بين لحظة وأخرى قد يتغير العالم، فمن كان عدواً بالأمس قد يُصبح صديقاً في الغد، هذا هو عالم العلاقات العالمية، إذ ليس هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل هناك مصالح دائمة.
بالأمس زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الجمهورية التركية ضمن مشاركته في مؤتمر الطاقة العالمي الذي يُعقد في إسطنبول، ومن قبل زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا في أغسطس/آب الماضي، فكلا الطرفين يسعى إلى تحقيق مصالح بلاده بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى سواء كانت إقليمية أو دولية، رغم بحثهما ومناقشتهما للأزمة السورية على هامش اللقاءات التي تم بينهما.
من كان يتابع تداعيات أزمة إسقاط المقاتلة الروسية التي اخترقت الأجواء والسيادة التركية في نوفمبر 2015م ربما كان يعتقد أن العلاقات بين البلدين على المستويات كافة السياسية والاقتصادية والعسكرية ستنتهي وربما بلا رجعة، إلا أن النظرية السابقة (ليس هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل هناك مصالح دائمة) تتحقق من جديد، فربما ساهمت الظروف الخاصة بكل دولة في الضغط من أجل استعادة العلاقات والنظر إلى الأمر من زوايا أخرى.
فقد أعلن الرئيس التركي بالأمس إن مرحلة تطبيع العلاقات بين بلاده وروسيا ما زالت تتخذ زخما جديدا، وستتواصل بسرعة، وإنها ستشمل مختلف القطاعات مثل الاقتصاد والتجارة والدفاع. ومن جهته أكد بوتين إنه اتفق مع نظيره التركي على زيادة الجهد لتطبيع العلاقات، وكبادرة روسية أعلن قرار بلاده رفع الحظر عن المنتجات التركية التي كان استيرادها ممنوعا.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تم توقيع اتفاقية بين الجانبين لبناء خط أنابيب "تورك ستريم" لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر البحر الأسود. وتم الاتفاق أيضاً على تأسيس صندوق استثماري مشترك برأسمال بلغت قيمته مليار دولار.
هكذا هو عالم العلاقات العالمية، لا شيء مهما علا شأنه يعلوا فوق المصالح، وهذا حق لكل دولة أن تسعى إلى تحقيق مصالحها ومصالح مواطنيها.
لكن الأسئلة المهمة المطروحة: أين نحن كدول عربية من هذا العالم المتغير المتقلب؟ لماذا لا نسعى إلى تحقيق مصالحنا؟ أما أننا لا نعرف مصلحتنا مع مَنْ؟ وإذا عرفناها لا نعرف كيف نحققها ونستثمرها؟ إلى متى سنبقى في ذيل القافلة؟ هل ننتظر أن تسعى الدول العظمى إلى تحقيق مصالحنا؟ ألم نرى كيف سنت الولايات المتحدة الأمريكية قانون "جاستا" ليكون بمقدورها بموجبه مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وبالتالي الاستيلاء على أكثر من 750 مليار دولار من الأصول السعودية في الولايات المتحدة؟
يجب على الدول العربية أن تستفيد من التجربة التركية في جميع المجالات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والتجارية وغيرها، وأن تسعى إلى توحيد صفوفها الداخلية أولاً، ومن ثم تشكيل تحالف عربي لمواجهة أية مخاطر قادمة، سيما وأن الوضع الإقليمي والدولي الحالي ليس في صالح الدول العربية.
ينبغي على الدبلوماسيين العرب أن يفيقوا من سباتهم العميق، وأن يدرسوا واقع هذه التجربة بكل بدقة، لما لها من آثار يمكن أن تحقق لو جزء بسيط من مصالحنا كعرب، أو على الأقل يكون لنا سهم ثاقب وقوي على الخارطة الدولية، لأن الناظر إلى الوضع الإقليمي والدولي يستشعر مدى الوضع المحبط الذي تعيشه دولنا العربية في ظل هذا التغطرس الدولي تجاه الدول العربية على وجه التحديد.
