خبر : فلسطين في السلال المثقوبة ...محمد نور الدين

الثلاثاء 13 سبتمبر 2016 05:27 م / بتوقيت القدس +2GMT




تحركت فجأة القضية الفلسطينية. سارعت الرباعية العربية إلى طرح حلول أولاً للخلاف الداخلي في حركة فتح، ومن ثم لما بين فتح وحماس. وبعد ذلك لا يعرف أحد إلى أين المسار.
الرباعية العربية هي جزء من جامعة الدول العربية التي تغط في سبات أهل الكهف بالنسبة للقضية الفلسطينية.
تحرك الرباعية مفاجئ. كذلك كان التحرك الفرنسي في أواخر الربيع الماضي على أمل عقد لقاء ما حول القضية في شهر سبتمبر/أيلول الحالي. لكن فرنسا عادت للانسحاب من هذه الجهود وأوقفتها. أيضاً لا أحد يدري لماذا تحركت فرنسا حينها فجأة، ولماذا توقفت.
أيضاً كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث عن شروط للجلوس مع «الإسرائيليين» في ما يتعلق بوقف الاستيطان، أو مسألة الأسرى وغير ذلك، لكنه يخرج اليوم ليقول إنه مستعد للجلوس مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، في الزمان والمكان اللذين يريدهما نتنياهو، ومن دون شروط مسبقة.
لا أحد يعرف لماذا يغير عباس موقفه. بل ماذا كان عنده في الأساس من أوراق للضغط على «إسرائيل». بل ماذا يفعل على مدار الساعة.
ولا نريد التوقف عند فصائل المقاومة الأخرى، ولا سيما حماس التي لا شك تحرس قطاع غزة، ولكنها تقف عند حدوده من دون القدرة على فعل شيء على مستوى فلسطين، خصوصاً بعدما غرقت في أوحال الخلافات العربية والإسلامية، وصارت مرجعيتها في إسطنبول، مهنئة(!) القيادة التركية على اتفاق التطبيع مع «إسرائيل» الذي يضمن للعدو تعاوناً أمنياً وعسكرياً كاملاً مع تركيا، من دون مطلب رفع الحصار عن غزة.
غابت القضية الفلسطينية منذ أن أضاع أهلها بوصلة فلسطين وطريق تحريرها، ومنذ أن باع العرب قضيتهم الأولى في تفريط في حق قومي لا يتقدمه حق آخر.
باع أهل فلسطين القضية عندما قدموا البعد الأيديولوجي الديني والفكري والبعد الشخصي والمصالح الانتهازية على أية أولوية أخرى. في حين أن فلسطين قضية وطنية فلسطينية تتقدم على الانتماء الأيديولوجي والديني والمذهبي لأبنائها. تضييع البوصلة الوطنية أفضى إلى كيانين: الضفة والقطاع، وإلى سلطتين: فتح وحماس. فيما الاحتلال يجثم على أراضي ال 48، ويمعن استيطاناً في أراضي ال 67. وليس من عملية واحدة لتحرير متر منها.
غادر العمل المقاوم الساحة وحلت الديبلوماسية. وفي وجه من؟ في وجه من لم يعرف إلا لغة القوة عشية 1948 وبعدها، وفي العام 1956، وفي عام 1967، وبعدها في أكثر من عملية احتلال وتدمير في فلسطين ولبنان.
ضيع العرب بوصلة فلسطين فلم تعد قضية قومية، بل مجرد مشكلة تخص مجموعة معينة اسمها الشعب الفلسطيني. وكيف لهذا الشعب أن يناضل بفعالية من دون عمقه العربي؟
ومن ثم لتأتي أم المصائب العربية في ما سمي ب«الربيع العربي». فتحولت بعض الدول العربية إلى مسرح عمليات داخلية وإقليمية ودولية، أمعنت فيها تفتيتاً، وقتلاً، وتدميراً، وتقسيماً، ونهباً للثروات. وانشغل كل العرب في هذه الحروب الداخلية. تذكروا كل شيء. تذكروا انتماءاتهم العرقية، والجهوية، والمذهبية، وكل ما هو نائم في التاريخ، لكنهم نسوا شيئاً واحداً هو أن «إسرائيل» عدو، وأن فلسطين هي قلب قضاياهم ورأس عروبتهم.
وليس من مستفيد من كل هذا الوضع أكثر من العدو «الإسرائيلي» الذي بإمكانه أن يوفر أرواح جنوده، وجنازير دباباته، ووقود طائراته، فيما يؤدي العرب وظيفتهم المفضلة في التناحر فيما بينهم.
«إسرائيل» كيان مصطنع ومصيره مهما طال الوقت إلى زوال. لكن ما تشهده الجغرافيا العربية يجعل «إسرائيل» الكيان الأقوى لعقود في المنطقة.
ربما لا تنفع مع أحد مشاريع الحلول المطروحة التي لا أحد يعرف إن كانت تساهم في الحل، أو تزيد من الشروخ الفلسطينية والعربية. كلنا في المأزق وأمام الحائط المسدود. لكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل التي لا يمكن أن تأتي إلا إذا ارتبطت بفلسطين، وحدها التي تجمع وتحيي العظام الوطنية والقومية ولو كانت رميماً.
عن الخليج الاماراتية