انشغل الفلسطينيون طيلة الأسبوع الأخير في المؤتمر العام لحركة «فتح» والانتخابات التي شهدتها الهيئات القيادية الأولى للحركة التي تقود النظام السياسي الفلسطيني وتصنع القرار السياسي للفلسطينيين في الوطن والشتات.
وذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية، في عددها اليوم الثلاثاء، لم يحمل المؤتمر وانتخابات «فتح» الكثير من التغيرات، لكنه أشر إلى تحوّل الحركة من حركة سياسية غزيرة التنوع الفكري والسياسي الى نظام سياسي شديد الواقعية، مقيّد بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وبما فرضته من التزامات كبيرة على السلطة، وفي مقدمها توفير الخدمات الأساسية.
وتضسف الصحيفة، على رغم فشل العملية السياسية التي قادت إلى تأسيس السلطة قبل حوالى ربع قرن، إلا أن مؤتمر «فتح» خلا من أفكار وتيارات سياسية جديدة تطالب بتغيير الوضع الراهن الذي يعتبره الفلسطينيون في غير مصلحتهم. وهذا يعود، وفق ما يرى الكثير من المراقبين، إلى أن الغالبية العظمى من أعضاء المؤتمر البالغ عددهم 1400 عضو، موظفون في الجهاز البيروقراطي للسلطة، وبالتالي فإن حساباتهم أقرب إلى حسابات الموظف الذي يتطلع إلى الحفاظ على استقرار مصدر معيشته، وإلى تطوير هذا المصدر، وليس الذهاب إلى خيارات سياسية تشكل تهديداً له.
وأكت، ان المؤتمر صادق بالإجماع على البرنامج السياسي المقدم من الرئيس محمود عباس، والذي بدا مشابهاً بدرجة كبيرة للبرنامج السياسي القديم للحركة، باستثناء بعض التحديثات التي جاءت لتناسب التغيرات التي شهدتها القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة، ومنها حصول فلسطين على مكانة عضو مراقب في الأمم المتحدة.
ونصّ البرنامج السياسي الجديد للحركة على مواصلة مسارها السياسي القديم الهادف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، والقدس عاصمة لها، عبر العمل السياسي والمقاومة الشعبية السلمية. كما نص على مواصلة مخاطبة المجتمع الإسرائيلي عبر لجنة التواصل التي شكلتها منظمة التحرير بقيادة محمد المدني.
وهو نصّ كذلك على مواصلة المساعي الرامية إلى الحصول على اعترافات دول العالم بدولة فلسطين، والانتقال من عضو مراقب إلى عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، والانضمام إلى كل المنظمات والمواثيق الدولية. وأيد العودة إلى المفاوضات وفق قرارات الشرعية الدولية. وقال عضو اللجنة المركزية اللواء جبريل رجوب: «منفتحون على أي جهود سياسية تهدف إلى إعادة إحياء عملية السلام، لكن وفق الشرعية الدولية».
وكان أعضاء المؤتمر انتخبوا عباس بالإجماع من خلال التصفيق، وليس عبر صندوق الاقتراع. كما انتخب المؤتمر أعضاء اللجنة المركزية، الهيئة القيادية الأولى في الحركة، من دون أي مفاجآت بحيث حافظ الأعضاء المقربون من الرئيس عباس على مواقعهم في اللجنة. وحجب أعضاء المؤتمر أصواتهم عن عدد من الأعضاء والمرشحين الذين أظهر الرئيس عدم رضاه عن أدائهم وعن صلاتهم بالمسؤول «الفتحاوي» السابق محمد دحلان، مثل أحمد قريع وسلطان أبو العينين وصخر بسيسو.
وأبدى عباس ارتياحه من نتائج المؤتمر، معتبراً ذلك وقوفاً للحركة خلف قيادته وخياراته السياسية، خصوصاً موقفه الحازم ضد تدخل دول عربية في الشؤون الداخلية ومحاولتها الضغط عليه لإعادة دحلان. وشدد في خطابه في الجلسة الختامية للمؤتمر على رفض هذه التدخلات قائلاً: «لا يمكن لأحد أن يملي علينا أي شيء». وأضاف وسط تصفيق أعضاء المؤتمر: «رؤوسنا يابسة».
ويعد دحلان وأنصاره لعقد لقاء موسع في القاهرة قريباً للرد على مؤتمر «فتح» الذي أبعد دحلان نهائيا عن الحركة. وأكد مقربون منه أنه سيعود إلى الحركة في مرحلة ما بعد عباس.
وقال أحد أنصار دحلان لـ «الحياة»: «الهدف الأول للرئيس عباس هو ليس فقط إقصاء دحلان وإنما دفعه إلى تشكيل تنظيم سياسي جديد بعيد عن فتح، وهذا ما يرفضه دحلان بشدة.
وأضاف: «دحلان متمسك بفتح وتاريخها وأعضائها، وهو يعتبر ما يجري في الوقت الحاضر خطفاً للحركة، وأنه سيأتي يوم وتعود الحركة إلى أبنائها».