قال د. نبيل شعث، مستشار الرئيس للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية إن القضية الفلسطينية تواجه الآن أكبر أخطار منذ العام 1948 حيث تحاول إسرائيل الاستيلاء على الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وهو ما لا يمكن التساهل به دولياً، مشدداً على أننا «لن نتراجع عن مواقفنا الوطنية».
وشدد د. شعث في حديث للايام على «رفض أي محاولة للتطبيع مع إسرائيل لا تخضع لقواعد مبادرة السلام العربية»، وقال «نحن نرفض أي محاولة للتطبيع ما بين الدول العربية وإسرائيل الا وفقا لمبادرة السلام العربية التي تنص بأن على إسرائيل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على الأرض وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين ومن ثم تطبع الدول العربية علاقاتها معها (..) هذه هي شروط مبادرة السلام العربية ونحن ملتزمون بها تماما وسندافع عن موقفنا فيها بشكل كامل».
ولخص د. شعث، في أول حديث منذ تسلمه منصبه الجديد، الوضع الحالي بأنه «وضع دولي متغير بما يسبب جزءاً كبيراً من عدم الاستقرار ووضع عربي ضعيف ومقسم وانقسام فلسطيني وتستغل كل ذلك حكومة يمينية إسرائيلية ترى في ذلك فرصتها الذهبية لتكرار كارثة 1948 على الضفة الغربية بتشريع الاستيطان والاستيلاء على القدس الشرقية وإنهاء مفهوم حل الدولتين».
وأشار إلى أن ذلك يستدعي استراتيجية فلسطينية لمواجهة الخطة الإسرائيلية، وقال «علينا عدة مهام أولها في الداخل الفلسطيني بإنهاء الانقسام وإعادة بناء اقتصادنا لننهي الهيمنة الإسرائيلية وإحياء شرعية منظمة التحرير الفلسطينية وتكريس الدولة، وان نصعد الحراك السلمي والمقاطعة مع الاستمرار في الحراك الدولي، وان نطور علاقاتنا مع الدول العربية وخاصة السعودية والأردن ومصر ولبنان».
وذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب «يمثل تلك الشريحة في الولايات المتحدة الأميركية التي تعتقد أن بالإمكان أن تستعيد أميركا هيمنتها الأحادية على العالم».
ولفت د. شعث إلى ان «القضية الفلسطينية تأثرت دائما تأثرا كبيرا بالتغيرات العربية والدولية وبالتأكيد الفلسطينية والدولية، ولكن قضيتنا في الصراع الدولي أيا كان شكله، لأن إسرائيل حليفة استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية وقبلها كانت حليفة استراتيجية لبريطانيا أولا وثم فرنسا، وهي كيان مصطنع عدواني استيطاني إحلالي، وبالتالي لم يكن بالامكان تنفيذ هذا الا بالاستعانة بحلفاء دوليين لهم مطامع في المنطقة، في يوم من الأيام كانت الدولة الكبرى في الموضوع هي بريطانيا وأثناء حرب الجزائر توجهوا إلى فرنسا لدورها في المنطقة وفرنسا وبريطانيا في حرب 1956 ومن ثم وجدوا أن الحليف الرئيسي هي الولايات المتحدة».
وقال «بالتالي فإن ما بني في إسرائيل من إمكانيات عسكرية وسياسية واقتصادية وتقنية عبر الزمن والتحالف الاستراتيجي ما بين إسرائيل والولايات المتحدة الآن يجعل أي تغييرات في الحسابات الدولية تؤثر إيجاباً او سلباً على القضية الفلسطينية».
وأضاف «وبالنسبة لنا فإن الحليف الاستراتيجي هي أمتنا العربية، وبالتالي فانه يستحيل تصور إمكانية إنهاء الاحتلال الا بإمكانات عربية تقف إلى جانبنا في مواجهة إسرائيل فتعدل من موازين القوى، ولذلك فان الحرب الوحيدة التي وضع فيها العرب إمكاناتهم لمواجهة العدوان الإسرائيلي كانت حرب 1973 فهي الحرب الوحيدة التي توحد العرب فيها وقرروا وحددوا موعد الانطلاق، ولذلك كانت معركة عظيمة، صحيح أنها لم تنتج الانتصار الذي كنا نتوقعه ولكن أحدثت تغييرا في موازين القوى».
