رام الله - عقدت دائرة الإدارة العامة في كلية الحقوق والإدارة العامة بجامعة بيرزيت يومي الثلاثاء والأربعاء 18-19/10/2016، مؤتمرها الدولي الأول تحت عنوان "فاعلية سياسات الحكومة تحت الاحتلال: الواقع والتوقع والتحديات".
وتحدث في المؤتمر رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، ورئيس الوزراء السابق د. سلام فياض، ووزير الحكم المحلي د. حسين الأعرج، وخبراء وباحثون وأكاديميون محليون ودوليون في مجال السياسات العامة والحكم المحلي.
وخلص المؤتمر الى العديد من النتائج المهمة، وفي مقدمتها أن التنمية المستدامة في ظل الاحتلال الاسرائيلي عملية تكاد تكون مستحيلة، ومع ذلك، يتوجب العمل على تحقيق التنمية المستدامة رغم أنف الاحتلال وقساوته، وأن إنجازات الحكومة لن تكتمل أو تحقق أهدافها الا بتدخل فاعل وموحد ومؤثر من المجتمع الدولي بكافة قواه ومنظماته لإلزام اسرائيل بتنفيذ الاستحقاقات المطلوبة منها، وأن الاستقلال الوطني وحده سيوفر فرص تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، وأن إسرائيل أحاطت العمل المؤسسي الفلسطيني بالكثير من الصعوبات والمعيقات على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وأن الحكومات الفلسطينية المتعاقبة تعمل في ظل عدم السيطرة على الأرض وعلى الكثير من الموارد الطبيعية والمالية، وأنه بسبب الانقسام لدينا حكومة لا تستطيع تنفيذ السياسات أو جباية العوائد المالية من 40% من الشعب الفلسطيني، ما يحد من قدرتها على تنفيذ السياسات.
وأكد المؤتمرون أن السياسات العامة الفلسطينية تعاني منذ فترة طويلة من عدم إمكانية عرض البرامج السياسية الحكومية على المجلس التشريعي الغائب أو المغيب، ما أعطى الحكومات المتعاقبة نوعًا من الأمان والاطمئنان السلبي الذي أدى الى وجود ارتجال ومزاجية في صنع وتنفيذ السياسات، الى جانب غياب أية جهة رقابية تحاسب الحكومة في حال عدم تنفيذ السياسات وكذلك اللجوء الى التوافق على حساب الكفاءة والمهنية الذي أدى بدوره إلى تسييس الوظائف العامة. كما خلص المؤتمر الى ان التغيير المتكرر للحكومات الفلسطينية (كليا او جزئيا) ولغير الضرورات المهنية يؤثر سلبا على استدامة السياسات العامة ويربك عمل الفريق التنفيذي في الوزارات.
ومن نتائج المؤتمر على الصعيد القطاعات الخدماتية، ضعف الموازنات المخصصة للقطاع الزراعي الفلسطيني الذي بدوره يلاقي تحديات كبيرة ناجمة عن سياسات الاحتلال المتمثلة بسياسة التضيق والخناق على المزارعين الفلسطينيين واغراق الاسواق الفلسطينية بالمنتجات الزراعية الاسرائيلية وخاصة منتجات المستوطنات. أما على الصعيد القطاع الصحي، فقد خلص المؤتمر إلى أن هذا القطاع الحيوي يعاني العديد من التحديات جراء سياسات الاحتلال التعسفية التي تمنع تطويره وتحد من قدرته على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية. تجدر الإشارة إلى أن قطاع غزة يعاني من نقص حاد في الاجهزة والأدوية الازمة وتفتقر المستشفيات هناك إلى الامكانيات اللازمة لعلاج مرضى السرطان، ما يضطر المرضى للخروج خارج القطاع لتلقي العلاجات اللازمة، وبطبيعة الحال بعد الحصول على تصاريح خروج خاصة من سلطات الاحتلال التي عادة ما تواجه بالرفض.
أما بخصوص الخدمات التي يتلقاها اللاجئون في المخيمات، فقد ذكر المؤتمرون أنها تعاني من نقص حاد وتراجع مستمر نتيجة عدم تخصيص الحكومة موازنات لهذه الشريحة ونتيجة التقليص الملحوظ للموازنات التي تخصصها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الاونروا، وبخصوص فاعلية لجان الخدمات في المخيمات، فهي بالمجمل غير فاعلة نتيجة محدودية الموارد وايضا نتيجة للاعتبارات الانتخابية والاعتبارات المصلحية التي تطغى على اعمال هذه اللجان.
كما قدم المؤتمر العديد من التوصيات، منها ضرورة انهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد شطري الوطن، إلى جانب إعادة بناء وإصلاح المؤسسات العامة الفلسطينية والقطاع العام وربط السياسات العامة مع الواقع من حيث وجود الاحتلال والانقسام الفلسطيني، بما يلبي احتياجات المواطن الفلسطيني، وضرورة الحد من ظاهرة تسييس الوظيفة العام، وتخصيص موازنة خاصة ضمن موازنة الحكومة لمعالجة الجوانب النفسية والقضايا المحورية في العملية التربوية في القدس، وضرورة اشراك ومشاركة المواطنين في وضع الموازنات من خلال المشاركة الشعبية في تحديد الأولويات والمطالب والمصالح الوطنية، وأن يكون المواطن هو هدف ومحور السياسات المالية. كما دعا المؤتمر إلى التوجه نحو مزيد من اللامركزية وتعزيز مبدأ الحكم المحلي والتركيز على التنمية الاقتصادية على مستوى الهيئات المحلية، وتخفيض الفاتورة الأمنية والبدء الفوري بعملية شاملة وحقيقي لإصلاح الاجهزة الامنية، وبلورة عقيدة أمنية غير مسيسة وقادرة على تنفيذ القوانين والقرارات السياسية التي تصب في خدمة المواطن.
وعلى صعيد القطاعات الخدماتية، أوصى المؤتمر بضرورة تعزيز السياسات الصحية من خلال زيادة الموازنات المخصصة لهذا القطاع وتطوير المرافق الصحية وخاصة علاج مرضى السرطان في قطاع غزة. ودعا المؤتمر الى دعم القطاع الزراعي من خلال زيادة الموازنة المخصصة لهذا القطاع الهام لترقى إلى مستوى التحديات التي تفرضها سياسات الاحتلال بحق المزارعين والزراعة في فلسطين.
كما أوصى المؤتمر بتفعيل دور لجان الخدمات في المخيمات لرفع مستوى الخدمة المقدمة للسكان التي تقلصت بشكل ملحوظ على مدار السنوات الأخيرة.
وهدف المؤتمر إلى الخروج بنتائج عمل مثمرة وقادرة على المساهمة في عملية صنع السياسات العامة، بما يسهم في تطوير عمل المؤسسات العامة والقطاع العام الفلسطيني من خلال عقد جلستين في اليوم الأول، ناقشت الأولى عملية صنع السياسات العامة في الحالة الفلسطينية تحت وطأة الاحتلال، وتناولت الثانية العديد من التجارب الدولية في الإدارة العامة للوقوف على امكانية الاستفادة منها في الحالة الفلسطينية.
وفي اليوم الثاني، ناقشت الجلسة الثالثة مواضيع في الحكم المحلي والمركزية واللامركزية على مستوى الحكومة والهيئات المحلية، في حين ركزت الجلسة الرابعة والأخيرة على مواضيع مختلفة في الإدارة العامة مع التركيز على القطاعات الخدماتية المختلفة مثل القطاع الزراعي والقطاع الصحي وقطاع الامن.