يا عيب الشـــوم !! محمد يوسف الوحيــدي

الثلاثاء 22 نوفمبر 2016 09:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
يا عيب الشـــوم !! محمد يوسف الوحيــدي



فعلاً يا عيب الشوم ، اللقاءات العشوائية ، في الفيديو الذي إنتشر مؤخرا ً ،إنتشار النار في الهشيم ، لمذيعة فلسطينية ، تسأل  شرائح مختلفة من أبناء شعبنا الفلسطيني عن اسم أو صفة أو أي معلومة عن شخصية في صورة  تحملها ، و الحقيقة أنني تابعت حلقتين من هذا  البرانامج الإستطلاعي ، كانت في المرة الأولى للقائد الشهيد خليل الوزير – أبو جهــاد ، و في المرة الثانية  للقائد الرمز أمير القدس فيصــل الحسيني – أبو العبد ، وكانت معظم الإجابات ،مخيبة للآمال ، بل محبطة ، بل مثيرة للأعصاب و مستفزة ، خاصة  إجابات الشباب .. 

تابعت عدة تعليقات ، سواء تلكم ذات صبغة " الوجبات السريعة " على وسال التواصل الإجتماعي ، و التي تكون غالباً من نوع ( إضرب و إهرب أو إشتم و إهرب ) ، أو تلك المتعقلة و التي تجئ على شكل مقال أو بحث أو تحليل موضوعي ، و أيضاً هناك أنواع التعليقت و البيانت و الكتابات و التنظيرات من نوع " خالف تعرف " ، و " الحق على كل الخلق .. إلا أنا " .. 

و بما أن بيننا من لا يعجبة العجب و لا الصيام في رجب ، بدأ سيل عرمرم من كيل الإتهامات لكل الأطراف و أولها القيادة و حركة فتح و نظمها الإعلامية و الثقافية و التربوية و لا مانع أيضاً من الحديث عن الصحة و البطالة و التنسيق الأمني و سعر الدولار على الشيكل .. المهم ، أن تتطاول و تصنع من الحبة قبة و تتبرأ من أي علاقة أو ذنب أو مسئولية ..

الحقيقة أن إنهياراً ربما ليس على مستوى فلسطين فقط ، بل على مستوى الوطن العربي ، في الأخلاق و الأصول ، و المعرفة بشكل عام ، بل ، تحريض على الأصول و التاريخ و الإحساس بالإنتماء القومي و الوطني تطور على مدى جيلين أو ثلاثة متلاحقة ، في هذا الإتجاه ، و تم تمريره و غرسه في عقول الأطفال و الشباب تحت شعار " رفض الواقع المهترئ ، و رفض التخلف العربي أمام غول التمدن و الحضارة الأجنبية  " و عملت على هذه النغمة مؤسسات كثيرة ، بعناوين لا يمكن النقاش فيها ، فهي صحيحة و لكن بمنطق " كلمة حق يراد بها باطل " فالجرعات الفنية و الإبداعية و تشجيع المواهب أمر جميل و علامة للتحضر ولكن بغير إفراط ، و تفريط بميزان تشجيع افلتزام بالأخلاق و الدين و المعرفة القومية ، وجدت جهات و مؤسسات لها في هذا " الصخب و الزحام و التشابك " مرتعا و وطفت طاقتها في بث أفكارها فكانت تعطينا من طرف الخبر كلمة أو إثنتان و بمعرفتها بنا و بطبعنا " الحامي " ، تترك لنا الباقي ، فنطير على " شبر مية " و نبلغ السحاب قصصاً و خيالاً و نفخاً و نظماً للشعر و القوافي و الشعارات الطنانة و العبارات الرنانة .. فنروج للبضاعة حتى تقر في الأذهان ، و تتغلل في الوجدان لتصبح عقيدة ثابتة ..  