وتابع «ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن مررنا بمراحل صعبة عديدة، واذكر دائما حرب 1982 حيث صمدنا 88 يوما في وجه القوات الإسرائيلية المسلحة بكاملها برا وبحرا وجوا، ولم تتدخل دولة عربية واحدة، ولم يعقد اجتماع قمة عربي واحد ولم تكن هناك مظاهرات شعبية لمساندتنا».
وفي استعراضه الظروف العربية التي سادت آنذاك قال «مرت ظروف أخرى كانت تقف معنا امتنا واحيانا لم تقف، ونحن الآن في اضعف مرحلة مرت بها الأمة العربية منذ سنين طويلة، نحن مسؤولون كعرب ولكن الجريمة الكبرى حدثت عام 2003 عندما قاد جورج بوش الابن الجيوش الأميركية لاحتلال العراق وتدميره ككيان من خلال حل الحكومة والجيش وحزب البعث، ووصلت الامور إلى تقسيم العراق ثم نتجت داعش وإرهابها، وتحول ذلك إلى سورية ومن هناك أصبحت هناك امتدادات إلى ليبيا وغيرها، وأضف إلى ذلك الصراع الإيراني العربي وخاصة الخليجي».
ووصف د. شعث الوضع العربي بأنه في منتهى الصعوبة، وقال «حتى الدول العربية التي ليس فيها صراع داخلي تعاني من الصراع الداخلي لجيرانها، فمصر تتأثر بما يحدث في ليبيا وما يحدث في سيناء والأردن تتأثر بما يحدث في سورية، والأوضاع الاقتصادية في المنطقة كلها صعبة، لذلك فإنه في مثل هذه الأجواء فإن من الصعب الاستناد إلى الدعم العربي الذي يعدل ميزان عدم تكافؤ القوى بيننا وبين إسرائيل».
وتابع «يضاف إلى هذا إعادة ترتيب مراكز القوى في العالم وهو ما انتج ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما ينعكس دائما على المنطقة الأضعف وهي منطقة الشرق الأوسط، فهي لم تنعكس على اليابان او الصين او أميركا اللاتينية، فانظر إلى عدد القوى التي تقاتل في سورية من اجل مواقعها الاستراتيجية وليس من أجل سورية».
ورأى د. شعث أن «العالم ينتقل من عالم تحكمه قوة واحدة وهي أميركا إلى عالم متعدد القوى»، وقال «هناك قوى صاعدة مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ككل وروسيا والصين والهند واليابان والبرازيل وجنوب إفريقيا، وللأسف لا توجد قوى صاعدة عربية تنافس على حكم العالم».
وأضاف «هذه الفترة في التطور من عالم القطب الواحد إلى عالم متعدد الأقطاب تتميز بعدم الاستقرار، فلا استقرار لقواعد اللعبة ولا استقرار لشروط وتحالفات داخل المجموعة وهو ما انتج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».
وتابع «وهي الظاهرة التي انتجت ترامب لأنه ما زالت هناك قطاعات في الولايات المتحدة لا تريد أن تقبل أن أميركا لم تعد حاكمة العالم ومالكته، فانتقت من يعتقد انه سيتحدى كل العالم، ولذلك فإن مبالغته في التهجم والتحكم وإصدار القرارات الغريبة كانت إغراءه لتلك القطاعات داخل المجتمع الأميركي وفتح معارك مع من هم من اصل لاتيني ومسلم ومع القضاء والإعلام وحتى مع المؤسسة الأمنية، فهو (ترامب) يتصور أن هذا الأسلوب سيؤكد لذلك القطاع من أميركا الذي ما زال متمسكا بحكم العالم والسيطرة عليه أن هذا هو من يمكنه أن يتحدى العالم وليس رئيسا مهذبا مثل باراك اوباما».
وزاد «هم يرون أن موازين العالم قد تغيرت، فقد قويت روسيا والصين وأوروبا والهند في الوقت الذي ضعفت فيه أميركا، وجزء من ضعفها حلله ترامب بشكل صحيح وهو أنها أنفقت كل أموالها على حروب لتغيير أنظمة في العالم لم تؤد إلا إلى الخراب للعالم ولأميركا، فتكلفة دمار العراق كان يمكن أن تعيد بناء البنية التحتية الأميركية بالكامل».
واستدرك «ولكن اذا كان الوضع كذلك، فإن العالم مطلوب منه إعادة بناء الإطار الدولي مستنداً إلى القانون الدولي ومصالح المجتمعات المختلفة وهو ما لم نرَه».
