على عكس ما هو سائد من اريحية كبيرة لفوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الامريكية بالنسبة لاسرائيل وانه سيكون صديقا حميما لها ويشرعن الاستيطان ويخدم مصالحها فان هناك بعض المحللين الاسرائيليين والساسة يحذرون من التفاؤل المفرط بفوزه وفيما يلي تقريرا نشرته معاريف حول هذا الموضوع,
كتب شلومو شامير يقول: " إنني اعتذر عن هذا التشاؤم، ولكن إذا ما كان هناك دولة يجب أن تخاف من فوز دونالد ترامب فهي إسرائيل.
إن الدبلوماسيين العاملين في الولايات المتحدة الأمريكية ممنوعون، لأسباب مفهومة، من إبداء رأي علني في التطورات السياسية الداخلية في الدولة المضيفة، فيما لا يحبذ كبار المسؤولين في الجالية اليهودية أن يظهروا بوصفهم نذيري شؤم. إلا أنه تتضح من الأحاديث التي أجريتها معهم هذا الأسبوع رسالة واضحة وقاطعة حول كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية للإدارة الجديدة وهي: “احذري يا إسرائيل”.
“إن ترامب خطر على العالم الحر، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبشكل خاص على إسرائيل، لسبب بسيط وهو أنه لا يمكن التنبؤ بتصرفاته”، قال أبراهام فوكسمان المدير الوطني لرابطة مكافحة التشهير. و”في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كان ترامب قد صرح أنه سيدير سياسة متوازنة. فما الذي تعنيه كلمة ꞌمتوازنةꞌ؟ فقد اعتاد الرئيس السابق جيمي كارتر استخدام هذا المصطلح. إنه أمر مقلق”.
إن ردود الرضا والاطمئنان من جانب الوزراء وكبار المسؤولين في إسرائيل حول نتائج الانتخابات تكشف أيضاً حالة من عدم الفهم للطابع السياسي للرئيس المنتخب. ففي القدس لا يستوعبون أن ترامب ليس يمينياً وليس جمهورياً محافظاً مقبولاً على المؤسسة. وحسب تقدير مسؤولين كبار آخرين في الجالية اليهودية فإنه سيمر زمن طويل إلى أن تصل مواضيع من مستنقع الشرق الأوسط وتلفت اهتمام الرئيس ترامب. ولكن عندما يبدأ الرئيس المنتخب بالتعامل مع المنطقة فإن إسرائيل لن تحب ما لديه ليقوله ويقترحه.
كما أن جهات في مركز الأمم المتحدة ترى أن هناك أملاً أكبر بكثير في أن يخطو البيت الأبيض بزعامة ترامب باتجاه الفلسطينيين أكثر مما يرغب في إرضاء إسرائيل. “سيرى ترامب في الموضوع الفلسطيني فرصة ليثبت من خلالها أصالته وجرأته”، هذا حسب تقدير مسؤول كبير في نيويورك، “وستضطر إسرائيل لمواجهة وضع غير مريح جداً في واشنطن“.
ويعرب دبلوماسيون كبار، من أولئك المحسوبين على اليمين، عن مخاوفهم من جهل ترامب ومن انعدام الخبرة المطلق لديه في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية وبالعلاقات الدولية. “إنني لا أرى في دائرته المقربة أية شخصية مناسبة فعلاً ومؤهلة لمنصب وزير الخارجية”، قال سفير إحدى الدول الآسيوية في حديث معه. “انتبه، من كان أول من صرخوا وقفزوا فرحاً لفوز ترامب؟”، يقول دبلوماسي غربي، “الرئيس الروسي بوتين ومجلس النواب في موسكو. وهذا ليس بالصدفة. ففي الكرملين يفهمون جيداً المكسب السياسي الداخلي والخارجي المتوقع لروسيا من التعاون مع ترامب”. أما وزير العدل الألماني هايكو ماس فقد قال إن “العالم لن يدمَّر، لكنه سيصبح أكثر جنوناً”. بينما تساءل وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت قائلاً “ما الذي سيحدث لمعاهدة المناخ، وما الذي سيحدث للاتفاق النووي مع إيران؟”. وأضاف إن “شخصية ترامب تثير الحيرة”.
إن الرأي السائد في أعقاب الانتخابات هو أن الكثير من التصريحات والوعود التي نثرها ترامب خلال الدعاية لحملته الانتخابية لن تصل حتى إلى عتبة التطبيق والتنفيذ. فترامب لن يقوم ببناء جدار على الحدود مع المكسيك وذلك لأنه لن يكون بوسعه توفير الميزانية الضخمة اللازمة لذلك. كما أنه لن يقوم بطرد المقيمين غير الشرعيين من الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لأن الحديث يدور عن ملايين البشر، بما في ذلك الأطفال، وحتى يقوم ترامب بطردهم فهو مضطر لتركيبهم في القطارات والحافلات – وهو مشهد سيثير غضب العالم. وهو أيضاً لن يقوم بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران وذلك لأن الرئيس الروسي، محبوبه والمفضل لديه، المتعاطف والداعم للنظام في طهران، لن يسمح له بالقيام بخطوة كهذه. ولعلم الحكومة الإسرائيلية، فهو لن يقوم أيضاً، على ما يبدو، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. “سجل عندك”، قال يهودي مقرب من العديد من الجهات المحسوبة على المقربين من ترامب في حديث معه “إن الآمال في أن يقوم بنقل السفارة هي ضعيفة جداً. فهو لن يقوم بتنفيذ خطوة كهذه عندما يتضح له أنه سيُغضب مصر والسعودية ودول الخليج والعالم الإسلامي“.
أما بالنسبة لليهود الذين توجد لهم صلة بموضوع العلاقات مع إسرائيل فإن فوز ترامب يأخذ لديهم معنى، غير مريح، آخر. فالغالبية العظمى من اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية قد صوتت لصالح هيلاري كلينتون وذلك ليس فقط بسبب التأييد اليهودي التقليدي للحزب الديمقراطي. ففي المواجهة الحالية تدفق اليهود إلى معسكر كلينتون بدافع مقتهم لترامب. فبالنسبة لهم ترامب هو النقيض المطلق، ليس فقط للقيم الليبرالية بل أيضاً للقيم الأساسية الأخلاقية والاجتماعية لليهود.
وبوصفه صاحب البيت الأبيض سيكون ترامب بمثابة “بطاقة حمراء” للكثير من اليهود. “أنا لا أفهم وغير قادر على استيعاب كيف يحدث وأن يكون ترامب في دولة إسرائيل شخصية محبوبة وشعبية”، قال لي أحد الحاخامات الإصلاحيين في حوار معه. “أنا أخشى من أن يؤدي هذا التناقض في العلاقة تجاه ترامب بين إسرائيل وبين غالبية اليهود الأمريكيين إلى مفاقمة الأزمة في العلاقات ويسرع بشكل أكبر عملية الابتعاد عن إسرائيل، وهي العملية الآخذة بالازدياد، بشكل خاص، في أوساط الجيل اليهودي الشاب.