خرجت الجماهير في مختلف مدن قطاع غزة للتظاهر للمطالبة بحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي وعدم حصول المواطن الا على ساعات محدودة منها مما يعرقل الحياة الطبيعية للمواطنين وعلى كافة المستويات ولكن ربما ما جرى في مخيم الثورة مخيم جباليا من مسيرات ضخمة يومي الخميس والجمعة واشتباك قوات الأمن مع المتظاهرين جعل من الواجب الوقوف امام تداعيات هذا الحراك لاستخلاص العبر والدروس المستفادة فالحراك الشعبى في مواجهة ازمة الكهرباء كشف عن الكثير من المشكلات التى يعاني منها الوطن وربما أهمها واخطرها هو سعي البعض لتسييس هذا الحراك و توظيفه في خدمة اجندات فصائلية وحزبية مما هدد بوأد هذا الحراك دون تحقيق نتائج كافية
ايضا كشف الحراك عن عدم وجود قياده فعلية وفاعلة للجماهير تتواجد بينهم وتلتحم بقضاياهم وتستطيع ان تحمى تحركهم وتوجهه وتحافظ على سلميته وتبعده عن التخريب او إشاعة القلق والفوضى في الشارع مما يتطلب مراجعة جادة لدور القوى السياسية ومدى فعاليتها والتحامها مع الناس وقضاياهم
لقد اثبتت المظاهرات ان الشعب ضاق ذرعا بالواقع الذي يعيشه وحجم المشكلات التى يواجهها يوميا من معابر مغلقة ورواتب مقطوعة وبطالة منتشرة وفقر متزايد وهجرة الى المجهول وغيرها الكثير من المشاكل المستعصية على الحل وهذا يحمل الجميع الرئاسة والحكومة وايضاً سلطات الحكم فى غزة المسئولية للبحث عن حلول فعلية لكل هذه المشاكل التى ستنفجر الجماهير بسببها واحدة تلو الاخرى وقد يصل الامر الى انفجار في وجه الجميع لا يمكن السيطرة عليه
ان ازمة الكهرباء فى غزة أكبر بكثير من قدرة طرف محدد على حلها فهي مشكلة مركبة يتداخل فيها الواقع السياسي المأزوم والانقسام واحتكار رأس المال للخدمات الاساسية وسوء الادارة وعدم الالتزام والمساواة في التحصيل يضاف الى كل هذة المشاكل الاحتلال الاسرائيلي والحصار الذى يفرضه على غزة ويبدو ان خلق تصورات ملائمة للتغلب على كل هذة التركيبة ليس سهلا ان لم يكن مستحيلا وبالتالي المطلوب عمل أكبر من قبل الجميع للبحث عن طريقة لتوفيق كل هذه المصالح المتناقضة بما يخفف من ازمة كهرباء القطاع ولكن ليس حلها
في خضم هذا الحراك سادت حالة من القلق الغير مفهوم من اجهزة الأمن فى القطاع فأطلقت حملات الملاحقة الامنية للمتظاهرين وحتى للمؤيدين للمظاهرات على صفحات التواصل الاجتماعي مما ضاعف من حالة من الغضب والرفض ألشعبى لحملة الملاحقة وهذا يتطلب مراجعة وحكمة اكبر من اجهزة الأمن في التعامل مع المتظاهرين حسب نص القانون وحمايتهم تماما كحماية المؤسسات العامة والخاصة من اي مندسين قد يقوموا بالتخريب او العبث في محاولات لخلق حالة من الفوضى فى الشارع او صدام بين المتظاهرين ورجال الشرطة والأمن والذى سيؤدى الى خسارة للجميع ان الواقع فى القطاع اسوأ كثيرا مما يبدو عليه وخطير لدرجة كبيرة وهذا يحمل الجميع من مؤسسة الرئاسة والحكومة وقوى وفصائل ومؤسسات مجتمعية وربما العالم مسئولية عظيمة وايضاً يضع الجميع امام اختبار للجدارة فمن يستطيع ان يجد حلول لمشاكل الناس سيبقى له مكان فى قلوب الجماهير وإلا فالجماهير قادرة على خلق قيادة اكثر فعالية من ما هو قائم دون فعل حقيقي على الارض والانتفاضة الفلسطينية الكبرى شاهد على كيفية افرز الشعب لقيادة حكيمة تفهم مشاكله وتعمل على حلها رغم الوجود المباشر للاحتلال