نشر موقع "اليوم السابع" المصري ما وصفه صورة من جدول اجتماعات بين الجانبين الفلسطينى والأمريكى، فى العاصمة الأمريكية واشنطن، تمت فى الفترة من 12 لـ15 ديسمبر الجارى، والتى ركز الجانب الأمريكى خلالها على تنسيق المواقف بين واشنطن و"رام الله"، حول مشروع قانون الاستيطان الذى طُرح للتصويت فى مجلس الأمن الدولى، تم إقراره منذ أيام بأغلبية 14 عضوًا، مع امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.
يكشف محضر الاجتماع، الذى جمع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، ومستشارة الأمن القومى الأمريكى "سوزان رايس"، وضم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شؤون المفاوضات، صائب عريقات، واللواء ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية، ممثلين للجانب الفلسطينى، عن اتفاق الجانبين على التعاون فى صياغة مشروع القرار بخصوص الاستيطان.
البداية كانت بتكليف الرئيس الفلسطينى محمود عباس "أبو مازن"، وفدًا فلسطينيًّا مكوّنًا من الدكتور صائب عريقات، واللواء ماجد فرج، والدكتور حسام زملط مستشار الرئيس الفلسطيتى للشؤون الاستراتيجية، والدكتور ماجد بامية مدير دائرة الاتفاقات الدولية بوزارة الخارجية الفلسطينية، والدكتور عازم بشارة من دائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية، والعميد ناصر عدوى مدير العلاقات الدولية بجهاز المخابرات الفلسيطينة، والسفير معن عريقات رئيس بعثة منظمة التحرير فى "واشنطن"، فى زيارة العاصمة الأمريكية فى الفترة من 12 حتى 15 ديسمبر الجارى.
استهل الجانب الفلسطينى، ممثلا فى الدكتور صائب عريقات واللواء ماجد فرج، اجتماعاته يوم 12 ديسمبر الجارى بلقاء وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، ثم لقاء "سوزان رايس" مستشار الأمن القومى الأمريكى، فى اليوم التالى، والتقى الوفد بكامل أعضائه فريقًا أمريكيًّا مكوّنًا من 4 نواب لوزير الخارجية الأمريكى ونائب وزير الأمن الداخلى، فى جلسة حوار استراتيجى سياسى استمرت لمدة 66 ساعات، فيما اختتم اللواء ماجد فرج سلسلة اللقاءات باجتماع مطول مع مدير المخابرات المركزية الأمريكية (CIA).
وطلب الجانب الفلسطينى رسميًّا، إلغاء القانون الأمريكى لعام 1987 باعتبار مُنظمة التحرير الفلسطينية مُنظمة إرهابية، كما اتفق الجانبان على إنشاء لجنة ثنائية لمراجعة قضايا التأشيرات الممنوحة لأبناء الشعب الفلسطينى، والقيادة الفلسطينية، لدخولهم وتحركاتهم فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى ذلك بحث إمكانية إقامة قاعدة معلومات مُشتركة Joint Data Base من خلال سفير دولة فلسطين فى واشنطن، وممثل عن جهاز المخابرات العامة الفلسطينى، وأيضًا تم الاتفاق على تشكيل لجان ثنائية مُشتركة، أمريكية فلسطينية، فى مجالات الاقتصاد والتجارة، والتعليم، والصحة، والأمن، والثقافة، والدين، والسياحة، والمرأة، والرياضة والشباب، وغيرها.
واتفق الجانبان على المُتابعة مع رئيس الوزراء رامى الحمد الله وحكومته فى كل المجالات، بما يتمتع به "الحمد الله" من قدرات كبيرة فى مجال الشفافية والمحاسبة وبناء المؤسسات، وتم إصدار بيان مشترك فى هذا الشأن.
أما على صعيد اللقاءات التى جرت مع جون كيرى وسوزان رايس، فقد قدم الوفد الشكر، وأعرب عن تثمين الرئيس الفلسطينى محمود عباس لمواقف الرئيس الأمريكى باراك أوباما ومستشارة الأمن القومى الأمريكى سوزان رايس، ووزير الخارجية جون كيرى، خاصة خطاب "كيرى" أمام معهد "سابان" فى مطلع شهر ديسمبر الجارى.
وقدم وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، ومستشارة الأمن القومى سوزان رايس، التهنئة للرئيس الفلسطينى محمود عباس على نجاحه الساحق فى عقد المؤتمر السابع لحركة فتح، وعلى خطابه الشجاع والجرىء والطويل (على غرار الرئيس الكوبى الراحل فيدل كاسترو)، الذى جدد فيه مواقفه وثوابته من تمسكه بعملية السلام ورفضه للعنف والإرهاب بكل أشكاله.
وخلال اللقاء، طلب جون كيرى وسوزان رايس، أن تكون خطوات الرئيس الفلسطينى محمود عباس المقبلة كبيرة بقدر نجاحه فى عقد المؤتمر السابع للحركة، وتحديد سياسته، واستراتيجية استمرار بناء المؤسسات الفلسطينية على أسس الشفافية والمراقبة والمحاسبة وحقوق الإنسان والمرأة والطفل والسلطة الواحدة والسلاح الشرعى الواحد وسيادة القانون، بما يشمل بناء جبهة داخلية قوية على كل الأصعدة.