إسرائيل استشرست الآن
في تطبيق مشروعها
وأشار إلى انه بالاضافة إلى الوضع الدولي هذا فإن «هناك في إسرائيل حكومة وصلت إلى نفس هذه النتائج وهي أن العالم يتغير وأن في أميركا الآن قيادة مغامرة لاستعادة قوتها، وان العرب في وضع صعب، وبالتالي استشرست في تطبيق المشروع الصهيوني أكثر من شراسة ديفيد بن غوريون عام 1948، فنتنياهو يرى في هذا التحليل للواقع العربي والدولي مضاف اليه الانقسام الفلسطيني أن هذه فرصة لتطبيق ما حدث في العام 1948 على الضفة الغربية، فمشروعه هو استكمال المشروع الاستيطاني بالاستيلاء على الضفة الغربية، وذلك من خلال فكرة الحكم الذاتي المحدود في المدن على اساس ان هذا سيؤدي تدريجيا إلى خنق المدن ورحيل الشعب الفلسطيني».
ولفت د. شعث في هذا الصدد إلى أن نتنياهو» يريد أن يأخذ كل المنطقة (ج) التي تشكل 62% من الضفة الغربية وعليها الآن 400 ألف مستوطن وفقط 100 ألف فلسطيني بما يشمل كل منطقة الأغوار وضم القدس الشرقية»، وقال» هو لا يريد غزة ويريدها ضعيفة ويتصورون، انه إذا ما أراد الفلسطينيون دولة فإن هذه هي الدولة الفلسطينية التي يسمونها بأساطيرهم الدينية الأرض المتروكة».
وأضاف «المشروع الآن هي الضفة الغربية ودرتها القدس، وهناك تسارع هائل في مصادرة الأرض وتدمير المنازل الفلسطينية واقامة المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية في كل مكان والاستيلاء على الأرض والماء والموارد ثم تشريع ذلك، فهو ينطلق الآن من خلال قوانين في الكنيست ومن الاستناد إلى ترامب والولايات المتحدة في انهاء فكرة الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفي الحقيقة فإن الحديث عن الدولتين لا معنى له، لأن هناك دولة واحدة موجودة وهي الدولة الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية، والمطلوب دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة عاصمتها القدس الشرقية، وبالتالي فان الذهاب إلى فكرة الدولتين كانت رسالة بأن المطلوب هي دولة فلسطينية، الآن حتى هذا يريد أن ينهيه نتنياهو، فلا يوجد دولتان أي انه لا توجد الا دولة إسرائيل».
وتابع «الآن يريد أن يشرع نتنياهو الاستيطان باعتبار انه ليس استيطانا وإنما بناء في أرض اليهود وليس مخالفا للقانون، وهو يريد من الولايات المتحدة الأميركية أن تشرعن له الاستيطان والاستيلاء على القدس الشرقية، وذلك بالرموز مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس ومن خلال عدم التصدي لمزيد من تعميق الاستيلاء الإسرائيلي على القدس الشرقية وتحويلها إلى جزء من عاصمة إسرائيل ككل، بما يخالف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن والموقف الأميركي التاريخي».
وزاد «بالنسبة لنتنياهو فإن غزة تبقى محاصرة وتقصف وتحرم، بحيث تكون كيانا فلسطينيا ضعيفا ومهدما ومحاصرا يعاني شعبه معاناة هائلة».
3 نقاط قوة في مواجهة الخطر
وأشار د. شعث إلى انه «في مواجهة هذا الخطر الهائل فإن ثمة نقاطاً هامة إلى جانبنا تمكن من بناء استراتيجية»، وقال «أولاً، لقد أثبتنا لأنفسنا والعالم بأننا شعب ليس فقط صامدا على أرضه بل انه متنامي القوة والوجود البشري على هذه الأرض، ففي العام 1948 كنا 128 ألفا واليوم نحن مليون و650 ألفا، وفي الضفة الغربية كنا مليونا، والآن نحن 5 ملايين ما يعني أن هناك 6 ملايين ونصف المليون فلسطيني على ارض فلسطين التاريخية، وهناك عدد مماثل في الشتات، وبالتالي فان هناك صمودا، وفي زمن يهاجر فيه الكثير من العرب من بلدانهم فإن الشعب الفلسطيني صامد في ارضه ويبني ويعمق وجوده وهذه نقطة قوة، وبالتالي فإننا للمرة الأولى نتساوى مع عدد اليهود في الداخل، ولأن نسبة تنامينا ستجعلنا اغلبية كبيرة في السنوات العشر المقبلة».
