الائتلاف الصهيوني اليميني على صفيح ساخن ..سليم ماضي

السبت 19 نوفمبر 2016 10:48 م / بتوقيت القدس +2GMT



ما يلبث أن يهدأ الصدام بين بنيامين نتياهو- رئيس الوزراء الإسرائيلي- ونفتالي بينيت- رئيس حزب البيت اليهودي الديني المتطرف(الممترد والمتصلب بآرائه ومواقفه داخل الحكومة) الا ويعود مرة أخرى وبوتيرة أكثر سخونة من سابقتها، المناكفات والمزاودات الدائرة بينهما هدفها سياسي بحث، حيث يسعي الطرفان لتسجيل أكبر قدر من النقاط لزيادة رصيدهم في الشارع في اطار التنافس على أصوات اليمين وخصوصاً المستوطنين، حيث يرفض نتنياهو وحزبه بأن يكون مجتمع المستوطنين حكراً لزعيم البيت اليهودي ممثل المستوطنين، وفي هذا الصدد هاجم مصدر مقرب من نتياهو نفتالي بينيت قائلاً "الليكود لا يحتاج الى مساعدة من بينيت لكي يعمل من أجل الاستيطان، نحن سنواصل العمل من أجل المستوطنات، وسيواصل بينيت الانشغال في العلاقات العامة والسياسة التافهة"، ويعتبر كلٌ منهم على أنه اليميني الحقيقي الذي يعمل لإرضاء وكسب ود مجتمع المستوطنين من خلال الدفاع عن حقوقهم ووجودهم.

الخلافات بين الرجلين ليست بالجديدة وتعود لجملة من الأسباب السياسية والأيديولوجية والشخصية الخلاف السياسي يتمحور كما أسلفنا في التنافس على جذب ولاء مجتمع المستوطنين، والمكاسب السياسية وفرض البرامج والأجندات، أما الخلافات الأيديولوجية فعلى الرغم من التطرف اليميني والقومي لدى الرجلين، إلا أنهم يختلفون في العقيدة السياسية فبينيت رجل دين متحضر يطلق عليه (متدين لايت)- حسب ما يصنف إسرائيلياً- رغم عدم انفتاحه السياسي على المجتمع الدولي، وعدم مبالاته لرضى المجتمع الدولي على السياسة الإسرائيلية، أما نتنياهو فهو رجل علماني يهتم بالمناخ الدولي وتقلباته بشكل نسبي إلى حد ما، والنوع الآخر من الخلافات شخصية بسبب تعرض بينيت للاهانة من قبل سارة نتياهو في السابق عندما كان في حزب الليكود مع ايليت شاكيد، حيث عمل في مكتب نتياهو كمدير لحملته الانتخابية عام 2007 والتي فاز بها نتياهو برئاسة الحزب وتم طرده آنذاك من قبل نتنياهو من الحزب وخرجت معه شاكيد ليدخلا معاً حزب البيت اليهودي فيما بعد.

