يعقد محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، مؤتمرا لجماعته في العاصمة الفرنسية باريس، وسيشارك فيه شخصيا برفقة عدد من مساعديه. والغرض من هذا الاجتماع هو تشكيل قيادة جديدة في «ساحة أوروبا».
في الوقت ذاته تبرأت حركة فتح رسميا من المؤتمر، وقالت إنه «خارج عن النظام»، وذلك بعدما انتقد الناطق باسم قوات الأمن الفلسطينية استضافة عواصم إقليمية وعربية من بينها القاهرة، مؤتمرات لـ «استهداف الشرعية».
وقال مصدر في ما يعرف بـ «جماعة دحلان» لـ «القدس العربي»، إن مؤتمر فرنسا يهدف إلى عقد لقاء موسع لكافة المنتمين لهذا التيار في ساحة أوروبا، لافتا إلى أن المجتمعين سيشرعون في مناقشة «ورقة سياسية»، وإن نهاية المؤتمر ستشهد اختيار قيادة جديدة للقسم الغربي في «ساحة أوروبا».
وأشار إلى أن المؤتمر سيناقش كذلك هيكلة الجماعة في تلك الساحة، من خلال اعتبار دول أوروبا عبارة عن «قواطع تنظيمية»، حسب وصفه، تجمعها قيادة موحدة سيفرزها المؤتمر.
وأوضح أن دحلان ومساعديه الكبار سيحضرون مؤتمر فرنسا، وسيلقي دحلان كلمة، على غرار كلمته التي ألقاها في «مؤتمر الشباب» الذي عقد الشهر الماضي في العاصمة المصرية القاهرة.
وكشف المصدر وهو أحد العاملين في «جماعة دحلان» لـ «القدس العربي»، أن هذا التيار شرع مؤخرا في عملية أسماها «هيكلة المناطق»، من خلال قيام أنصاره في الضفة الغربية، بتشكيل هيئات قيادية، وقيام مساعده في لبنان عيسى اللينو، بتشكيل قيادة أخرى هناك خلافا لقيادة فتح الرسمية، إضافة إلى تشكيل قيادة شبابية عقب انتهاء مؤتمر القاهرة.
وأوضح أن مؤتمرا للمرأة ستعقده الجماعة في قطاع غزة بعد أيام قليلة، سيفضي في نهايته لاختيار إطار من النساء يشرف على هذا الهيكل. وقال إن الانتهاء من المؤتمرات في كافة المناطق، سيفضي إلى عقد مؤتمر عام موسع، ينتخب قيادة جديدة للجماعة، تكون بقيادة دحلان.
وعلمت «القدس العربي» أن «جماعة دحلان» شكلت مؤخرا هيكلا تنظيميا في غزة، بعيدا أيضا عن الهيكل الرسمي لفتح. ولم يكشف المصدر عن موعد ومكان المؤتمر الموسع المنوي عقده، خاصة في ظل ما يتردد أن مصر رغم خلافاتها الأخيرة التي ظهرت مع حركة فتح، وتمثلت بعدم السماح لأمين سر الحركة جبريل الرجوب بالدخول لأراضيها، لم تعط موافقة على عقد المؤتمر على أراضيها، خاصة وأنه سيكون بمثابة مؤتمر مواز لمؤتمر فتح السابع.
وعقب الكشف عن وصول الترتيبات لعقد مؤتمر «جماعة دحلان» في أوروبا، لمراحلها النهائية، أعلنت فتح تبرؤها من المؤتمر. وأكدت في بيان أنه لا علاقة تنظيمية لها مع الداعين لمؤتمرات باسمها في أوروبا، ونفت صلتها بما يسمى مؤتمر «فتح في باريس». وأدانت ما اسمتها «محاولات استغلال اسم الحركة لعقد مؤتمرات، أو نشاطات، في الوقت الذي لا تربط هذه المؤتمرات بالحركة أي صلة تنظيمية قانونية». وأدان البيان أي محاولة لعقد «مؤتمرات خارجة على النظام، والأطر الرسمية القانونية للحركة».
وفي السياق قال سفير فلسطين لدى فرنسا سلمان الهرفي، إن مؤتمر فرنسا سيكون لمن وصفهم بـ «المتجنحين»، وإن هدفه «ضرب إنجازات الرئيس محمود عباس الدبلوماسية، وتضليل الرأي العام عن القضية الفلسطينية». وأضاف في تصريحات «هدف المؤتمرات الخارجة على الصف الوطني تضليل الرأي العام، وتحييده عن القضية الفلسطينية، ومحاولة لعرقلة نجاحات سيادته (الرئيس) في العالم».
وأكد أن حركة فتح لم تدع إلى عقد مؤتمر في باريس، معربا عن استنكاره لاستخدام اسم الحركة لـ «استغلال القضية الفلسطينية، وتوظيفها لأجندات شخصية».
وأشار إلى أن فتح عقدت مؤتمرها السابع، في رام الله، بحضور ممثلين عن 63 دولة، وانتخبت الأطر القيادية وفق النظام والقانون، مضيفا «أما المؤتمرات الخارجة على الصف الوطني فهدفها ضرب نجاحات الرئيس». وقال إن الشخص الداعي لما يسمى «مؤتمر باريس» هو «شخص مفصول من حركة فتح لارتباطه بأجندات خارجية».
وكشف السفير الهرفي أن بعض الشخصيات العربية تراجعت عندما علمت بحقيقة أهداف هذا المؤتمر والداعين له، عن الحضور، وذلك بعدما قالت الجهات الرسمية في بيان إن من يقف خلفه هم من «المتجنحين المفصولين» من حركة فتح.
وأكد السفير أن القائمين على المؤتمر استخدموا اسم الحركة واستغلوها لـ «خدمة أجندات شخصية، متعلقة بعرقلة جهود القيادة السياسية الفلسطينية، وهدم نجاحاتها على الصعيد الدولي».
وتطلق حركة فتح مصطلح «المتجنحين» على أنصار دحلان. وقد شكلت الحركة في وقت سابق لجنة خاصة لمتابعة هذه القضية، حيث اتخذت قرارات في أوقات ماضية قضت بفصلهم من أطر الحركة.
وكان المفوض السياسي العام، والناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية، اللواء عدنان ضميري، قد أدان بشدة عقد أربعة اجتماعات في عواصم المنطقة خلال الشهرين الماضيين، في إشارة إلى الاجتماعات التي عقدت في طهران لدعم الانتفاضة وفي اسطنبول للمغتربين الفلسطينيين في الشتات، ومرتين في مصر لأنصار دحلان.
وقال خلال اجتماعه قبل أيام مع المفوضين السياسيين المركزيين إن ذلك يؤكد على «استهداف الشرعية الفلسطينية». وأكد أن القضية الوطنية «تتعرض إلى مؤامرة، تستهدف النيل من الشرعية الفلسطينية، خاصة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده».
وأضاف «أن عقد أربعة اجتماعات في طهران، وإسطنبول، وعين السخنة، والقاهرة بمشاركة العديد من الفلسطينيين، الذين لا يحملون أية صفات تمثيلية، ودعوتهم إليها سرا ليست صدفة»، مشيرا إلى أنها «محاولة يائسة للبحث عن بدائل لمنظمة التحرير والنيل من مكانتها».