قال رئيس دولة فلسـطين محمود عباس، إن فلسطين سـتبقى الاختبار الأكبر أمام مجلس حقوق الإنسـان التابع للأمم المتحـدة، وإن نجاحه فيها ســيحدد مدى ديمومة منظومة حقوق الإنسان في العالم أجمع.
وأكد الرئيس في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في جنيف، اليوم الإثنين، أن فلسطين حقيقة واقعة وذات جذور أصيلة في النظام الدولي، ومن غير المجدي لمصلحة السلام والعدالة أن يتحدث البعض عن حلول مؤقتة عن دولة واحدة، أو محاولات دمج لها في إطار إقليمي كما تسعى لذلك الحكومة الإسرائيلية الحالية، أو التراجع عن الإنجازات التي تحققت.
ودعا سيادته الدول التي اعترفت بإسرائيل، وتؤمن بحل الدولتين، أن تدافع عن هذا الحل وتدعمه، بالاعتراف بدولة فلسطين، حماية له أمام مخاطر التراجع عنه والتهرب منه.
وجدد الرئيس استعداده للعمل بإيجابية مع جميع دول العالم، بمن فيهم الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس ترامب، لتحقيق السلام على أساس القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن تحقيق حلّ الدولتين تعيشان جنباً إلى جنب في حسن جوار، وطبقاً لحدود عام 1967، الأمر الذي سيعزز السلام والاستقرار في العالم.
وحذر سيادته من مغبة قيام أي طرف بخطوات تساهم في ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، بما فيها تشجيع الاستيطان، أو السكوت عن انتهاك المقدسات، أو نقل سفارة أي دولة كانت إلى القدس؛ فالقدس الشرقية أرضٌ محتلةٌ، وهي عاصمة دولة فلسطين، مؤكدا رفض استخدام الدين في الحلول الســـياسية.
ودعا المفوض السامي لحقوق الإنسان لاستكمال الإعداد لقاعدة بيانات بالشركات التي تنتهك القانون الدولي كما تم اعتماده سابقاً، وأهمية تعزيز آليات رقابة المجلس لوضع حقوق الإنسان في فلسطين، وتقويتها من خلال المشاركة في أعمال البند السابع، كبند ثابت على أجندة المجلس، الأمر الذي يتسق مع المسؤولية التاريخية للأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية إلى أن تحل بجميع جوانبها.
وثمن سيادته دور مجلس حقوق الإنسان في الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على رفعة المبادئ التي أنشئ من أجلها هذا المجلس.
ووضع الرئيس، المجلس في صورة واقع حقوق الإنسان في دولة فلسطين المحتلة، وقال: إن إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال تنتهك أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتضع نفسها فوق القانون الدولي، وتضرب عرض الحائط، بميثاق الأمم المتحدة، واتفاقية جنيف الرابع.
ودعا الرئيس، الأمم المتحدة وهيئاتها وأعضاءها، إلى تحمل مسؤولياتها كافة، خاصة مجلس الأمن؛ في ظل الواقع بالغ الخطورة، الذي يشهد تصعيداً خطيراً في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل ممنهج وواسع النطاق، من قبل إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال.
وجدد سيادته المطالبة بإيجاد نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني، يضع حداً لانتهاك حقوقه الأساسية، إلى جانب وضع آلية ملزمة، وجدول زمني واضح ومحدد، لإنهاء الاحتلال، وإزالة آثاره كافة بما فيها الجدار والمستوطنات، وبما يفضي لتحقيق الاستقلال لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، لتعيش بأمن وسلام واستقرار جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وشدد على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 بأسرع وقت ممكن، لتمكين شعبنا من إقامة دولته وقطع الطريق على تكريس واقع الدولة الواحدة بنظامين، وهذا يعني نظام الأبهارتايد الذي يعتبر المصدر الأول للتحريض والعنف.
وعلى الصعيد الوطني، أكد الرئيس مواصلة العمل على تعزيز بناء المؤسسات الوطنية، وعلى أساس سيادة القانون، والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، والدفع باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المجالات كافة؛ إلى جانب العمل على مساعدة أهلنا من اللاجئين في سوريا ولبنان من أجل الصمود والبقاء والابتعاد عن الصراعات في أماكن تواجدهم.
وفي مجال عمل مؤسساتنا الوطنية لترسيخ دولة القانون، ومواءمة التشريعات الوطنية مع قواعد القانون الدولي، وفاءً لما وقعناه من معاهدات دولية، أعلن سيادته عن تقديم التقرير الأول لإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المعروف باسم سيداو) في الثامن من آذار القادم، تقديراً لدور المرأة الفلسطينية وتضحياتها في الصمود والبناء.
