توقعت مصادر في حركة حماس، أن ينتقل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الجديد إسماعيل هنية، للإقامة في خارج فلسطين نظراً لمتطلبات منصبه الجديد.
وأضاف المصدر "الإقامة في غزة، خطرة، نظرا للاستهداف "الإسرائيلي" المباشر، بالإضافة إلى أن من متطلبات المنصب القدرة على التحرك والسفر". بحسب الأناضول.
و فاز إسماعيل هنية اليوم السبت، برئاسة المكتب السياسي لحركة حماس بعد 30 عاما من الانتماء للحركة، تقلد فيها عدة مناصب بدأها ناشطا طلابيا قبل أن يصبح أسيرا مبعدا إلى مرج الزهور، ومن ثم مديرا لمكتب الشيخ أحمد ياسين بعد الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية عام 2007 وعودته لقطاع غزة.
وينظر الكثيرون إلى هنية إلى أنه الشخصية المعتدلة في حركة حماس مقارنةً مع شخصيات توصف بالتشدد، وأنه يحاول الحفاظ على علاقات وطنية جيدة. إلا أن مصادر من داخل حماس تؤكد أنه شخصية قوية لها كلمتها وقرارها ويتشدد في كثير من الأحيان اتجاه بعض المواقف.
ويعتبر هنية حاليا لرأس المدبر لغالبية قرارات حماس ومنها تلك التي تهاجم فتح، ويقال عنه داخل حماس بأنه الرجل الذي يعرف من أين تؤكل الكتف فلديه قدرة كبيرة في التحكم بقرارات حماس ولديه القدرة في إبداء مظهر إيجابي علنا ولكن موقفه السلبي تجاه قضايا يبقى في الخفاء وهو الذي يستطيع أن يمضي إيجابا أو سلبا في العديد من الملفات الحساسة.
وأظهر هنية حضورا شعبيا داخل حركة حماس وعلى صعيد العلاقات الداخلية الفلسطينية وجماهيريا خاصةً في أوساط سكان مخيم الشاطئ الذين عاشوا معه فترة طويلة في رئاسة الجمعية الإسلامية والنادي الرياضي لها، وكذلك على الصعيد الخارجي الذي أظهر فيه نجاحا كبيرا فتح من خلاله علاقات جيدة مع شخصيات من دول كثيرة خارج فلسطين باتوا الآن من أهم الداعمين والممولين لحركة حماس سواء ماديا أو سياسيا.
وعلى الرغم من المناصب الكثيرة التي تقلدها، إلا أن هنية حافظ على البقاء في العيش بمخيم الشاطئ الذي استقبل فيه العديد من الشخصيات البارزة، ولا زال يعيش فيه منذ عشرات السنوات إلى جانب أفراد عائلته، حيث استمر في إمامة المصلين في المسجد الغربي بالمخيم كما اعتاد منذ سنوات طويلة قبل أن يصبح رئيسا للوزراء للحكومة الفلسطينية العاشرة عقب فوز حركة حماس فيها عام 2006.
ويتوقع أن يغادر هنية قطاع غزة بعد فوزه برئاسة المكتب السياسي للاستقرار في قطر خوفا من تعرضه لعملية اغتيال إسرائيلية.
من هو هنية؟
ولد إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ للاجئين عام 1963، حيث كان والده صيادا، ووصل إلى غزة من عسقلان المحتلة في أعقاب حرب عام 1948، حيث توفي والده عندما كان طفلا، فعاش في أسرة فقيرة، وله 14 من الأبناء من بينهم عبد السلام النجل الأكبر الذي يدير الحركة الرياضية في غزة.
كان معروفا بحبه لكرة القدم، وتشجيعه لفريق مخيم الشاطئ للاجئين، وقد لعب كرة القدم بين حين وآخر، درس في الجامعة الإسلامية التي تخرج منها عام 1987 من قسم الأدب العربي.
بدأ هنية نشاطه داخل الكتلة الإسلامية التي كانت تمثل الذراع الطلابي للإخوان المسلمين، ومنها انبثقت حركة حماس، وعمل عضوا في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية في غزة بين عامي 1983 و 1984، ثم تولى في السنة الموالية منصب رئيس مجلس الطلبة، حيث عرفت الجامعة في هذه الفترة خلافات حادة بين الكتلة الإسلامية، والشبيبة الفتحاوية التي مثلت الذراع الطلابية لحركة فتح التي كان يترأسها دحلان في الجامعة، وبعد تخرجه عمل معيدا في الجامعة، ثم تولى الشؤون الإدارية بعد ذلك.
اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1989 لمدة ثلاث سنوات، ثم نفي بعدها إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الفلسطينية مع ثلة من قادة حماس، حيث قضى عاما كاملا في الإبعاد عام 1992.
في عام 1996 لجأ مع مجموعة من قيادات حماس لتأسيس حزب الخلاص الإسلامي ليشكل لها واجهة سياسية على إثر الاعتقالات التي كانت تنفذها السلطة آنذاك ضد الحركة، وحظي تأسيس الحزب بموافقة السلطة الفلسطينية.
وفي عام 1997 تم تعيينه رئيسا لمكتب الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية بصفقة أردنية، ومنذ ذلك الحين أصبح أحد أكثر الأشخاص المقربين من الشيخ، وكان يُرافقه إلى كل مكان، وكان يدفعه على كرسيه المُتحرك.
حاول هنية الترشح لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الأولى عام 1998 من بوابة حزب الخلاص، ولكنه سحب ترشحه في أعقاب ضغوط مارستها قيادة حماس عليه وعلى قيادات أخرى من الحركة شاركته في الحزب.
مع بداية انطلاق انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000 وخروج قيادات كبيرة في الحركة من سجون السلطة الفلسطينية، عملت حركة حماس على حل حزب الخلاص بعد أن رأت فيه أنه أضعف الحركة وعمل على استقطاب معظم كوادرها خارج السياق الذي تريده سياسيا.
تعزز موقعه في حركة حماس خلال انتفاضة الأقصى بسبب علاقته بالشيخ أحمد ياسين وبسبب الاغتيالات الإسرائيلية لقيادة الحركة، ففي أيلول عام 2003، تعرض الشيخ ياسين وهنية وقيادات من حماس لمحاولة اغتيال فاشلة في حي الشيخ رضوان.
في ديسمبر 2005 ترأس قائمة التغيير والإصلاح التي فازت بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية عام 2006، حيث قاد الحركة في الانتخابات التي أجريت في 25 كانون الثاني 2006، وانتُخب رئيس حكومة السلطة الفلسطينية.
في تلك الفترة عانت السلطة الفلسطينية من مقاطعة اقتصادية، بسبب تعريف حماس كمنظمة "إرهابية"، وفي كانون الأول من عام 2006 سافر هنية إلى جولة لقاءات في العالم العربي بهدف تجنيد الأموال، وعندما عاد تعرض موكبه لإطلاق نار داخل معبر رفح من مجموعة مسلحة وقتل أحد حراسه وأصيب ابنه.
استمر هنية في تولي منصب رئيس حكومة الوحدة الفلسطينية التي شكلت في آذار عام 2007، وعُين عزام الأحمد من فتح نائبا له. ورغم أنه في نهاية ذلك العام أعلن الرئيس محمود عباس عن إقالة هنية، رفضت حماس قبول الإقالة وبقي هنية في منصبه كرئيس لحكومة حماس في غزة حتى عام 2014 بعد التوصل لاتفاق ما عرف باسم "إعلان الشاطئ" الذي بموجبه تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
نجح هنية في قيادة نفسه إلى مناصب أخرى داخل حماس تزامنا مع دوره الحكومي بغزة، ونجح في انتخابات أجريت داخل الحركة عام 2012 في أن يكون نائبا لرئيس المكتب السياسي.
في 25 يوليو 2009، وفي أثناء حفل تخرج الفوج الثامن والعشرين في الجامعة الإسلامية بغزة منحت إدارة الجامعة هنية شهادة الدكتوراه الفخرية ووسام الشرف من الدرجة الأولى تقديرا لجهوده في خدمة القضية الفلسطينية.
في عام 2014 خلال الحرب الأخيرة على القطاع، دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أجزاء من منزله، وقيل أنه تعرض لمحاولة اغتيال أدت حينها لإصابة نائبه في غزة عماد العلمي الذي أصيب في بتر بقدمه لدى محاولتهم الخروج من المكان بعد قصفه.
وأعلن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي الأسبق اليوم السبت فوز هنية برئاسة المكتب، خلفا له، خلال الانتخابات التي جرت اليوم السبت في غزة والدوحة في وقت متزامن، بواسطة نظام الربط التلفزيوني "الفيديو كونفرنس".