وأضاف «ثانياً، هناك اعتراف دولي كبير لا يمكن الاستهانة به بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وقد تنامى هذا الاعتراف في السنوات العشر الأخيرة، وخاصة في السنوات الخمس الأخيرة والتحقنا بالامم المتحدة وبمنظماتها المتخصصة ووقعنا المواثيق الدولية، وهناك علاقات حزبية وشعبية قوية ورأي عام دولي داعم، وانتهى الاستعمار في العالم ولم يبق الا في بلادنا، وجزء مهم من الدول مرت بمراحل استعمار واستعمار استيطاني، وبالتالي تتفهم تماما قضيتنا وموقفنا».
وتابع «وثالثاً، لدينا سلطة وطنية فلسطينية تتحول تدريجيا إلى دولة، صحيح أنها تواجه مشاكل اقتصادية، ولكن اقتصادها ينمو وهي تبني وتتوسع، وهناك دعم مالي صحيح انه لا يكفي ولكن يمكن زيادته عندما تستقر الأمور العربية والدولية».
ترامب ونتنياهو
وذكر د. شعث انه بمجيء ترامب اصبح الكثير من الحديث عن ترامب وعلاقته بنتنياهو لأنه اصبح الموضوع الآن، خصوصا بطرح ترامب نقل السفارة الأميركية وإعلانه أن حل الدولتين لم يعد هو الحل الوحيد، وبامتناعه عن انتقاد المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية وصعوبة التنبؤ بمخططاته، وهو ما ينسجم مع رغبات نتنياهو باستناده إلى دعم ترامب في تحقيق اهدافه بتشريع الاستيطان والاستيلاء على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية والتخلي عن فكرة الدولتين.
وقال «في هذه المواجهة فإن هناك اولويات واضحة جدا لعكس اتجاه هذا التشخيص، وبالتالي المطلوب فلسطينيا هو إنهاء الانقسام لأنه أكثر عنصر يضعفنا في مواجهة هذه المؤامرة التي تواجهنا، وبالتالي إنهاء الانقسام هو اولوية في الاستراتيجية الفلسطينية وما يستتبعه من استعادة الديمقراطية الانتخابية الفلسطينية التي تعدل الموازين وتدفع بمزيد من المشاركة الشعبية في مقاومة سلمية للاحتلال الإسرائيلي».
ثنائية الحراك الشعبي والحراك الدولي
وأضاف «ما زالت كل الحسابات تقول إن ثنائي الحراك الشعبي بما فيه المقاطعة الشاملة والحراك الدولي بما فيه تشكيل جبهة من الحلفاء تقف إلى جانبنا، ما زالا السلاحين الرئيسيين الذين هدفهما رفع تكلفة الاحتلال الإسرائيلي باتجاه الضغط المستمر لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة وقبله دفع إسرائيل للقبول بالشروط الدولية لمفاوضات تؤدي إلى دولة فلسطينية مستقلة (..) لن تذهب إسرائيل إلى أي مفاوضات لا ترى أن تجنبها سيكلفها أكثر بكثير من المشاركة فيها، وعليه فإنه ينبغي أن تدرك إسرائيل انه لا يمكنها أن تبقى بعيدة عن الشرعية الدولية بما يخص الشعب الفلسطيني بدون تكلفة فادحة، وهذا ما يتم بالكفاح الشعبي والحراك الدولي».
المصلحة تقتضي المصالحة العربية
وذكر أن هناك أيضاً العلاقات الفلسطينية - العربية، وقال «علينا أن نعيد بناء علاقاتنا العربية، ولا اقول أن هناك انقطاعاً للعلاقات، ولكن مطلوب تنمية هذه العلاقات بصراحة أخوية كاملة، باعتبار أن القضية هي صراع عربي-إسرائيلي وليس فقط صراعا فلسطينيا-إسرائيليا، وان إسرائيل هددت دائما وتهدد المصلحة العربية الكاملة وليس فقط المصلحة الفلسطينية، وتريد أن تصبح هي المسيطرة في المنطقة او على الأقل المشاركة هي وإيران في السيطرة على المنطقة».
وقال «بالتالي فإن المصلحة العربية تقتضي المصالحة العربية القائمة على المصارحة، وذلك عبر التحديد سوياً ما هو مطلوب».