أما على صعيد مجلس الأمن الدولى ومشروع القرار الأممى بشأن الاستيطان، أكد جون كيرى وسوزان رايس أنهما على استعداد للتعاون فى مشروع قرار متوازن، وأن مندوبة واشنطن فى الأمم المتحدة مخوّلة بالحديث مع السفير رياض منصور مندوب فلسطين فى المنظمة الدولية بنيويورك، كما طرح "كيرى" إمكانية تقديم أفكار للحل النهائى، شريطة أن يدعمها الجانب الفلسطينى حال الإعلان عنها، وهى المعايير التى سبق طرحها عبر مشروع الإطار، وعرض وزير الخارجية الأمريكة زيارة وفد فلسطينى للمملكة العربية السعودية لبحث معه فى هذه النقاط لكنه لم يتصل، بحسب محضر الاجتماع.
وبحسب محضر الاجتماع، فقد رفضت سوزان رايس، مستشار الأمن القومى الأمريكى، وسخرت من فكرة طرح أى أفكار أو معايير، لأن إدارة الرئيس الأمريكى الجمهورى دونالد ترامب سترفضها جملة وتفصيلاً، على حدّ قولها، مؤكدة خطورة إدارة "ترامب" وأنها قد تتخذ مواقف بشأن فلسطين وإسرائيل مختلفة عن مواقف جميع الإدارات الأمريكية منذ العام 1967، مؤكدة أنها أخذت ما يقولونه عن نقل السفارة الأمريكية للقدس بجدية، وعن توجه إدارة "ترامب" بشأن الاستيطان.
وأكد جون كيرى وسوزان رايس، أن ما يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لتحقيقه هو تدمير خيار الدولتين، وأن الدكتور صائب عريقات كان قد تنبأ بخطة "نتنياهو"، وهى الدولة ذات النظامينOne State Two Systems) ) قبل أربع سنوات، مؤكّدين أن إبقاء الوضع على ما هو عليه مع ضمان إدخال تحسينات على واقع الحياة، هو كل ما لدى حكومة نتنياهو، وأن ما تنبأ به "عريقات" دقيق للغاية.
وطالب وزير الخارجية ومستشارة الأمن القومى الأمريكيان، بضرورة استمرار التعاون الأمنى الأمريكى الفلسطينى، الإسرائيلى – الفلسطينى، الأمريكى – الإسرائيلى – الفلسطينى فى كل المجالات، وقدم "كيرى ورايس" نصيحة للرئيس الفلسطينى محمود عباس، بعدم القيام بأى خطوات استباقية قد تستفز إدارة دونالد ترامب، مثل حل السلطة، أو الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية، أو وقف التنسيق الأمنى مع الجانب الإسرائيلى، وشدّدا على ضرورة منع أى عمليات عسكرية أو انتحارية، لأنها ستُشكل خطورة كبيرة على الموقف الفلسطينى، وأثنيا على الجهود الجبارة لأجهزة الأمن الفلسطينية، خاصة جهاز المخابرات الفلسطينية برئاسة اللواء ماجد فرج، وذلك على صعيد ما وصفوه بـ"مكافحة الأرهاب"، معتبرين التعاون "الفلسطينى – الأمريكى" فى هذا المجال من أوثق دوائر التعاون بين الأجهزة الأمريكية وأجهزة الأمن فى المنطقة.
فى سياق متصل، أكد رئيس جهاز المخابرات الفلسطينى، اللواء ماجد فرج، أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية من تعاون، هو بمثابة تعليمات صريحة ومباشرة من الرئيس الفلسطينى محمود عباس.
وعندما سألت سوزان رايس عن رد فعل الجانب الفلسطينى حال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أو ضم كتل استيطانية جديدة، رد الدكتور صائب عريقات، قائلاً: "سننضم لـ 16 منظمة دولية بشكل مباشر وفورى، وسنسحب اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، مع تحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية مع سلطة الاحتلال الإسرائيلى، وتحميلها المسؤوليات كافة عن انهيار السلطة، ثم دعوة الشعوب العربية والإسلامية لطرد سفارات أمريكا من عواصمها".
وردت سوزان رايس على عريقات، قائلة: "يبدو أن الأمور ستتعقد بدرجة كبيرة، وجميعنا نخشى حتى الجلوس مع صائب عريقات، لمعرفته التامة بالأمور، ولذاكرته وصراحته"، معربة عن احترام وحب الجانب الأمريكى للمفاوض الفلسطينى، ومعتذرة له عن صراخها فى وجهه فى شهر مارس 2014.
وعلى صعيد المبادرة الفرنسية، قال وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، إنه غير مستعد للحضور يومى 21 و22 ديسمبر، لكنه أكد استعداده للحضور بعد 99 يناير المقبل، فيما أكد الوفد الفلسطينى أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس تواصل مع الجانب الفرنسى، الذى أبدى استعدادًا لتأجيل المؤتمر الدولى لضمان حضور وزير الخارجية الأمريكى.
