خبر : العين الأوح !!... محمد الوحيــدي .

السبت 15 أكتوبر 2016 08:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
العين الأوح !!... محمد الوحيــدي .



نحب نحن " الدراما " ، ننجذب إليها كأنها مغنطيس .. تقلب في القنوات و نبحث عن مسلسلات النكد ، نفتش في صفحات الإنترنت و نبحث على اليوتيوب عن صور و مقاطع  لمذابح ، لأطفال معذبون ، مشردون ، نبكي ، و ننوح ، ثم نشتم من عرضها و نشرها و شاركها ، و نصاب بإرتفاع في ضغط الدم ، و إكتئاب و صدمة عصبية و نفسية ..

لا أعرف هل هي ثقافتنا ، أم هي طبيعتنا ، أم هو سلوك مشوه ناتج عن جهل أو هي خلل عقلي وراثي ، أم كلها مجتمعة ؟؟ نترك الأمور تتدهور ، أمام أعيننا و يكون بإمكاننا أن نمنعها منذ البداية ، ولكننا نتركها تتفاقم ، و تكبر ، و تؤلمنا و تصيبنا ، و تدمرنا ، لنبكي و نلطم و نتسول تعاطف الناس ..

و الغريب أن هذه الظاهرة تصيبنا أفراداً بسطاء ، و إدارات ، و حكومات ، و قيادات ... كل على قدر ما يحتل من مساحة ما يحتل من الحياة ..

نرى بأعيننا ، تنامي قدرات الآخر ، و تطورها ، و لا نبالي ، نشاهد كيف تتشابك علاقات الآخر بالعالم ، و كيف ينسج خيوط عناكبه و مؤامراته و يشكل دوائر  محلية و إقليمية و عالمية .. و نظل واقفين نراقب بعجز المسحور ، و مندهشين من قدرة الآخر ، ثم نبكي و نشكي ..

نحذر بعضا ، و نتدارس ، و نمضي الوقت و نهدر العمر في دراسة و تشخيص الداء ، و لا  نقرر الدواء .

في ظل عجزنا ، و إنتفاء القدرة العسكرية ، و الدعم القومي العربي ، كان تغيير أدوات النضال حتمياً ، و تغيير مسار الرحلة ضرورياً ، وكان من المنطقي أن ينتقل الزخم ، و الثقل إلى مرافق أخرى ، و أن يتم تطوير أدوات أخرى غير العسكرية لخوض المواجهة المفروضة علينا .  فالتركيز أصبح أكثر على العمل السياسي و الديبلوماسي ، و الإعلامي .. بالحساب و المنطق ، و بدو عناء و إجهاد ، من الواضح أن البديل لابد أن يسلك هذه الدروب .. بمهنية و ذكاء .

ولا يجوز ، و لا ينفع ، و لا يمكن ، لجهاز واحد في السلطة الفلسطينية ، في الدولة ، في منظمة التحرير ، يا سيدي سمه ما شئت ، لنقل في ( الحركة الوطنية الفلسطينية ) ، أن يتم الإعتماد على القيادة فقط ( الرئاسة)  فهي التي تقوم بتطوير أدوات النضال الجديدة ، من عمل ديبلوماسي شاق و مضني ، و محاولات لضبط الإيقاع في منظومة الإعلام و الإتصال ، ولكنها حتى الآن لم تستطع أن تصل إلى ( نغمة ) صحيحة ، أو رسالة ( مؤثرة ) .. و ذلك لعدة أسباب و معوقات ، ذاتية و موضوعية .. لا مجال لإستعراضها بشكل بحثي ، و لكن علنا نقف على أبرز عناوينها .. فالقوى الناعمة ، و على رأسها الإعلام و الثقافة و الفنون ، في الحالة الفلسطينية ، رغم ما حققته لها الحركة الديبلوماسية الفلسطينية ، مهدت و حرثت الأرض ووفرت التربة الملائمة لزرعها ، و تقويتها ، و قطف ثمارها  .. إلا أنها وقفت عاجزة ، حائرة في الوقت الذي تحقق فيه القوى الأخرى من خارج الصف الوطني نجاحات ، و تغزو مساحات شاسعة ، كانت نتيجتها الحتمية خسارة للجميع ، فالقوى الخارجة ، كل ما فعلته أنها سممت التربة ، و القت بظلالها  على الرسالة الفلسطينية فباتت معتمة مشوهة ، غير مفهومة .. و الغريب ، أننا وقفنا نراقب هذا ، بحسرة ، بدلاً من التدخل ، و المحاربة ، و العمل بأصول و مهنية و مهارة ، بل إن بكاءنا و ولولتنا و نحيبنا ، زاد من أهميتهم ن و ألقينا نحن ببكائا و صراخنا الاضواء عليهم ، و كبرنا شأنهم ، دعاية مجانية ، و سلوك خاطئ ، نسلكه و مصممين عليه منذ عقود .. فإعتمدنا بداية على عقول تعود إلى عهد شعارات ( هنيئاً لك يا سمك البحر ) ،  أو إلى متطفلين يعيشون على " رضاعة" المنافع بالتطبيل و التزمير ، و رقص الدراويش ، الذي لا هو صلاة و لا هو فن .

 

و بنفس العقلية و النفسية ، التي تسيطر علينا أفراداً و جماعات ، و حكومات و قيادات ، و حبنا السرمدي الغريب للأفلام الهندية و التركية ،ذات  الحبكة التراجيدية ، ما زلنا نجلس نراقب ما يفعل بغزة ، وما يحدث في العين السخنة و ما يتم من علاقات و إعلام و تصدير صور و رسائل ، و ما يحدث  في عواصم عربية ، في قنوات و صحف و مواقع  تباع و تشترى لصالح متجنحين أو مجنحين و مؤتمرات وورش عمل و فنادق و سفريات و علاقات عامة و خاصة ،أكاد أقسم أن حفلة لمحمد عساف في نفس المكان و الزمان كانت ستستقطب أعداداً أكبر ، و ربما نفس المشاركين ، إليها لو توفرت نفس ظروف الإقامة و متعة الترفيه في ( عين الأوح ) لكننا ، نرى كل هذا ، و لا نحاول أن نضبط إيقاعنا ، و إعلامنا ، و رسالتنا ، و نمعن في الإعتماد على كل الأدوات القديمة ، أو الرديئة ، ونكتفي بالقول لمن تحدثه نفسه بالمشاركة ، أو الإقتراب من هذا الطريق ، نقول له أرفع يدك و لا تقترب من ( عين الأوح ) .. حتى لا تكتوي أصابعك ، وفي النتيجة نندب حظنا و نبكي .