أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربى بالإضافة إلى كل من مصر والمغرب والسودان والأردن واليمن عن القلق إزاء استمرار السياسات الإقليمية التوسعية التى تنتهجها إيران فى المنطقة.
جاء ذلك خلال رسالة مشتركة وجهتها دولة الإمارات بالاشتراك مع عشر دول إلى رئيس الدورة الـ 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة "بيتر تومسون"، وتم توزيعها مؤخرًا على جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة فى سياق رد دولة الإمارات الرسمى على بيان حق الرد الذى أدلى به عضو وفد إيران لدى الأمم المتحدة فى ختام المناقشة العامة الرفيعة المستوى للجمعية العامة بتاريخ 26 سبتمبر الماضى، والذى تضمن سلسلة من الإدعاءات الباطلة التى لا أساس لها من الصحة.
وأكدت الرسالة القلق المشترك تجاه دستور جمهورية إيران الإسلامية الذى يدعو من خلال رموزه السياسية والدينية إلى تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول الأخرى، مشددة على أن إيران هى دولة راعية للإرهاب فى المنطقة بدءًا من حزب الله فى لبنان وسوريا إلى الحوثيين فى اليمن، ووصولاً إلى الجماعات والخلايا الإرهابية فى كل من مملكة البحرين والعراق والمملكة العربية السعودية والكويت وغيرها.
وردًا على تعليق عضو الوفد الإيرانى بشأن الحملة العسكرية التى تقودها قوات تحالف استعادة الشرعية فى اليمن، أوضحت الرسالة بأن الحكومة الشرعية فى اليمن تقدمت فى شهر مارس من العام الماضى بطلب المساعدة بما فى ذلك التدخل العسكرى إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإلى جامعة الدول العربية من أجل حماية اليمن وشعبه من العدوان المستمر للحوثيين المدعومين من قبل إيران، ونوهت إلى أنه استجابة لهذا الطلب تم تشكيل تحالف استعادة الشرعية فى اليمن تحت قيادة المملكة العربية السعودية لحماية اليمن وشعبه ومساعدته فى مواجهة الإرهاب.
وأكدت الرسالة على اتساق الطلب اليمنى مع القانون الدولى، ومع حق الدفاع عن النفس المنصوص عليه فى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، مشيرة إلى أنه تم إبلاغ مجلس الأمن الدولى بهذا الطلب عبر رسالتين رسميتين الأولى موجهة من الجمهورية اليمنية والثانية موجهة من دولة قطر إلى الأمم المتحدة فى مارس من العام الماضى حسبما ورد بقرار مجلس الأمن رقم 2216 "2015".
وفيما يتعلق بالهجوم الذى تعرضت له سفينة إماراتية فى باب المندوب أعربت الدول الموقعة على الرسالة عن تضامنها مع دولة الإمارات بالقول: "إننا نضم صوتنا إلى كل من مجلس الأمن وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى ومجلس التعاون لدول الخليج العربية فى الإدانة بأشد العبارات الممكنة للهجوم الحوثى الأخير على السفينة المدنية التابعة لدولة الإمارات /سويفت/ فى مضيق باب المندب بتاريخ 1 أكتوبر 2016 وذلك فى انتهاك واضح للقانون الدولى".
وتطرقت الرسالة إلى البيان الصحفى الصادر عن أعضاء مجلس الأمن بشأن هذا الحادث، والذى أكد تعامل المجلس بمنتهى الجدية مع التهديدات التى تتعرض لها الملاحة فى مضيق باب المندب وما حوله، لما يشكله من ممر ملاحى ذو أهمية استراتيجية، مشددين فى هذا الصدد على أهمية استمرار ممارسة حرية الملاحة فى مضيق باب المندب وما حوله وفقًا لأحكام القانون الدولى ذات الصلة.
كما تمت إدانة أنشطة إيران فى الصراع الدائر فى اليمن وقيامها بتقديم الدعم المالى والاستراتيجى والعسكرى إلى الحوثيين سواء من خلال تدريبها للمقاتلين الحوثيين أو إرسال شحنات الأسلحة والذخائر إلى اليمن بطريقة غير مشروعة، وذلك فى انتهاك صارخ لقرارى مجلس الأمن رقمى 2216 و2231.
