تواجد روسي متنامى في إدارة ترامب..واسرائيل مستاءة من تعيين تيليرسون للخارجية

الإثنين 12 ديسمبر 2016 08:38 ص / بتوقيت القدس +2GMT
تواجد روسي متنامى في إدارة ترامب..واسرائيل مستاءة من تعيين تيليرسون للخارجية



وكالات\سما\

السؤال المحوري الذي سيواجه ركس تيلرسون الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل إذا أصبح وزيرا للخارجية الأميركية هو ما إذا كان الرجل الذي أمضى جل حياته في قطاع النفط وله علاقات وثيقة مع روسيا، سيكون قادرا على التحول من حماية مصالح شركة إلى خدمة الأمن القومي لبلد.

بدأ تيلرسون (64 عاما) حياته العملية كمهندس إنتاج في إكسون عام 1975 ولم يغادر الشركة منذ ذلك الحين حيث أدار وحدات لها في اليمن وتايلاند وروسيا ثم أصبح رئيسا تنفيذيا في 2006. وكان من المتوقع أن يتقاعد في العام 2017. ويشير المنتقدون إلى أنه إذا قرر الرئيس المنتخب دونالد ترامب اختيار تيلرسون - كما ذكر مصدر مطلع أنه أمر متوقع - فسيكون استمرارا لنهج اختيار مساعدين مؤيدين لموقف أكثر لينا تجاه موسكو.

ومن بين هؤلاء مايكل فلين مرشح ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي الذي أثار الاندهاش عندما جلس بجوار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مأدبة في موسكو العام 2015 وهو يحث على تعاون الولايات المتحدة وروسيا لإنهاء الحرب في سوريا وهزيمة تنظيم  داعش.

ويقول بعض المسؤولين السابقين إنه سؤال مفتوح على شتى الاحتمالات ما إذا كان تيلرسون سيستطيع الانتقال من إدارة إكسون وهي شركة ضخمة تنقب عن النفط والغاز في ست قارات إلى المهمة الأشد تعقيدا لمنصب وزير الخارجية.

وقال آرون ديفيد ميلر خبير الشرق الأوسط السابق بوزارة الخارجية الأميركية الذي يعمل حاليا بمركز ولسون للأبحاث في واشنطن "التفاوض على صفقة عقارية أو عقد نفطي مع السعودية ليس نفس الشيء.. إنه ليس اجتماعا معقدا تحاول فيه تحقيق المصالحة رغم الجراح التاريخية والهويات الدينية والتوترات العرقية.. لا أقول إنه لا يستطيع القيام بهذا التحول.. كل ما في الأمر أنني لا أعتقد أننا نعرف".

"شخصية مستقيمة"؟

ويخشى مسؤولون أميركيون كثيرون من تنامي السلوك العدائي لروسيا. فقد ضمت القرم من أوكرانيا في 2014 وهي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب السورية وتواجه اتهامات بالتدخل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة. فقد قال مسؤول أميركي كبير إن محللي المخابرات الأمريكية خلصوا إلى أن روسيا تدخلت في انتخابات 2016 لمساعدة ترامب على هزيمة هيلاري كلينتون وليس مجرد تقويض الثقة في النظام الانتخابي الأميركي.

ويقول دانييل يرجين مؤلف الكتاب الفائز على جائزة بوليتزر "الجائزة: ملحمة البحث عن النفط والمال والسلطة" إن روسيا ليست سوى جزء ضئيل من إجمالي أنشطة إكسون، وقلل من أهميتها. وقال "كانت علاقة عمل.. المسألة الروسية برمتها أصبحت محورية بدرجة كبيرة لذا كان من الحتمي أن تطرح تلك الأسئلة لكن من الواضح أن أي شركة نفط كبيرة سترغب في الذهاب إلى حيث توجد مواردها. من الضروري إحلال الموارد".

وأضاف "إذا أصبح وزيرا للخارجية فإن المصالح التي سيخدمها هي مصالح الولايات المتحدة.. هذا رجل حاز أعلى رتبة في الكشافة الأميركية.. كان رئيسا للكشافة.. إنه شخصية مستقيمة. وإذا كانت هذه هي مهمته فسينفذها".

وفي مقابلة ستبثها فوكس نيوز الأحد أشاد ترامب بتيلرسون باعتباره "أكثر بكثير من رئيس تنفيذي".

وقال ترامب "إنه لاعب عالمي.. بالنسبة لي فإنها ميزة كبيرة أنه يعرف الكثير من اللاعبين ويعرفهم جيدا". لكن السناتور روبرت منينديز من نيوجيرزي وهو عضو ديمقراطي كبير في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ التي ستتولى تقييم ترشيح تيلرسون لم يدخر وسعا في انتقاده للتعيين المحتمل.

وقال "التقارير بأن ركس تيلرسون قد يصبح مرشحا لأعلى منصب دبلوماسي في بلادنا مثيرة للقلق ومنافية للعقل.. بتعيين ركس تيلرسون وزيرا لخارجيتنا فإن إدارة ترامب تضمن لروسيا وجود شخص مستعد للتواطؤ في طاقم الرئيس يتولى توجيه سياستنا الخارجية".

تغير المناخ

ترشيح تيلرسون سيجعل من تغير المناخ قضية أخرى مثيرة للجدل.

فمكتب المحامي العام لنيويورك يحقق مع إكسون في مزاعم بتضليل المستثمرين والجهات التنظيمية والرأي العام بشأن ما تعرفه عن ارتفاع درجة حرارة الأرض.