وخاطب سيادته مجلس حقوق الانسان، قائلا: "ستبقى فلسطين هي الاختبار الأكبر أمام هذا المجلس، ونجاحه في الدفاع عن حقوق الإنسان فيها، سيحدد مدى ديمومة منظومة حقوق الإنسان في العالم أجمع، وعلينا جميعاً ألا نفشل في هذا الاختبار".
وفيما يلي نص الكلمة:
أتشرف اليوم بحضور أعمال مجلسكم الموقر، مثمناً الدور الهام الذي تقومون به للدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على رفعة المبادئ التي أنشئ من أجلها هذا المجلس، ولأضعكم في صورة واقع حقوق الإنسان في دولة فلسطين المحتلة، وهو واقع مأساوي، فإسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال في وطني تنتهك أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي كذلك تضع نفسها فوق القانون الدولي، وتضرب عرض الحائط، بميثاق الأمم المتحدة، واتفاقية جنيف الرابعة؛
السيد الرئيس،
لقد مر سبعون عاماً على قيام القوات الإسرائيلية بتشريد نصف سكان فلسطين في العام 1948 من أرضهم، وهدم ومسح آثار أكثر من أربعمائة قرية وبلدة فلسطينية من الوجود، وقد مر خمسون عاماً على احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية، وبما فيها القدس الشرقية، في العام 1967، وفي ظل هذا الواقع البالغ الخطورة الذي يشهد تصعيداً خطيراً في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل ممنهج وواسع النطاق، فإننا بحاجة، أكثر من أي وقت، لأن تتحمل الأمم المتحدة وهيئاتها وأعضاؤها مسؤولياتها كافة، وخاصة مجلس الأمن؛
ونجدد اليوم المطالبة بإيجاد نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني، يضع حداً لانتهاك حقوقه الأساسية، وبما يضمن التوقف عن مصادرة الأراضي والاستيلاء على أحواض المياه الجوفية، ومواصلة الاعتقالات وهدم المنازل وغيرها من الممارسات العنصرية، وبما يضمن لأطفاله العيش بأمن وسلام، إلى جانب وضع آلية ملزمة، وجدول زمني واضح ومحدد، لإنهاء الاحتلال، وإزالة آثاره كافة بما فيها الجدار والمستوطنات، وبما يفضي لتحقيق الاستقلال لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، لتعيش بأمن وسلام واستقرار جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
تعلمون أن إسرائيل تواصل انتهاكاتها وممارساتها وحصارها واعتقالاتها لآلاف المواطنين الفلسطينيين في سجونها، وقد أعلنت مؤخراً عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في أرضنا، وأصدرت قانوناً من الكنيست يشرع سرقة الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديداً الأراضي الخاصة منها، وهي سابقة خطيرة، نرفضها ويرفضها المجتمع الدولي بأسره، وهو الأمر الذي لا يترك مجالاً لشعبنا لإقامة دولته، ويكرس واقع الدولة الواحدة بنظامين، وهذا يعني نظام الأبهارتايد الذي يعتبر المصدر الأول للتحريض والعنف؛ والمطلوب أن يصار لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 بأسرع وقت ممكن.
السيد الرئيس، إن فلسطين اليوم حقيقة واقعة وذات جذور أصيلة في النظام الدولي، بعد أن اعترف بها المجتمع الدولي كدولة مراقب في العام 2012، وانضمامها للعديد من الوكالات والمعاهدات الدولية، وقد اعترفت بها 138 دولة، ورفع علمها في الأمم المتحدة؛ وعليه فإنه من غير المجدي لمصلحة السلام والعدالة أن يتحدث البعض عن حلول مؤقتة عن دولة واحدة، أو محاولات دمج لها في إطار إقليمي كما تسعى لذلك الحكومة الإسرائيلية الحالية، أو التراجع عن الإنجازات التي تحققت.
وفي هذا الصدد فإننا ندعو الدول التي اعترفت بإسرائيل، وتؤمن بحل الدولتين، أن تدافع عن هذا الحل وتدعمه، وذلك بالاعتراف بدولة فلسطين، حماية لهذا الحل أمام مخاطر التراجع عنه والتهرب منه.
