مؤتمر فتح السابع احكام لسيطرة الرئيس والدفع بمعارضيه نحو ممر اجباري ...د.وجيه ابو ظريفة

السبت 03 ديسمبر 2016 02:42 م / بتوقيت القدس +2GMT



 
اقترب المؤتمر العام السابع لحركة فتح من اختتام أعماله خلال الساعات القادمة ومهما كانت نتائج انتخابات اللجنة المركزية والمجلس الثوري والاستشاري الا ان المؤتمر ورغم كل ما شاب التحضير له من أزمات ومشكلات حقق المطلوب منه للرئيس محمود عباس ومؤيديه
لقد استطاع المؤتمر ان يتجاوز العقبات امام انعقادة وان مجرد الانعقاد هو انتصار للرئيس ابو مازن يضاف الى ذلك ان التمثيل فى المؤتمر شبه شامل للمناطق الجغرافية والأقاليم والمفوضيات وللخارج حتى وان استثنى بشكل مقصود او غير مقصود كثير من كوادر الحركة وقادتها الا انه لا يستطيع احد القول انه استثنى مناطق او مؤسسات او مهن مثلا بل يوجد تمثيل للجميع حتى وان كان يبدو مقلصا واستطاع المؤتمر اي يكتسب شرعية دولية واقليمية بمشاركة خارجيه هامة منها مثلا ممثل عن الأمين العام للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وحتى وفود من دول إقليمية على خلاف مع الرئيس حول فتح وكيفية حل ازمتها الداخلية كما حضر المؤتمر مشاركين من كافة القوى والأحزاب الفلسطينية بما فيها خصوم الرئيس السياسيين من الجهاد الاسلامي وحركة حماس وبالتالي اكتسب المؤتمر صبغة شرعية وهذا سيعطي لنتائجه الشرعية اللازمة المطلوبة وربما حديث معظم الوفود بترحاب عن اعادة اختيار ابو مازن رئيسا للحركة من جديد حتى وان تم هذا الاختيار بشكل استعراضي اكثر منه شكل انتخابي
لقد ثبت الرئيس ابو مازن سيطرته على حركة فتح وهيئاتها القادمة وتحكم في مدخلات ومخرجات المؤتمر وأكد ليس فقط على ابعاد معارضيه بل اصر على تجاهل وجودهم خاصة النائب محمد دحلان وانصاره وبالتالي استطاع ان يدفعهم الى ممر اجباري حيث اصبح هذا التيار لا يمتلك الكثير من الخيارات فلم يعد الحديث عن المصالحة الفتحاوية الداخلية مجديا ولا الحديث عن عودة المفصولين الى مواقعهم التنظيمية ممكنا ولا حتى مجرد عودتهم الى صفوف الحركة مقبولا
ان الطريق الوحيد امام معارضي المؤتمر والرئيس ابو مازن من الفتحاويين هو بدء العمل على انجاز تشكيل سياسي فلسطيني جديد يجمع فى أكنافه كل المعارضين من فتح وربما الغاضبين من تنظيماتهم الاخرى اضافة الى مجموعات كبيرة خاصة من الشباب الذين لا يجدون نفسهم فى تشكيلة الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية الحالية ناهيك عن مستقلين كثيرين يبحثون عن مكان لهم فى الحركة الوطنية الفلسطينية
ربما ليس من المتوقع بحكم التاريخ والمسيرة ان يكون سهلا على هؤلاء وخاصة القادة منهم البحث عن تشكيل سياسي جديد وسيعتقد الجميع انها بداية من الصفر ولكن تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية مليء بالتشكيلات السياسية التى خرجت من رحم احزاب اكثر قدما منها واحتلت حيزا فى العمل ألوطنى الفلسطيني ولا تزال وخاصة ان مثل هذا التشكيل الجديد سيكون لديه رصيد من العلاقات الإقليمية والدولية وربما إمكانيات مالية جيدة اضافة لحضور سياسي مطلوب وايضاً تاريخ كفاحى وسياسي لاعضاءه وقيادته
ان المراهنة على فشل القيادة الجديدة لحركة فتح باعتقادى مراهنة غير موضوعية فالرئيس جدد الشرعيات له ولها وما زال يتحكم في مقدرات الحركة المالية والتنظيمية وايضاً يسيطر على مقدرات السلطة الفلسطينية ويجيرها لخدمة رؤيته سواء في السلطة او فى حركة فتح وبالتالي انتظار تغيير دراماتيكي فى الاحداث قد يغير مسار النتائج مثل غياب الرئيس عن الساحة هو مراهنة غير موضوعية وقد لا تشكل مخرجا لحل الأزمة ان لم تكن قد تعقدها اكثر وايضاً الحديث عن تشكيلات موازية او بديلة لن تؤدى الا الا مزيد من المشكلات وربما الصدامات التى يصعب تبريرها خاصة وان مساحات الخلاف السياسي بين الفرقاء منعدمة وان تبرير اي تشكيلات موازية ستكون اقرب الى الانشقاق منها الى الإصلاح ولم يسجل تاريخ حركة فتح نجاحا للمحاولات الانشقاقية 
دائما ما يأتى التاريخ بمنعطفات صعبة وتحتاج الى قرارات جريئة والى رواد يقرأون الاحداث بموضوعية ويتخذون القرارات اللازمة فى وقتها الملائم دون الاكتفاء فقط بالبكائيات او اللوم او تحميل المسؤلية للآخرين بل العمل على تغيير الوقائع لتشكيل واقع سياسي جديد يفرز من تلقاء نفسه حالة جديدة وبالمناسبة ليست بالضرورة ان تكون حالة ناجحة او افضل من ما سبقها
د . وجيه ابو ظريفة
استاذ العلوم السياسية
الكاتب والمحلل السياسي