وتمت الإشارة إلى أنه تم ضبط العديد من شحنات الأسلحة غير المشروعة المرسلة من قبل إيران إلى الحوثيين عن طريق الدول الأعضاء والقوات البحرية المشتركة وفقًا للرسالة التى وجهتها المملكة العربية السعودية إلى رئيس مجلس الأمن فى منتصف شهر سبتمبر الماضى، وقد جددت الدول الموقعة على الرسالة دعمها للجهود التى يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام لشؤون اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد من أجل التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الصراع فى اليمن، وفقًا لمبادرة مجلس التعاون الخليجى، ولمخرجات مؤتمر الحوار الوطنى، وآلية تنفيذه وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
كما تمت الإشارة إلى البيان المشترك الصادر عن المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 22 سبتمبر 2016 بشأن الوضع فى اليمن، فيما تم التنويه إلى ترحيب دول المنطقة بالاتفاق النووى المبرم بين إيران ومجموعة 5+1، الذى منح إيران الفرصة بعد سنوات من العقوبات لإقامة علاقات طبيعية مع جيرانها وإظهار التزامها بالحفاظ على الاستقرار الإقليمى واحترام سيادة الدول الأخرى.
وأشارت الدول الموقعة على الرسالة إلى قلقها بأنه "منذ أن تم توقيع إيران على هذا الاتفاق النووى لم نر منها سوى تزايد العدوان فى المنطقة واستمرارها فى دعم الجماعات الإرهابية".
كما أكدت تصميم حكوماتها على عدم القبول بأى تدخل من جانب إيران فى الشؤون الداخلية للدول العربية وضرورة مواجهته، متبنيين فى هذا الشأن ما جاء فى بيان وزير خارجية مملكة البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة خلال دورة الجمعية العامة هذا العام، والذى أكد على أن "السبيل الوحيد أمام جمهورية إيران الإسلامية هو التغيير الشامل لسياساتها الخارجية والتخلى عن أعمالها العدائية بما يمهد الطريق لدخول المنطقة لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية".
كما تضمنت الرسالة استنكار الإدعاءات المغرضة لعضو الوفد الإيرانى، واستغلال إيران للحادث المأساوى الذى وقع فى منى لأغراض سياسية ومحاولتها اليائسة لإحداث فتنة طائفية فى المنطقة بأسلوب بغيض والتأكيد على تقدير الجهود الدؤوبة التى يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وحكومة وشعب المملكة فى خدمة حجاج وزوار الأماكن المقدسة أثناء أدائهم لمناسك الحج والعمرة.
وعلى صعيد آخر، تم التأكيد على الموقف الثابت إزاء قضية الاحتلال الإيرانى للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، حيث أكدت الرسالة على أن "هذه الجزر الثلاث الواقعة بالخليج العربى هى جزء لا يتجزأ من أراضى الإمارات العربية المتحدة"، وعلى الرفض القاطع لإدعاءات إيران الباطلة والزاعمة بأن هذه الجزر الإماراتية هى جزء لا يتجزأ من الأراضى الإيرانية.
كما أكدت الرسالة على الاستمرار فى دعوة إيران إلى إعادة الجزر الإماراتية إما طواعية وإما باللجوء إلى الوسائل السلمية لحل النزاعات الدولية، وعلى رأسها اللجوء إلى القضاء أو التحكيم الدوليين من أجل تعزيز العلاقات الودية وحسن الجوار فى منطقة الخليج العربى.
واختتمت الرسالة بالتأكيد على أن تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادى فى منطقة الخليج العربى يتوقف على الحفاظ على علاقات حسن الجوار واحترام مبادئ السيادة واستقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، حيث أن النهج المتطرف الذى تسلكه إيران يتعارض بوضوح مع هذه المبادئ ويقوض فرص تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الخليج والعالم العربى.