نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط مؤخرا تقرير مفصلا عن وجهة الجيش السوري المحتملة بعد إكمال السيطرة على حلب، مشيرا إلى وجود 3 احتمالات، وهي إدلب أو الرقة أو دير الزور.
التقرير ذكر أن الجيش السوري يحتاج إلى أيام معدودة للقضاء على الجيوب الأخيرة للمقاومة في حلب، مشيرا إلى أن سقوط المدينة بات وشيكا، وأن هذا الانتصار ضربة قاضية للمعارضة، بخاصة من ناحية أنه يحرمها من الادعاء بأنها بديل سياسي وعسكري للنظام.
ولفت إلى أن نتيجة معركة حلب "ستقوي الجيش وحلفائه من خلال إطلاق العنان لأعداد كبيرة من الجنود والمدفعية والقدرات الجوية الروسية، بهدف شنّ الهجوم التالي وتوفير حماية أفضل لمناطق النظام القائمة على حد سواء".
وقال التقرير الأمريكي إن الجيش السوري بعد سيطرته على حلب، سيسعى إلى توسيع رقعة الأراضي الخاضعة له بالتمدد باتجاه غرب المدينة، حيث توجد خطوط أمامية للمتردين، و "لا تبعد سوى مئات قليلة من الأمتار عن أقرب الأحياء الموالية للنظام".
وأوضح التقرير أن الجيش السوري أقام خطا دفاعيا قويا حول حلب "لكنه ليس محصناً ضد هجوم جديد تحت قيادة "جبهة فتح الشام"، الفرع السوري لتنظيم "القاعدة" المعروف سابقاً باسم "جبهة النصرة". وكانت الجماعة قد نجحت في كسر الحصار بشكل مؤقت في آب/أغسطس من خلال العمليات التي نفّذتها من معقلها في إدلب، ثم هددت الأحياء الموالية في حلب مجدداً خلال تشرين الأول/أكتوبر".
ولفت التقرير إلى أن قوات الجيش السوري تحاول في نفس الوقت استعادة السيطرة على مدينة جسر الشغور التي فقدتها مع إدلب في ربيع عام 2015 عقب معارك ضارية مع "جبهة فتح الشام" وحليفاتها، واصفا جسر الشغور بأنها "النقطة الأساسية للدفاع عن معاقل النظام العلوية والقواعد العسكرية الروسية على الساحل".
واستعرض معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط سيناريو آخر لما بعد سقوط حلب النهائي، مشيرا إلى إمكانية أن يتجه الجيش السوري نحو وادي الفرات، وأن يبدأ حملته باستعادة المناطق بين القاعدة الجوية في كويرس و"بحيرة الأسد".
وأشار أيضا إلى أن قوات الجيش السوري وحلفاءه "لا يزالون يعتزمون الاستيلاء على الرقة من تنظيم داعش في مرحلة ما"، مضيفا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب "إعادة فرض السيطرة على سد الثورة على نهر الفرات".
وشدد التقرير في معرض حديثه عن إمكانية شن الجيش السوري هجوما لاسترداد سد الثورة على أن من "يسيطر على المياه يسيطر على السكان المحليين"، لافتا إلى أن هذا السد يوفر "إمدادات الطاقة لمحافظات الرقة وحلب ودير الزور. وحتى الأهم من ذلك، يوفر مياه الري لثلاثة أرباع الأراضي الزراعية في محافظة الرقة".
وتطرق التقرير إلى إمكانية أن تستخدم دمشق القوات التي ستتفرغ بعد الانتصار في حلب وتعدادها يقدر بين 25 - 30 ألف جندي في مهمة لفتح " الطريق من تدمر إلى دير الزور"، مضيفا أن السيطرة على محور تدمر – دير الزور "سيساهم في محاصرة الرقة، ليربط قوات النظام بـ "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد".
ورأى التقرير أن تقدم الجيش السوري نحو دير الزور من شأنه أن يزيد من شدة محاربة التنظيم الأوسع نطاقا على المستوى الإقليمي وقد "يفتح الباب أمام نوع من التقارب بين روسيا والتحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش".
وأكد من جهة أخرى أن "قوات سوريا الديمقراطية" على الرغم من الدعم الجوي الأمريكي المتواصل وغير ذلك من المساعدات لا يمكنها بمفردها تنفيذ هجوم بري على الرقة، وعزا ذلك إلى أن القوات التركية ستشكل تهديدا هائلا للأكراد، وذلك لأن أنقرة تهدف إلى منعهم "من تحقيق وحدة الأراضي على طول الحدود الشمالية لسوريا".
ويذهب التقرير إلى أن قيام الجيش السوري بحملة في اتجاه الفرات سيكون خيارا أفضل من إدلب بالنسبة للقوى الغربية، إلا أنه أشار إلى أن "القادة في موسكو ودمشق وطهران" لا يبدو أنهم يكترثون بآراء القوى الغربية في هذه المرحلة.
وزعم صاحب التقرير ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي وقعا معاهدة عدم اعتداء أثناء اجتماعهما في سان بطرسبوغ في أغسطس/آب الماضي، مفسرا ما جرى لاحقا بأنه تنفيذ لهذا الاتفاق، وتمثل ذلك في انفصال "المتمردين الموالين لتركيا عن «جبهة فتح الشام»، وسهلوا بذلك تطويق شرق حلب. وفي الوقت نفسه، احتل المتمردون أنفسهم أراض بين أعزاز وجرابلس في وقت سابق من هذا العام بدعم من الجيش التركي. ومن ثم، ما أن تم ضمان انتصار الجيش السوري في حلب، نفذت تركيا هجوما مباشرا استهدف الباب".
من هذا المنطلق، خلص التقرير إلى أن الجيش السوري إذا قرر التوجه إلى إدلب فسيستفيد مما وصفه بـ"حياد الأتراك الطوعي"، مضيفا أن الأتراك قد يحاولون بدورهم انتزاع منبج أو تل أبيض من الأكراد وقطع المزيد من الطرق بين الكانتونات الكردية في عفرين وكوباني والقامشلي، ما يعني في هذه الحالة، بحسب التقرير، أن تركيا ستضع حتما "نهاية للحلم الكردي بوحدة الأراضي".
المصدر: washingtoninstitute