ذكرت مصادر فلسطينية رسمية أن الرياض تمتنع عنه سداد التزاماتها المالية للسلطة الفلسطينية منذ ما يقارب سبعة أشهر.
وفي حديثه لـ "قدس برس"، قال المدير العام لدائرة الميزانية العامة في وزارة المالية الفلسطينية برام الله، فريد غنام، "إن المملكة السعودية لم تدفع منذ سبعة أشهر التزاماتها الشهرية لميزانية السلطة، والتي تُقدر قيمتها بـ 140 مليون دولار أمريكي"، كما قال.
ويرى الخبير الاقتصادي الفلسطيني، نصر عبد الكريم، أن أي مساعدة تصل لموازنة السلطة تعبّر عن "التزام سياسي"، كما أنها "تُشكل دعما للحقوق الفلسطينية، خاصة أن معظم المساعدات الدولية لطالما ارتبطت بمواقف سياسية".
وأرجع عبد الكريم لجوء السعودية إلى قطع مساعدتها عن الفلسطينيين، لعدّة أسباب منها السياسية؛ استنادا إلى التوتر الأخير بين الرياض والقيادة الفلسطينية، والاقتصادية العائدة جذورها إلى أزمة مالية تعاني منها السعودية، وفق تقديره.
وفي هذا السياق، أشار عبد الكريم وهو المحاضر في "جامعة بيرزيت" الفلسطينية، خلال حديثه لـ "قدس برس"، إلى خطة تقشفية أعلنت عنها السعودية مؤخراً، ولجأت بموجبها إلى الأسواق العالمية واقترضت مبلغ 17.5 مليار دولار أمريكي، لسد العجز في موازنتها، بعد استنفاذها جزءًا هاما من احتياطاتها المالية، خاصة بعد هبوط سعر النفط وانخراطها في حروب المنطقة.
وحول تأثر نفقات السلطة الفلسطينية بعد توقف السعودية عن دفع التزاماتها، استبعد المحلل الاقتصادي أي تأثير، قائلاً "لو كان قطع هذه المساعدات قبل سنوات، لكان تأثيرها على خزينة السلطة كبيراً؛ إذ أنه في حينه كانت هذه المساعدات تشكّل نسبة 50 في المائة من حجم النفقات الحكومية، إلا أنها تشكل حالياً ما نسبته 15%، فيما تعتمد السلطة في نفقاتها على الإيرادات الضريبية والاقتراضات المصرفية".
واعتبر أن "لجوء أي دولة إلى قطع مساعداتها المالية عن السلطة، لن يؤدي إلى عجز أو خلل في موازنة السلطة، في ظل تمويلها الذاتي لموازنتها، والذي يصل إلى أكثر من 70 في المائة حاليا"، بحسب قوله.
وبيّن أن "تأثر موازنة السلطة الفلسطينية الكبير قد يحصل في حال أوقف الاحتلال تحويل العوائد الضريبية لخزينتها، والتي تتجاوز قيمتها 2 مليار دولار سنويا".
يذكر أن "الصندوق السعودي للتنمية" عادة ما يقوم بتحويل مبلغ 20 مليون دولار أمريكي شهريا، إلى حساب وزارة المالية الفلسطينية، وهو المبلغ الذي يغطي قيمة مساهمات الرياض الشهرية لدعم ميزانية السلطة برام الله.
وكانت السعودية ومنذ كانون أول/ يناير 2013، قد عملت على زيادة حصتها في ميزانية السلطة الفلسطينية، من 14 مليون دولار إلى 20 مليون دولار شهرياً دعماً لها.
وفي السياق ذاته، رأى المحلل السياسي الفلسطيني، أحمد عوض، أن الأسباب الاقتصادية والسياسية هي التي تقف وراء توقف السعودية عن دفع التزاماتها لخزينة السلطة الفلسطينية.
وقال عوض خلال حديث لـ "قدس برس"، "إن السعودية تعاني من أزمة مالية بسبب تذبذب أسعار النفط، ولانخراطها فيما أسماه الجهد الحربي المتصاعد بسبب تقديرها للمخاطر التي تحيط بها".
وأضاف أن "العامل السياسي لعب دوراً مهماً في وقف المساعدات السعودية، وذلك بسبب توتر العلاقة مع السلطة الفلسطينية، حيث ترغب السعودية أن يكون لها نفوذ كبيرة على القضية الفلسطينية، إلا أن السلطة لا ترغب بأن تكون جزءا من سياسة إقليمية، وتسعى للحفاظ على استقلالها"، كما قال.
وذكر أستاذ العلوم السياسية في "جامعة القدس"، أن المساعدات السعودية ترتبط أيضا بالسياسة الدولية والإقليمية لما يخص القضية الفلسطينية، ناهيك عن الخطة الرباعية العربية الأخيرة والتي كانت سببا إضافيا لتوتر العلاقة، بعد أن رأى فيها بعض الفلسطينيين بأنها تعبّر عن تدخل واضح بالقضية الفلسطينية، وفق قوله.
ووصف عوض، التوتر الحاصل حاليا بين الفلسطينيين والسعودية، بأنه "عارض ومؤقت، وأنه لن يطول"، مشيرا إلى أن الطرفين يسعيان للحفاظ على صلتهما.
وأضاف "لا تغامر السعودية أن يختطف أي طرف منها القضية الفلسطينية في ظل وجود عدو سياسي مثل إيران، فيما لا ترغب السلطة بذلك أيضا، باعتبار السعودية بوابة كبرى لها في العالم، وتشكل غطاءًا سياسياً كبيراً للسلطة الفلسطينية"، حسب قوله.
تجدر الإشارة إلى أن مصادر إعلامية مختلفة كشفت مؤخرا عن وجود خطة لأربع دول عربية ( مصر، الأردن، الإمارات، والسعودية)، تسعى إلى ترتيب البيت الفلسطيني واستنهاض الحالة من خلال إجراء مصالحات على مستويات مختلفة، تبدأ بحركة "فتح" وتوحيد صفوفها عن طريق عودة المفصولين ومن بينهم محمد حلان.
بالإضافة إلى إنجاز المصالحة بين "فتح" و"حماس"، وإعادة الاعتبار لـ "منظمة التحرير الفلسطينية"، ومن ثم الدخول في مرحلة تحريك ملف المفاوضات مع "الإسرائيليين" على قاعدة المبادرة العربية بدون أي تعديل.