قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله إن دور الأمم المتحدة حيال ما يحدث في فلسطين، يجب ألا يكون حياديا، بل يجب عليها، بصفتها المؤسسة الحامية للقانون الدولي، أن تنحاز إلى جانب قيم الحق والعدالة الإنسانية، وأن تتخذ مواقف تتسق مع مبادئ القانون الدولي، فالمعاناة الإنسانية التي تعيشها فلسطين، والواقع الصعب لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، إنما تستحث الضمير الإنساني لتوحيد الإرادة السياسية وتوفير الحماية الدولية الفاعلة للشعب الفلسطيني، ومساءلة إسرائيل عن جرائمها وانتهاكاتها.
أضاف الحمد الله خلال كلمته في الاحتفال بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، اليوم الاثنين برام الله، بحضور المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، وعدد من الوزراء والسفراء والقناصل، والشخصيات الرسمية والاعتبارية.: "لن نقبل أبدا باستمرار الوضع القائم، ولن نقبل بامتهان كرامة شعبنا، وسنعمل على تحقيق أهدافنا الوطنية، بالطرق السياسية والدبلوماسية، وباستخدام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، في منابر الأمم المتحدة والمحافل الدولية كافة".
وتابع: "إننا نعبر أيضا عن رفضنا التام لممارسات إسرائيل غير الشرعية في القدس وتقطيعها لأوصالها وسعيها لتغيير معالمها وهويتها وفرض واقع جديد عليها".
واستطرد الحمد الله: "نحيي وإياكم اليوم الذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، نيابة عن الرئيس محمود عباس وشعب فلسطين، وباسمي أتوجه بكل التقدير من هذه المنظمة التي رافقت، بهيئاتها ومنظماتها، آمال وآلام شعبنا الفلسطيني منذ نكبته عام 1948، وواكبت إصراره العنيد على حماية هويته والصمود على أرض وطنه، وأسست العديد من المؤسسات التابعة لها لتتابع واجباتها في إعمال حقوق الإنسان، ونشيد بالدور المحوري الهام والثابت الذي مارسته الأونروا ولا تزال، في تلبية احتياجات لاجئي فلسطين في الوطن والشتات، فهي بالنسبة لهم، أكثر من مجرد مساعدات ومشاريع بل هي شريان الحياة وبارقة الأمل".
وأضاف: "في هذه المناسبة نشدد على المسؤولية التاريخية التي تتحملها الأمم المتحدة ومؤسساتها، وفي مقدمتها مجلس الأمن، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا وإرساء الأمن والسلم الدوليين، وكذلك مجلس حقوق الإنسان، وغيرها من المنظمات المتخصصة كاليونسكو، التي من واجبها، صون وحماية التراث العالمي، سيما في مدينة القدس المحتلة".
وقال: "نشارككم احتفالاتكم هذه، وفلسطين ما تزال ترزح تحت احتلال ظالم يصادر أرضها ومواردها، ويمارس بشكل يومي، انتهاكات جسيمة وممنهجة بحق شعبها، إذ يتوسع في استيطانه وممارساته القمعية. في وقت تفرض فيه الحكومة الإسرائيلية سياسة العقوبات الجماعية على مليوني فلسطيني هم سكان قطاع غزة، تحاصرهم وتحرمهم أبسط حقوقهم في الحياة والكرامة الإنسانية، وتهدم البيوت والمنشآت وتمعن في مخططات التهجير والاقتلاع، في القدس الشرقية كما في الأغوار وسائر المناطق المسماة (ج). وتستمر معاناة نحو سبعة آلاف أسير فلسطيني، بينهم حوالي أربعمائة طفل وقاصر، اختطفوا من أحضان عائلاتهم وحرموا من طفولة سليمة طبيعية".
وتابع: "لقد مدت الأمم المتحدة شعبنا، بمجموعة كبيرة من القرارات الدولية الهامة التي تشكل بمجملها، ترسانة القانون الدولي، التي توجت بقبول عضويتنا في منظمة اليونسكو، وبالعضوية المراقبة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ما أسس لمرحلة جديدة من العمل الدبلوماسي الحثيث، تمكنا في إطارها من الانضمام للاتفاقيات الدولية، واستخدام أدوات القانون الدولي، بما فيها المسار متعدد الأطراف والمبادرات، وخاصة المبادرة الفرنسية والنيوزيلاندية، وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، ونحن نتابع اليوم، هذه المسارات جميعها، وسنعمل مع الأشقاء العرب على مواصلة هذه الجهود، حتى توفير مظلة دولية لحماية شعبنا حتى نيل الاستقلال والخلاص من الاحتلال".
واستطرد الحمد الله: "في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة لخوض غمار التنمية المستدامة، وتواصل الاضطلاع بمهامها السامية في إرساء الأمن والسلم الدوليين وإعمال حقوق الإنسان، فإننا نجدد التزامنا بالأهداف والغايات التي من أجلها تأسست الأمم المتحدة، ونعمل على مواءمة خططنا الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة، باعتبارها أمل العالم الجديد وحجر الأساس لصون مستقبله، ونشدد على ضرورة اتخاذ التدابير الفاعلة لتذليل العقبات التي تحول دون إعمال وتحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية في بلادنا، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرضنا، والذي يصادر مواردنا التي هي مقدرات الشعب ومقومات الدولة".
وتابع: "رغم أن قضيتنا الوطنية ارتبطت بالأمم المتحدة منذ إنشائها، وولدت في إطارها أيضا، وقبلنا دائما الاحتكام لقراراتها، إلا أن المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، فشل في التوصل إلى حل عادل ودائم لها. لقد ذاق شعب فلسطين مرارة وألم الانتظار، وعاش الويلات والمحن المتلاحقة على مدار ثمانية وستين عاما من الظلم والقهر والعدوان، إلا أنه ظل متشبثا بأحلامه وتطلعاته المشروعة، وبحتمية العدالة التي من شأنها أن تنتصر لمعاناته، وتنتزع له حقوقه العادلة، فلا اختنقت إرادة السلام لديه، ولا ضعف إيمانه بقيم الإنسانية ومبادئ القانون الدولي التي تجسدها الأمم المتحدة أولا وأخيرا".
وأضاف: "في الذكرى الحادية والسبعين لإنشائها، نؤكد التزامنا التام بأهداف الأمم المتحدة وصكوكها واتفاقياتها، ونجدد دعوتنا لكافة مؤسساتها وهيئاتها، لنجدة شعب فلسطين وتجنيبه المزيد من ويلات الحروب والدمار والعدوان، كي تنتصر لميثاقها ومبادئها الأساسية، وتوحد الطاقات في إطارها، لإعمال وتفعيل قراراتها، خاصة القرار 194، ووقف الاستيطان كمدخل أساسي، لإنهاء أطول احتلال عسكري عرفه تاريخنا الحديث، وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس".
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلا: "أشكر الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، على مسيرته الدبلوماسية الرفيعة وعلى ما بذله من جهود حثيثة خلال مهام عمله لإعمال حقوق الإنسان ونتمنى للسيد أنطونيو غوتيريس كامل النجاح في منصبه الجديد، بما يساهم في حفظ الأمن والسلم الدوليين وحماية الكرامة الإنسانية".