عالم العلاقات العالمية .. لا شيء مهما علا شأنه يعلوا فوق المصالحبقلم/ رمزي النواجحةماجستير دبلوماسية وعلاقات دوليةبين لحظة وأخرى قد يتغير العالم، فمن كان عدواً بالأمس قد يُصبح صديقاً في الغد، هذا هو عالم العلاقات العالمية، إذ ليس هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل هناك مصالح دائمة.
بالأمس زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الجمهورية التركية ضمن مشاركته في مؤتمر الطاقة العالمي الذي يُعقد في إسطنبول، ومن قبل زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا في أغسطس/آب الماضي، فكلا الطرفين يسعى إلى تحقيق مصالح بلاده بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى سواء كانت إقليمية أو دولية، رغم بحثهما ومناقشتهما للأزمة السورية على هامش اللقاءات التي تم بينهما.من كان يتابع تداعيات أزمة إسقاط المقاتلة الروسية التي اخترقت الأجواء والسيادة التركية في نوفمبر 2015م ربما كان يعتقد أن العلاقات بين البلدين على المستويات كافة السياسية والاقتصادية والعسكرية ستنتهي وربما بلا رجعة، إلا أن النظرية السابقة (ليس هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل هناك مصالح دائمة) تتحقق من جديد، فربما ساهمت الظروف الخاصة بكل دولة في الضغط من أجل استعادة العلاقات والنظر إلى الأمر من زوايا أخرى.
فقد أعلن الرئيس التركي بالأمس إن مرحلة تطبيع العلاقات بين بلاده وروسيا ما زالت تتخذ زخما جديدا، وستتواصل بسرعة، وإنها ستشمل مختلف القطاعات مثل الاقتصاد والتجارة والدفاع.
ومن جهته أكد بوتين إنه اتفق مع نظيره التركي على زيادة الجهد لتطبيع العلاقات، وكبادرة روسية أعلن قرار بلاده رفع الحظر عن المنتجات التركية التي كان استيرادها ممنوعا.ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تم توقيع اتفاقية بين الجانبين لبناء خط أنابيب "تورك ستريم" لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر البحر الأسود. وتم الاتفاق أيضاً على تأسيس صندوق استثماري مشترك برأسمال بلغت قيمته مليار دولار.
هكذا هو عالم العلاقات العالمية، لا شيء مهما علا شأنه يعلوا فوق المصالح، وهذا حق لكل دولة أن تسعى إلى تحقيق مصالحها ومصالح مواطنيها.لكن الأسئلة المهمة المطروحة: أين نحن كدول عربية من هذا العالم المتغير المتقلب؟ لماذا لا نسعى إلى تحقيق مصالحنا؟ أما أننا لا نعرف مصلحتنا مع مَنْ؟ وإذا عرفناها لا نعرف كيف نحققها ونستثمرها؟ إلى متى سنبقى في ذيل القافلة؟ هل ننتظر أن تسعى الدول العظمى إلى تحقيق مصالحنا؟ ألم نرى كيف سنت الولايات المتحدة الأمريكية قانون "جاستا" ليكون بمقدورها بموجبه مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وبالتالي الاستيلاء على أكثر من 750 مليار دولار من الأصول السعودية في الولايات المتحدة؟
يجب على الدول العربية أن تستفيد من التجربة التركية في جميع المجالات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والتجارية وغيرها، وأن تسعى إلى توحيد صفوفها الداخلية أولاً، ومن ثم تشكيل تحالف عربي لمواجهة أية مخاطر قادمة، سيما وأن الوضع الإقليمي والدولي الحالي ليس في صالح الدول العربية.ينبغي على الدبلوماسيين العرب أن يفيقوا من سباتهم العميق، وأن يدرسوا واقع هذه التجربة بكل بدقة، لما لها من آثار يمكن أن تحقق لو جزء بسيط من مصالحنا كعرب، أو على الأقل يكون لنا سهم ثاقب وقوي على الخارطة الدولية، لأن الناظر إلى الوضع الإقليمي والدولي يستشعر مدى الوضع المحبط الذي تعيشه دولنا العربية في ظل هذا التغطرس الدولي تجاه الدول العربية على وجه التحديد.
رمزي النواجحة
ماجستير دبلوماسية وعلاقات دولية
http://samanews.com/ar/index.php?act=post&id=283411


