يعاني قطاع غزة من تلوث خطير في المياه نتيجة التراجع السريع في مخزون المياه الجوفية، وباتت نسبة التلوث تصل إلى 90%، ما أدى إلى تفشي أمراض خطيرة.
حذر رئيس قسم الكلي في مستشفى الشفاء في غزة عبد الله القيشاوي، من زيادة في عدد مرضى الفشل الكلوي 'ناتجة عن تلوث المياه خاصة في ظل ظروف الحصار الحالي'.
وأوضح أن مياه القطاع تحتوي على 'نسبة مرتفعة من النيترات والكلورايد تعتبر سببا من أسباب الفشل الكلوي في قطاع غزة' مشيرا أيضا إلى نسب مرتفعة في المياه 'لبعض المعادن الثقيلة الأخرى، مثل الرصاص والكبريت التي تؤثر على صحة الناس'.
وعبرت الممثلة الخاصة لليونيسف في فلسطين جون كنوغي، عن قلقها إزاء مشاكل المياه في القطاع قائلة إن 'قضية المياه الصالحة للشرب مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي وللفلسطينيين'.
وأضافت 'يواصل غالبية سكان غزة، أي نحو الثلثين شراء المياه من القطاع الخاص، لكن علينا أن نتأكد من جودة هذه المياه ومعرفة القدرة على تحمل تكاليفها، لأن العديد من المنازل الفقيرة غير قادرة على تحمل نفقة مواصلة شراء هذه المياه'.
وأوضحت المسؤولة في اليونيسف لفرانس برس أن 'الكثير من الأطفال يعانون من الطفيليات والديدان والإسهال وسوء التغذية، ويملك 10% فقط من سكان غزة إمكانية الوصول إلى مياه آمنة'.
وأضافت أن الحلول 'هي إدارة أفضل للمياه الأمنة ونظام المياه العادمة، وصيانة الأنابيب لأن الخسارة تصل أحيانا إلى 40% من المياه الأمنة بسبب الأنابيب المكسورة التي يوجد فيها تسريب، كما يتوجب تحلية المياه الجوفية أو تحلية مياه البحر'.
ويؤكد مدير عام مصلحة بلديات الساحل منذر شبلاق، أن القطاع 'مقبل على كارثة مائية وبيئية فعليا'.
وأضاف شبلاق لفرانس برس أن 'نسبة الملوحة في المياه في ارتفاع دائم ومياهنا باتت لا تصلح للاستخدام الأدمي، ولا حلول في ظل الحصار الإسرائيلي'.
وتفرض إسرائيل منذ عشر سنوات حصارا بريا وبحريا وجويا مشددا على القطاع.
ويقول شبلاق إن 'مياه الصرف الصحي نقمة، لأنه لا توجد لدينا محطة صرف صحي بالكفاءة المطلوبة'.
وحذرت الأمم المتحدة في تقرير شامل أصدرته في وقت سابق من أن المياه لن تكون صالحة للاستخدام البشري في العام 2020 في قطاع غزة.
ويقول مسؤول قسم المياه في منظمة اليونيسف المهندس زيدان أبو زهري، لفرانس برس 'إننا مقبلون على كارثة مائية، إن لم تكن في هذه السنة ستكون في السنوات الثلاث القادمة'، موضحا أن القطاع 'يعتمد بشكل كامل على الخزان الجوفي، يتم شحنه من مياه الأمطار بمعدل 60 مليون متر مكعب في السنة، لكن يتم سحب 180 مليون متر مكعب سنويا ليكون العجز في الخزان سنوياً بنحو 120 مليون متر مكعب'.
وأكد أبو زهري لفرانس برس أن أحد الحلول هو 'اللجوء إلى تحلية مياه البحر لنوقف السحب الجائر من الخزان الجوفي'.
ويبلغ عدد سكان القطاع الذي يعتبر من أكثر مناطق العالم اكتظاظا وفقرا، أكثر من مليوني فلسطيني.
ويضيف شبلاق 'لا شك أن الحصار هو أحد أهم المشاكل التي تواجهنا، وفي حال لم يتم الضغط على الجانب الإسرائيلي للبدء بالحلول قبل العام 2020، نكون فعلا هذه المرة قد وصلنا إلى كارثة إنسانية'.
وكشف الطبيب القيشاوي عن 'زيادة سنوية بنسبة 14 % لمرضى الفشل الكلوي' مضيفا أن 'تلوث المياه يمكن أن يكون أيضا سببا من أسباب السرطان في قطاع غزة'.
لكن الحلول ليست سهلة على ما يقول شبلاق الذي يرى أن 'رفع الحصار الإسرائيلي وحل مشكلة الانقسام الفلسطيني وتأمين مصادر الطاقة يمكن أن يسرع الحلول'.
ويقول الخبير في شؤون المياه البروفيسور عدنان عايش، إنه وفق دراسة أجراها بالتعاون مع جامعة الأزهر التي يدرس فيها تبين أن 'نحو 75 % من المياه المحلاة التي توزع على البيوت ملوثة'.
وأضاف عايش 'يجب إيجاد حلول سريعة عبر توفير مياه صالحة للشرب للمواطن والمطالبة بحقوقنا المائية باعتبار أن غزة والضفة الغربية جزء من وطن واحد متكامل، فبالإمكان التعاون من أجل الاستفادة من المياه في الضفة والمطالبة بحقوقنا من إسرائيل'.
وأكد عايش 'أن السكان القريبين من محطات معالجة الصرف الصحي لديهم نسبة مرتفعة من الإصابة بمرض السرطان'.
יما مدير دائرة البيئة في وزارة الصحة الفلسطينية سامي لبد، فيقسم تلوث المياه إلى قسمين 'تلوث كيميائي وتلوث مايكروبيولوجي' موضحا أن التلوث الكيميائي يشكل 97% وناتج عن ارتفاع عنصر الكلورايد والنترات والملوحة، وإن تلوث النترات هو الأخطر.
وقال لبد أيضا إن 'زيادة الملوحة تسبب مشاكل في الجهاز البولي ويمكن أن تؤدي في مراحل متقدمة إلى الفشل الكلوي'.