كتب المحلل الاسرائيلي جاكي خوري في صحيفة "هآرتس" العبرية ان قرار مصر يوم الخميس تأجيل التصويت على مشروع القرار ضد المستوطنات، الذي طرحه الوفد المصري على طاولة مجلس الامن قبل يوم من ذلك، اصاب رام الله بالصدمة. الساعات الـ24 التي مضت منذ قرار مصر سحب مشروع القرار وحتى مصادقة مجلس الامن عليه بعد طرحه مجددا، كانت من اكثر الساعات توترا في المقاطعة. لقد تلقى الوفد الفلسطيني في الامم المتحدة، امرا قاطعا: العمل من اجل التصويت على مشروع القرار بكل ثمن. فلقد فهم الفلسطينيون بأنه اذا لم يتم تمرير القرار في نهاية الأسبوع، فمن المشكوك فيه انه سيتم تمريره قبل 20 كانون الثاني، وعندها سيذهب كل شيء هدرا.
وبعد اعلان مصر عن سحب مشروع القرار، عقد سفراء الدول العربية في الامم المتحدة اجتماعا طارئا بمشاركة الوفد الفلسطيني، في محاولة لإقناع مصر بتغيير موقفها. وفي المقابل عقد في القاهرة اجتماع بين وزير الخارجية سامح شكري، والامين العام للجامعة العربية، احمد ابو الغيط، وممثلين عن الاردن والمغرب وفلسطين. ولم تنجح محاولات الاقناع، فقد تمسكت مصر بقرار تأجيل التصويت.
· وقال دبلوماسي فلسطيني كان مطلعا على المحادثات من وراء الكواليس، لصحيفة "هآرتس" ان الفلسطينيين شعروا بأن امامهم فرصة: في مقر الامم المتحدة سادت اجواء مؤيدة للقرار. وخلال اللقاءات التي عقدها ممثلو الدول العربية والسلطة الفلسطينية مع ممثلي نيوزيلاندا والسنغال وفنزويلا وماليزيا، فوجئ الفلسطينيون بأن الدول الاربعة مستعدة لإعادة طرح مشروع القرار للتصويت. "كان هناك دعم جارف، وكان هذا بالغ الاهمية من ناحيتنا. لو اقترحت احدى الدول اجراء تغيير ما في مشروع القرار لكنا سنواجه مشكلة"، قال الدبلوماسي الفلسطيني. وحسب الفلسطينيين فقد غضبت السعودية على قرار مصر سحب المشروع من دون التشاور معها، ووقفت مجددا بحسم على رأس الدول التي ساعدت الوفد الفلسطيني في الاتصالات.
وقبل فجر الجمعة، نقل الوفد الفلسطيني رسالة الى رام الله، مفادها انه سيتم طرح مشروع القرار للتصويت في ساعات المساء، ومن المتوقع المصادقة عليه. ورغم ذلك، فانه حتى الدقيقة الأخيرة تخوفوا في رام الله من احباط القرار بسبب ضغط امريكي او من قبل دولة اخرى. ويقول الدبلوماسي الفلسطيني: "لقد سادت حرب دبلوماسية في اروقة الامم المتحدة".
· في نهاية الأسبوع امر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كل المسؤولين الفلسطينيين بعدم مهاجمة مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي على خلفية سحب مشروع القرار. وقال مسؤول فلسطيني رفيع، من المقربين لعباس، ان السلطة ليست معنية بالتصعيد مع مصر، خاصة في ضوء حقيقة تمرير القرار. "منظومة العلاقات مع مصر بالغة الاهمية في كل معيار، ويجب علينا العمل بحذر. لكن ما حدث في نهاية الأسبوع، يحتم على القيادة الفلسطينية اتخاذ قرارات بشأن السلوك المستقبلي امام المجتمع الدولي"، قال مسؤول مقرب من عباس.
وعلمت "هآرتس" ان الخطوة المصرية ورواسب الماضي جعلت الفلسطينيين ينوون اعادة فحص منظومة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية. فالسلطة معنية الان باستقلالية اكبر على المستوى السياسي ويمكن للمظلة العربية التي تحدث عنها عباس ان يتم تحييدها من قل المظلة الدولية.
و خلال السنوات الاخيرة، كان كل اقتراح للفلسطينيين في مجلس الامن او كل خطوة اخرى على الحلبة الدولية، تمر عبر لجنة عينتها الجامعة العربية لتعقب العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين. وتضم اللجنة ممثلين عن مصر، الاردن، المغرب والسلطة الفلسطينية. وحسب جهات في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تميز عمل هذه اللجنة خلال العامين الاخيرين بالمماطلة بسبب الضغوط التي مورست على الدول الاعضاء فيها. والخطوة المصرية في مجلس الامن هي ابرز مثال على هذا السلوك. وقالت مصادر في منظمة التحرير انها لا تنوي التخلي عن الدعم العربي، لكنها اكدت انه "ثبت هذا الأسبوع وجود مظلة دولية. "هناك حلفاء في العالم، وهذا مهم جدا لاستقلالية الخطوات الفلسطينية".