاعات كبيرة ممن يصوت لأحزاب اليسار بما في ذلك من العمال الى التصويت لأحزاب اليمين المتطرف. ما أسهم فيما يمكن تسميته سقوط الايدولوجيا والمثل، وان المواجهة هناك ما زالت محتدمة ويصعب التنبؤ بتطوراتها وانعكاساتها على قضية فلسطين بما في ذلك مواقف القوى الناشئة ووضع الخريطة الحزبية الجديدة.
وأشار الى انه من الممكن القول ان احتدام الأزمة سبب نوعاً من الانفضاض عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية وبالقضايا الدولية أو الخارجية بشكل عام. وسبب مثلاً مزيد من الضعف للكتلة السياسية صاحبة المواقف المعقولة تجاه القضية وهي الكتلة الأوروبية خاصة بعد ما يعرف بالبريكست. وختم قائلا "بالنسبة للعديد من الدول الأخرى ، بما في ذلك القريبة تقليدياً من الجانب الفلسطيني، ما زال الجميع منخرطاً في محاولة الاكتساب من كعكة العولمة، والبعض يلهث وراء قواعدها التقليدية بغض النظر عن أزمتها الحالية."