السيد الرئيس،
إن أيدينا، ما زالت ممدودة للسلام، ونحن منفتحون دوماً على الحوار الإيجابي مع الجهود والمبادرات السلمية كافة، والتي كان آخرها مؤتمر باريس الدولي للسلام؛ ونقف دوماً ضد كل أشكال الإرهاب وننبذه في منطقتنا وفي أنحاء العالم كافة، كما ونجدد التعبير عن استعدادنا للعمل بإيجابية مع جميع دول العالم، بمن فيهم الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس ترامب، لتحقيق السلام على أساس القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن تحقيق حلّ الدولتين تعيشان جنباً إلى جنب في حسن جوار، وطبقاً لحدود العام 1967. الأمر الذي سيعزز السلام والاستقرار في العالم.
لذلك نجدد التحذير من مغبة قيام أي طرف بخطوات تساهم في ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، بما فيها تشجيع الاستيطان، أو السكوت عن انتهاك المقدسات، أو نقل سفارة أي دولة كانت إلى القدس؛ فالقدس الشرقية أرضٌ محتلةٌ، وهي عاصمة دولة فلسطين، ولا نعترف بقرارات ضمها، ونريدها أن تكون مدينة مفتوحة لأتباع الديانات السماوية الثلاث. وهنا نؤكد على موقفنا بحزم وبشدة بأننا نرفض استخدام الدين في الحلول السياسية.
وفي هذا الصدد، فإننا ندعو المفوض السامي لحقوق الإنسان لاستكمال الإعداد لقاعدة بيانات بالشركات التي تنتهك القانون الدولي كما تم اعتماده سابقاً، وأهمية تعزيز آليات رقابة المجلس لوضع حقوق الإنسان في فلسطين، وتقويتها من خلال المشاركة في أعمال البند السابع، كبند ثابت على أجندة المجلس، الأمر الذي يتسق مع المسؤولية التاريخية للأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية إلى أن تحل بجميع جوانبها.
أما على الصعيد الوطني، فنحن نواصل العمل على تعزيز بناء مؤسساتنا الوطنية، وعلى أساس سيادة القانون، والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، والدفع باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المجالات كافة؛
ومن ناحية أخرى، فإننا نعمل على مساعدة أهلنا من اللاجئين في سوريا ولبنان من أجل الصمود والبقاء والابتعاد عن الصراعات في أماكن تواجدهم، وهنا نشكر وكالة الأونروا على المساعدات التي يقدمونها.
وفي موضوع آخر، نعمل على توحيد أرضنا وشعبنا، ونقوم بواجباتنا تجاه أهلنا في قطاع غزة، ونعمل لأجل إعادة إعمار ما دمره الاحتلال ورفع الحصار الإسرائيلي عنه، كما نعمل على إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية بأسرع وقت ممكن، وقد حددنا منتصف أيار القادم لإجراء الانتخابات المحلية في فلسطين.
وفي مجال عمل مؤسساتنا الوطنية لترسيخ دولة القانون، ومواءمة التشريعات الوطنية مع قواعد القانون الدولي، وفاءً لما وقعناه من معاهدات دولية، فإنني أعلن باعتزاز كبير عن تقديم التقرير الأول لإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المعروف باسم سيداو) في الثامن من آذار القادم، تقديراً منا لدور المرأة الفلسطينية وتضحياتها في الصمود والبناء، وستقوم دولة فلسطين بالوفاء بالتزاماتها كافة، وتقديم باقي تقارير منظومة حقوق الإنسان خلال الأشهر القادمة.
وكانت فلسطين قد قدمت تقارير أخرى تتعلق بجودة البيئة، ومكافحة الفساد والتنوع الثقافي، وفق التزاماتنا الدولية، وبما يعزز ويصون حقوق شعبنا وكرامته على أرضه.
مرة أخرى أتمنى لأعمال هذا المجلس الموقر النجاح، وتحقيق كل ما يعزز وضع ومكانة حقوق الإنسان في عالمنا أجمع؛ وبما يساهم في إعادة الاعتبار لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة خاصة، ويضع حداً للانتهاكات المتواصلة لهذه الحقوق فيها، الأمر الذي سيعيد الاعتبار لمنظومة حقوق الإنسان واحترامها على المستوى الدولي.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
ستبقى فلسطين هي الاختبار الأكبر أمام هذا المجلس، ونجاحه في الدفاع عن حقوق الإنسان فيها، سيحدد مدى ديمومة منظومة حقوق الإنسان في العالم أجمع، وعلينا جميعاً ألا نفشل في هذا الاختبار.