وأشار د. شعث إلى انه «مطلوب أيضا إعادة بناء الاقتصاد في الداخل»، وقال «ينبغي أن نبتعد عن الاقتصاد الذي تحكمه إسرائيل، وهناك أدوات عديدة مثل التحول إلى الطاقة الشمسية وبناء القدرات الصحية والتعليمية، والاستغناء عن الشيكل الإسرائيلي، وإعادة بناء الزراعة للاستغناء عن إسرائيل على الأقل في الخضراوات والفاكهة وغيرها من المنتجات، وإعادة بناء الاقتصاد المنتج، فنحن نرى مئات العمارات ولكن ليس هناك إنتاج يبني قدرة الاقتصاد واستقلاليته والتحول تدريجياً إلى المقاطعة الشاملة لإسرائيل، ففي الداخل لا يوجد ما يمكنك من التمييز بين بضائع المستوطنات واسرائيل، وبالتالي استثارة الكفاح الشعبي ستولد مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعلى الأقل مقاطعة كل ما له بديل وطني او دولي وكل ما يمكن الاستغناء عنه حتى لو لم يكن له بديل».
وتابع «كل ذلك يقلل الهيمنة الإسرائيلية على اقتصادنا، وبالتالي لن يعود بإمكان إسرائيل أن تستغل هذه السيطرة لتهديدنا».
الحراك الدولي
وأشار د. شعث إلى أنه لحسن الحظ يمكننا الاستفادة من أخطاء الرئيس ترامب، فالرجل يعادي جزءاً كبيراً من المجتمع الأميركي والمؤسسات الأميركية في الداخل، وأدلى بتصريحات عديدة خلقت عداء مع دول الاتحاد الأوروبي ومع دول أميركا اللاتينية والصين ودول آسيا.
وقال «ولكن لأن ترامب رجل أعمال سابق فإنه يعود ويحسب نتائج سياساته، فهو يتراجع الآن في عدة قطاعات، فأرسل وفوداً إلى اوروبا لطمأنتها ويتردد في موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس بعد وصف القرار بأنه ليس سهلاً ويحتاج إلى دراسة، وتراجع نوعاً ما في قضايا عديدة في الولايات المتحدة مثل منع المسلمين من دخول أميركا».
وأضاف «حاولنا الحفاظ على الحد الادنى من العلاقة مع الولايات المتحدة رغم كل تحالفها مع إسرائيل بشرط التزامها بالمواقف الأميركية الثابتة المبنية على قرارات الامم المتحدة وغيرها من قرارات الشرعية الدولية بشأن الاحتلال وعدم شرعية ضم القدس».
ولفت إلى الحراك المستمر للرئيس محمود عباس على المستوى الدولي، وكان آخره في عدة دول في الاردن واديس ابابا، حيث التقى العديد من القادة، ثم في دول آسيا والفاتيكان وباريس وبروكسل وبيروت، وقال «بالتالي الرئيس يتحرك بنشاط ونحن نتحرك معه من اجل بناء وتصعيد تحالفاتنا في مواجهة السياسة الإسرائيلية، وأعتقد أنه تم تحقيق بعض الانجازات مثل الغاء الاجتماع الأوروبي-الإسرائيلي رفيع المستوى الذي كان يجري التحضير له منذ سنوات، والغاء اللقاء الالماني الإسرائيلي حول الاتفاقيات الثنائية، وهذا جزء من التصدي للمواقف الاستيطانية الإسرائيلية وحماية الموقف الفلسطيني».
وأشار إلى انه سيتوجه الأسبوع المقبل، مبعوثاً من الرئيس وحركة (فتح)، لمؤتمر الاشتراكية الدولية الذي سيعقد في كولومبيا، حيث تلعب الاشتراكية الدولية دائماً دوراً ريادياً في مسألة الأخطار التي تتهدد الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية، وقال «ولأن المؤتمر يعقد في كولومبيا في أميركا اللاتينية فإن هناك فرصة لحراك فلسطيني مع هذه الدول، ونأمل أن نتمكن من الدفع باتجاه اعتراف كولومبيا والمكسيك بالدولة الفلسطينية باعتبار انهما لم تعترفا حتى الآن بالدولة».
وأضاف «الحراك مستمر، وقد التقيت مع السفير الروسي، والعلاقة مع روسيا في هذه المرحلة مهمة جداً، خاصة وان أوروبا تخطب ودها ومطلوب من روسيا في هذه المرحلة أن تقف معنا وان تستمر في دعم مواقفنا».