من هنا يأتي اصرار نفتالي بينيت على تمرير مشروع قانون شرعنة البؤر الاستيطانية الغير قانونية والتي أقيمت على أراضي فلسطينية خاصة لمواجهة قرار المحكمة العليا القاضي بإخلاء مستوطنة عمونا، والذي تم تمريره بالكنيست بالقراءة التمهيدية بواقع 58 صوت مؤيداً، و52 صوت ضد مشروع القانون ويحتاج للقراءة الثانية والثالثة ليصبح نافذاً. ولم يعطي بينيت لنتنياهو وكحلون خياراً غير التصويت مع القانون من قبل الكتل البرلمانية لأحزاب الائتلاف اليميني الحكومي في الكنيست، ملوحاً في الوقت ذاته بإسقاط الحكومة والذهاب الى انتخابات مبكرة، هذه الانتخابات في حال اجريت ووفقاً لاستطلاعات الرأي سيكون الرابح الأكبر حزب هناك مستقبل بزعامة يائير لبيد حيث يقدر بأن يحصد 21 مقعداً بدلاً من 11 مقعداً، بينما سيكون الخاسر الأكبر ائتلاف المعسكر الصهيوني الذي سيتراجع الى 13 مقعداً بدلاً من 24 مقعداً، ويقدر لليكود أن يبقى في الصدارة بالرغم من تراجعه من 30 مقعداً الى 26 مقعداً، وتعطي استطلاعات الرأي البيت اليهودي 13 مقعداً بدلاً من 8 مقاعد بينما يتراجع حزب كولانو من 10 الى 7 مقاعد، ويحصل ليبرمان على 8 مقاعد بدلاً من 6 مقاعد، وتبقى احزاب الحريديم بنفس الوزن كل منها 7 مقاعد، بينما يرتفع اليسار الاسرائيلي متمثلاً بحزب ميرتس من 4 مقاعد الى 6 مقاعد، وكذلك تحتفظ القائمة العربية المشتركة بنفس مقاعدها 13 مقعداً.

وصلت المناكفات بين الرجلين لحد وعيد وتهديد بينيت بنسف الاتفاق الائتلافي بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان أنداك، إذا لم تتم الاستجابة لطلبه، وطالب بينيت نتنياهو بتعيين ملحق عسكري في المجلس الوزاري (الكابينت) لإطلاع الوزراء على آخر المستجدات الأمنية في الوقت المناسب، وزيادة الزيارات لتقصي الحقائق إلى قواعد الجيش ومناطق عسكرية أخرى، وتسهيل الوصول إلى معلومات سرية، وقد تمادت الخلافات لحد التهديد بانهيار الائتلاف الحكومي الأمر الذي دفع بنتنياهو إلى مغازلة هرتسوغ وتسفي لفني للدخول ضمن ائتلافه وذلك للتخفيف من حدة الابتزاز السياسي الذي يمارسه بينيت عليه.

لقد أصبحت المناكفات الآن يمينية يمينية بسبب غياب تأثير اليسار ويسار الوسط الذي بات فقيراً متسولاً لبعض أفكار وأجندات اليمين لكي يحافظ على وجوده لأن التطرف والعنصرية السلعة الأكثر رواجاً في سوق التنافس السياسي، وجاء ذلك خلال خطة "الانفصال" الانسحاب الأحادي الجانب من الضفة الغربية التي اقترحتها زعيم المعسكر الصهيوني هرتسوغ وهي بالأساس خطة لشارون وضعها عند البدء ببناء الجدار العنصري عام 2002، وعلى غرار خطة شارون للانسحاب من قطاع غزة 2005، هكذا اليسار الآن اكتفى بمحاولات لإنتاج أفكار غيره خارج الحلبة السياسية، وبدا كالأخرس لا يسمع له صوت وإن تحدث لا يحدث ضجيجاً أو صدى بالشارع.

الأفكار المتطرفة الجديدة للمعسكر الصهيوني جعلته أقرب لليمين الإسرائيلي؛ لذلك ربما نشهد في المستقبل القريب محاولات لدمج المعسكر الصهيوني ضمن ائتلاف نتنياهو بعد أن أصبح الحزب أقرب لسياسة نتنياهو منها إلى الاعتدال، في حال استمر بينيت في التهديد بالانسحاب من الائتلاف أو نفذ تهديده، لأن الانتخابات المبكرة لن تكون في مصلحة الحزبين الكبيرين في أي حال من الأحوال لا الليكود ولا المعسكر الصهيوني الذي سيكون الخاسر الأكبر حسب استطلاعات الرأي، فسيجد الحزبين الكبيرين مصلحة لهم في تشكيل حكومة وطنية ستنقذهم من الهزيمة والتراجع في أي انتخابات محتملة.

 ماجستير علوم سياسية