نعم هناك ملامة ، و عتب ، بل و حساب للأداء الإعلامي ، و التثقيف الثوري و التاريخي و التربية القومية سواء لحركة لفتح بما أنها التنظيم الأقوى و الأكثر جماهيرية و بما أنها أصبحت تشكل " وعي و ثقافة الشعب " أو الحكومة .. ولكن السؤال ، وماذا عن باقي التنظيمات و الحركات و التيارات و الأحزاب التي ما شاء الله تسد عين الشمس و تحتاج إلى خبير لإحصائها و تفنيدها ؟؟ أم هي من واد بعيد لا علاقة له بفلسطين و أهلها و لا تاريخها و جغرافيتها ؟ 

نعم هناك لوم و عتاب و إتهام بالتقصير للسلوك الإعلامي و التربوي للشبيبة الفتحاوية الذي من الواضح أنه أُهمل بتقصير أو بعجز أو بقصد أو باي سبب ، ولكن ماذا بالنسبة للأطراف و المؤسسات و الكيانات الأخرى المنتشرة في كل قطاع و تكاد تملأ الحواري و الأزقة ؟!

 ولا نسمع منها سوى الإنتقاد لكل نشاط أو تحرك ، و الحديث عن عدم جدوى لأي مشروع على المستوى الوطني أو الدولي ، و قدح و تهكم على المثل العليا ، و تقزيم لكل الرموز ، و ترخيص و تبخيس لكل القادة ... بالتالي لماذا يبحث الفتى الفلسطيني أو الفتاة الفلسطينية عن ابو جهاد  أو أبو إياد ، أو فيصل الحسيني أو غيرهم ، و هو تحت مطارق إشاعات و إنتقادات و إتهامات تتهم رموزاً مثلهم ليل نهار ، بالفساد و الخيانة و التخاذل ، لماذا يعرف الشاب الفلسطيني أو الشابة الفلسطينية من هو صلاح خلف و غسان كنفاني أو علي حسن سلامة ، و قصص و مقالات و كتب و إنتقادات و معاول الهدم لا تتوانى لحظة و لاتكف تهدم أمام عينيه ، بل تغتال أمام ناظريه كل يوم مئة مرة ، صائب عريقات و نبيل شعث و أبو مازن ، و تشككه في غيرهم من " الظلاميين " أو " الرجعيين " أو " اليساريين الكفرة المجادلين "...؟؟ 

بل إن الطامة الأكبر و المرض العضال ، هو ليس فقط في " التجهيل " بل بزرع عقيدة " أننا أمة لا فائدة منها و لا تاريخ لها " ، و هذه النغمة كنا نسمعها ولا زلنا تبثها فينا ماكينات إعلامية كالوسواس الخناس صباحاً و مساءً .. نحن أمة عربية تائهة لا أصل لنا ، و القومية العربية فرية تاريخية .. المصريون فراعنة ، و البنانيون من أصول أما فينيقية أو مارونية أو غيرها و الشعوب السورية ، مجاميع مختلفة الأعراق و حدث و لا حرج عن العراق و أهل العراق من ترك و كرد و آشوريين و ايزديين .. الفلسطينيون من البلاستاز أو الفليستينز الآتين من كريت و اليونان و جنوب إيطاليا و غيرها من القصص التي تصب جميعها في هدف واحد ( محو الشخصية العربية و قلع الجذور ) ..

أعتقد أن هذا العمل ، بمنتجه و القائمين عليه و مذيعة العمل يستحقون  منا أن نقف إحتراماً لهم و للفكرة فقد قرعوا ناقوساً ، و أذنوا فينا ، حي على الفلاح .. فلنتخلص  أولاً من كل منغصي حياتنا ، و غاسلي أدمغة شبابنا ونلفظ من بيننا كل من يحاول أن يشككنا في إنتماءاتنا وديننا و عروبتنا و أصولنا و أخلاقياتنا .. و هذا لا يعني أن لا نحاسب المقصر ، و المتلاعب و الفاسد ، و الذي لم يؤد دوره في التنوير و التذكير و يساهم في بناء المعرفة الثورية و التاريخ النضالي لرموزنا ، بل و لكل حجر في بلادنا و وطننا العربي .. و صحيح ديننا .. إستقيموا يرحمكم الله .