كتب البروفيسور ايال زيسر، في صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية : ان الخيبة كانت في انتظار من توقع عنوانا مدويا من مداولات المؤتمر السابع لحركة فتح، الذي اجتمع في الاسبوع المنصرم في رام الله. فالعنوان وفره بالذات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، هرتسي هليفي، الذي تكهن بأن العام 2017 سيشهد تصعيدا وعدم استقرار في مناطق الضفة، خاصة بسبب الصراع على وراثة كرسي الزعيم، ابو مازن، الذي بلغ مؤخرا سن 81 عاما.
حقيقة ان الاخبار تأتي من تل ابيب وليس بالذات من رام الله، تثبت مرة اخرى ان مصير الفلسطينيين ليس في ايديهم، وان الحركة القومية الفلسطينية تراجعت الى نقطة الصفر التي كانت تشكل فيها أداة في ايدي الدول العربية المختلفة، والتي كانت تملي عليها قراراتها واعمالها.
كما في ذلك الوقت، هكذا يجري اليوم تحريك المرجل الفلسطيني. وتضم هذه الدول مصر التي تدعم محمد دحلان، خصم ابو مازن، والمطالب بتاج القيادة الفلسطينية بعده. ويجب ان نضيف اليها الاردن، الذي منع الكثير من مندوبي المؤتمر من الوصول الى رام الله عبر اراضيه، وكذلك قطر وتركيا، وفي الخلفية ايران ايضا.
وتسعى هذه الدول الى تسليط حماس على اراضي السلطة كلها. واخيرا لا يمكن عدم ذكر اسرائيل، التي تقوم برعاية السلطة الفلسطينية، وعقد مؤتمر فتح في رام الله تحت عيونها المفتوحة.
خلال المؤتمر الذي عقد في رام الله اعيد انتخاب ابو مازن لقيادة الحركة لخمس سنوات اخرى. كما تم انتخاب المؤسسات التي ستختار وريثه، 21 عضوا في اللجنة المركزية، و51 عضوا في المجلس الثوري. لقد شارك في المؤتمر الحالي حوالي 1400 مندوب فقط، مقابل حوالي 2600 في المؤتمر السابق قبل سبع سنوات، وهذا يعني انه تم ابعاد مئات المشاركين الذين كان يمكن ان يدعموا محمد دحلان، منافس ابو مازن، وضمان انتخابه بعده.
لكن ابو مازن يتواجد في نهاية طريقه، ويبدو ان هذه الطريق لم تنقذ الفلسطينيين من الباب الموصد الذي وصلوا اليه. في صالحه يقال انه خلافا لسابقه لم يشجع الارهاب والعنف وانما اختار انتظار قيام آخر، اوباما مثلا، بفرض حل للصراع يرضي الفلسطينيين.
من هنا ينبع التخوف في اسرائيل من غياب الاستقرار في السنوات القادمة، التي ستشهد الصراع الساخن على الوراثة، مهما كانت ضعيفة.
محمد دحلان، رجل غزة، يتمتع بدعم من مصر والسعودية والاردن، وهناك من يقول من اسرائيل ايضا. ولديه قاعدة تأييد في غزة، ايضا. وفي الضفة بدأ رجاله بالدخول في مواجهات مع قوات امن السلطة في العديد من المدن.
لقد اعلن دحلان عشية المؤتمر، بأنه لا ينوي المنافسة ويدعم مروان البرغوثي، المسجون في اسرائيل، لتزعم الفلسطينيين. ولكن تدريجيا، يقوم بالتحضير لمؤتمر مضاد سينعقد في مصر ويعزز ترشيحه كوريث.
الوضع في حماس ليس افضل كثيرا. في نيسان يفترض انتخاب زعيم جديد للحركة بدلا من خالد مشعل، لكنه من المشكوك فيه ان ينجح بتحسين العلاقات مع مصر، التي تفرض حصارا فاعلا على القطاع،وتحقيق استقرار اقتصادي وامني يضمن استمرار سلطة حماس في القطاع.
ها هم الفلسطينيون، اذن، يمتنعون عن اتخاذ قرارات صعبة يحتمها وضعهم، ولا ينجحون بالتوحد حول قيادة شرعية وفاعلة، والانطلاق في طريق جديد، حتى وان كان يصعب هضمه من قبل الجمهورالفلسطيني، لأنه يصعب هضم كل تنازل او تسوية.
وعلى هامش الامور، التصريح المثير الذي صدر خلال مداولات المؤتمر عن ابو مازن، ووفقا له، تم بفضل اتفاقيات اوسلو، التي تواجه معارضة في صفوف الجمهور الفلسطيني، عودة حوالي 600 الف فلسطيني. هذا التصريح ينضم الى امور قالها دحلان، منذ ايام الانتفاضة الثانية، ووفقا لها فانه بفضل اتفاقيات اوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية ارتفع عدد المصابين الاسرائيليين خلال الانتفاضة الاولى الى اكثر من الف قتيل.
نتيجة عمليات المخربين الذين ارسلتهم قواعد الارهاب التي عملت بدون ازعاج في المدن الفلسطينية الخاضعة للسلطة: تصريحان من المناسب ان تكرس لهما اسرائيل الاهتمام.