لكن تيلرسون سيصبح إذا ما وقع الاختيار عليه واحدا من قليل من الأعضاء الرئيسيين في إدارة ترامب الذين يعتقدون أن النشاط البشري مسؤول عن تغير المناخ.

فبعد انتخاب ترامب أعلنت إكسون تأييدها لاتفاق باريس للمناخ. وتدعو الشركة أيضا إلى فرض ضريبة كربون وتضع في حساباتها الداخلية سعرا نظريا للكربون عند موازنة تكاليف التصنيع والتنقيب للمشاريع.

وتشعر بعض الجماعات المعنية بحماية البيئة ببواعث قلق من احتمال أن يصبح الرئيس التنفيذي لإكسون أكبر دبلوماسي أميركي.

يقول كارول مافيت رئيس مركز قانون البيئة الدولي "يبدو دونالد ترامب عازما على محو مكاسب قرن من التقدم البيئي والاجتماعي والعودة بأمريكا إلى عصر البارونات اللصوص ومصالح الشركات.. هل هناك من هو أفضل من إكسون للجوء إليه وهي الجد الأكبر لهم جميعا؟"

اسرائيل مستاءة من تعيين تيليرسون

لم تعقّب إسرائيل الرسمية على اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مدير شركة «إكسون موبيل» العملاقة للنفط ركس تيليرسون لمنصب وزير الخارجية، لكن وسائل إعلامها أطلقت العنان لمقالات عنيفة في انتقادها، وتوقفت تحديداً عند علاقات الصداقة التي تربط الأخير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبزعماء دول عربية، بداعي أن هذا التعيين يبعد فرص قيام الإدارة الأميركية بإلغاء اتفاق الدول الست مع إيران في شأن مشروعها النووي.

وبينما اختارت صحيفة «إسرائيل اليوم» شبه الناطقة بلسان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، عدم التعقيب وعنونت الخبر برصانة: «ترامب اختار وزيراً للخارجية»، كتبت «يديعوت أحرونوت» في عنوانها: «تعيين غير ديبلوماسي... إنه ليس سياسياً ولا جنرالاً وبالتأكيد ليس رجل دولة». واعتبر محلل الشؤون الأميركية في صحيفة «هآرتس» حيمي شاليف التعيين بمثابة «الأصبع الوسطى التي مدها ترامب للجميع»، في إشارة إلى أن ترامب رشح تيليرسون غداة تأكيد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) تدخل روسيا لمساعدته في الفوز بانتخابات الرئاسة.

وتوقع شاليف أن يشكل تعيين تيليرسون «خيبة في إسرائيل التي كانت ترغب في تعيين السفير السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون أو رئيس بلدية نيويورك رودي جولياني أو مرشح الرئاسة السابق ميت رومني وغيرهم لهذا المنصب، و «جميعهم يقيم علاقات متشعبة مع إسرائيل واليهود اليمينيين في الولايات المتحدة، ولهم ماض حافل بالاتصالات مع شخصيات إسرائيلية رفيعة، في مقدمها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو. وأردف أن المرشح الجديد هو بمثابة «لوح فارغ من المعطيات غير الواعدة»، مشيراً إلى «أرباب صناعة مرتبطون بشكل تقليدي بزعماء دول عربية ويحاولون الابتعاد من إسرائيل واليهود».

ووصف تيليرسون بأنه كان عملياً في السنوات الأخيرة ممثل شركته «إكسون موبيل» في روسيا حتى غدت الشركة شريكة استراتيجية لشركة «روسنفط» الروسية التي تمتلكها الحكومة الروسية. وزاد أنه لا يمكن التخلص من الانطباع بأن تعيين تيليرسون هو «سداد دين» لروسيا على قيام قراصنتها باقتحام البريد الإلكتروني لمرشحة الديموقراطيين للرئاسة هيلاري كلينتون على نحو ضرب شعبيتها وعزز فرص ترامب للفوز. وأضاف أن ترامب «سيعمل على مسايرة الكرملين بمقدار ما يمكن»، وأن التعيين الجديد «يلائم طابع حكومته المتبلور تشكيلها، حكومة تتشكل من رجل، أبيض، محافظ، متقدم في السن وملياردير».

وكتبت «يديعوت أحرونوت» غاضبة، أن جُلّ ما يفهمه تيليرسون في السياسة هو ما تعلمه من الرئيس الروسي «الذي قلده وسام الشرف». وأضافت أن «ثمة خشية (إسرائيلية) من انه بسبب علاقاته بصناعة النفط، فإنه لن يستعجل إلغاء الاتفاق النووي مع إيران». وأشارت إلى أنه خلال ترؤسه شركة النفط «جعل من روسيا الشريك الأول له ودفع نحو استثمارات بقيمة بلايين الدولارات». وأضافت أن تيليرسون كان من أشد المعارضين للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا في أعقاب توغلها في أوكرانيا. وأردفت أن علاقاته مع الرئيس بوتين يمكن أن تعتبر «تضارب مصالح» سافراً، فيقوم مجلس الشيوخ بإبطال التعيين. لكنها أضافت مستدركة أن الرئيس المنتخب «كسر كل الأعراف وسيعرف كيف يمرر هذا التعيين».

واختتمت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أن نائب وزير الخارجية سيكون كما يبدو جون بولتون «الذي عرف بتأييده المتفاني لإسرائيل داخل الهيئة الدولية، وسيكون عملياً المسؤول الفعلي عن النشاط اليومي لوزارة الخارجية».