فيما طالب الدكتور صائب عريقات، واللواء ماجد فرج، وزير الخارجية ومستشارة الأمن القومى اللأمريكيين، بأن تتضمن التقارير الانتقالية للإدارة الأمريكية الجديدة، التأكيد على أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، شركاء فى عملية السلام، وأن الرئيس الفلسطينى والأجهزة الأمنية شركاء استراتيجيون فى مكافحة الإرهاب إقليميًّا ودوليًّا، والتأكيد أيضًا على تشكيل لجان ثنائية، فلسطينية أمريكية، فى المجالات كافة (الصحة، التعليم، الزراعة، السياحة، الرياضة، التجارة، الأمن، المرأة، الشباب) وغيرها، لتتابعها الإدارة الجديدة مع رئيس الوزراء الفلسطينى الدكتور رامى الحمد الله، ثم إعادة النظر فى القانون الأمريكى الصادر عام 1987 الذى يعتبر مُنظمة التحرير الفلسطينية مُنظمة إرهابية، والعمل مع الكونجرس لإلغائه.
ووفقا لمحضر الاجتماع بين الجانبين الفلسطينى والأمريكى، أكد جون كيرى وسوزان رايس، أن كل الأمور المذكورة ستكون على رأس أولويات التقرير الانتقالى المقدم من فريق الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما للإدارة الأمريكية الجديدة، وأنهم بالفعل يثمنون شجاعة ومواقف الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وقدرته على القيادة والاستمرار والتمسك بثقافة السلام، وبالسلام كخيار استراتيجى، إضافة إلى رفضه العنف والإرهاب، واستمرار التعاون الأمنى، وأن هذا الرئيس يُعتبر قيادة استراتيجية شجاعة وغير مألوفة فى منطقة الشرق الأوسط، وأن نجاح عقد المؤتمر السابع قد أنهى بالفعل محاولات إضعاف الرئيس "عباس" من محمد دحلان أو غيره، وأن على الرئيس الفلسطينى الآن أن يسعى لتوثيق علاقاته مع السعودية والأردن ومصر.
وسألت سوزان رايس، عمّا حدث فى اللقاء الأخير للرئيس محمود عباس مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى البيت الأبيض، يوم 17 مارس 2014، حول الإطار، وطلبه أيامًا للرد، ثمّ عدم الرد، فأجاب اللواء ماجد فرج: "الحمد لله كنت مع الدكتور صائب عريقات، وطلب منا مارتن أنديك، وفيل جوردن، عدم السفر مع الرئيس، واللقاء فى اليوم التالى، وعندما التقينا قالا "سنقدم خلال أسبوع مشروع إطار صغيرًا (Petite) ما زلنا ننتظر إلى الآن"، فيما أعربت رايس عن استغرابها من هذا الطلب".
ووفقا لمحضر الاجتماع، سألت سوزان رايس عمّا إذا كان بإمكان الوفد الفلسطينى اللقاء مع أى من فريق دونالد ترامب، موضحة أنه بإمكانها طلب التدخل وترتيب ذلك من رونالد لاودر "رئيس المجلس اليهودى العالمى"، فرد الدكتور صائب عريقات بأنه طلب ذلك، ولكن "لاودر" لم يستطع، مضيفًا: "أبلغونى أنهم ما زالوا فى مرحلة ترتيب الإدارة الجديدة، وعندما يتم ذلك ستكون هناك لقاءات رسمية مع الجانب الفلسطينى".
وطلبت "رايس" من الوفد الفلسطينى نقل شكر الرئيس الأمريكى باراك أوباما للرئيس الفلسطينى محمود عباس، بالتزامه بكل ما قدمه من تعهدات للرئيس باراك أوباما، مضيفة: "عباس كان أمينًا وصادقًا فى كل ما تعهد به، خاصة عدم الانضمام للمنظمات الدولية الـ16".
وطلب جون كيرى وسوزان رايس، أن تكون الجلسات مصنفة تحت عنوان "سرى للغاية"، وعدم تسريب أى جزء منها، نظرًا لحساسية الفترة الانتقالية بين الإدارتين الأمريكيتين، فيما طالب الوفد الفلسطينى، جون كيرى وسوزان رايس، بمراجعة الدعم المالى للسلطة الفلسطينية وعدم تخفيضه، وضربا أمثلة بانخفاض الدعم من 150 مليون دولار فى 2011 إلى 100 مليون دولار فى 2012، بينما المقترح الآن 39 مليون دولار فقط.
ووفقا لمحضر الاجتماع، كشف الجانب الفلسطينى عن أن المساعدات المالية للسلطة من 400 إلى 500 مليون دولار بين الأعوام 2008 و2013، وانخفضت إلى 370 مليون دولار عام 2014، والرقم نفسه 2015، وصولا إلى 290 مليون دولار عام 2016.
وثمّن الجانب الفلسطينى ما تقدمه الإدارة الأمريكية من مساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، بمعدل 277 مليون دولار سنويًّا، فى الأعوام من 2009 حتى 2016، مطالبًا بزيادة المساعدات لتغطية العجز الذى تعانى منه الوكالة بقيمة 101 مليون دولار للعام 2016.