دعا الرئيس عباس الى عقد جلسة للمجلس الوطني, ما لبثت ان سقطت دعوته رغم حماسة بعض الشخصيات المفروضة كقدر علينا كشعب وبدأت تهيئ نفسها لتقاسم كعكة المناصب على حساب حقوقنا الوطنية. بعد أقل من عام, أقل ما يمكن أن يوصف به أنه كان عاماً دامياً قتلت فيه إسرائيل وجرحت المئات من الأبرياء, خرجت علينا السلطة بأكثر حلولها ابتكاراً لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني فقالت لابد من عقد انتخابات محلية. وطارت فرحاً مرة اخرى شخصيات وأحزاب لتنال من المناصب حتى وإن كانت رئاسة مجلس قروي. “ريحة البر ولا عدمه” كما قال الأجداد. كتبت حول القضيتين مقالين صغيرين لمن يريد الاطلاع.
نتمنى أن يعقد المجلس الوطني أولاً وقبل كل شيء. أن توجه دعوة صادقة لجميع الأطر السياسية والنقابية, تلك في داخل فلسطين وخارجها. ينتج عنه صوغ علاقات جديدة بين هذه الأحزاب, تجمع الشمل على أساس الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني. لطالما أعلنت منظمة التحرير أن حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف. نطالبها فقط بالالتزام بما أعلنته وبما تأسست من أجله. فإعادة مركز الثقل لمنظمة التحرير سيخلّص السلطة المنظمة من “القبضة ٢٢” التي أوقعت فيها نفسها حين وقعت أوسلو واعترفت بإسرائيل وأنشأت نفسها تحت الاحتلال الإسرائيلي بدون أي ضمانات لإقامة الدولة الفلسطينية. ندرك أن “إخواننا العرب” يريدون التخلص منا كما خطط إخوة يوسف للتخلص منه فرموه في بئر سحيق, عسى أن يخلو لهم قلب أبيهم. في حال “إخواننا العرب سيخلو لهم قلب إسرائيل. او هكذا يظنون على الأقل.
أي أن فرضية أن بلداً عربياً سيقبل استضافة قيادة المنظمة على أراضيه من جديد, ضعيفة جداً ولكن من يبحث سيجد إن توفرت النية للفلات من القيود والهيمنة الإسرائيلية على المنظمة والسلطة بوجود الرئيس واللجنة التنفيذية في قبضة نتنياهو ومردخاي.
نتمنى ان تكون النتيجة الثالثة بعد لم الشمل وتحرر المنظمة من القيود الإسرائيلية, أن يتم الفصل التام بين القيادة السياسية, أي المنظمة, والسلطة الفلسطينية. بحيث تكون الثانية تابعة فعلياً للأولى وتحت سلطتها. مما يعني أيضاً تفكيك مراكز القوى التي نشأت في ظل أوسلو والتنسيق الأمني الشائن والمشين. سيساهم ذلك دون شك في القضاء على ظاهرة المحاور و”الاستزلام” التي باتت تهدد وحدة النظام السياسي الفلسطيني وتقطع الطريق على أي رباعيات سواءاً دولية أو إقليمية للتدخل في القرار الفلسطيني والتلاعب بمصير قضيتنا الوطنية.
نتمنى أيضاً أن تعود فتح قوية موحدة وأن يتحمل المسؤولية القيادية فيها أشخاص أكفاء, لم يسقطوا في أفخاخ المحاور أو تلوثوا بالتنسيق الأمني, من خارج تلك الدائرة التي جعلت جل همهما مهاجمة فصائل أخرى وأسهمت في إذكاء نار الانقسام السياسي. هذا الانقسام الذي أعطى الفرصة أيضاً لأعدائنا, فأصبح من السهل التلاعب في مصيرنا وتقسيمنا الى قبائل متناحرة وحارات وجماعات. ستكون رسالة قوية لو استطاعت فتح ايجاد شخصية صاحبة صفحة ناصعة البياض لتقود منظمة التحرير. الأسير مروان البرغوثي يحظى بهذه الصفة وكذلك بإجماع الشعب الفلسطيني, وسيعيد القضية الفلسطينية إلى موقعها الذي تستحق.
أستطيع القول أن الفصائل الفلسطينية لا تختلف على دور فتح وتسلّم لها بالقيادة, ولكن تردد الرئيس عباس في مسألة حسم “الخلافة” يعطي مراكز القوى الكثير من الحرية ويطلق العنان لمخيلاتهم وطموحاتهم الوضيعة ويزيد من حالة الإرباك في الساحة الفلسطينية. وبعض الأسماء المطروحة الآن إنما هم وصفة لمزيد من التشتت والضعف.
سنعطي للعالم وللمنطقة بالذات درساً بليغاً خصوصاً في هذه المرحلة من التاريخ , لو أحسنا اختيار المرشح لقيادة السلطة الفلسطينية. الدكتورة حنان عشراوي شخصية وطنية ذات تاريخ مشرف, فلماذا يغيب اسمها عن المرشحين المحتملين, ويسيطر على الساحة في نفس الوقت أشخاص بالكاد يجيدون العربية؟ وهل أصبحت إجادة العبرية من متطلبات القيادة ؟!
فلسطينيان من نوعية مروان وحنان سيكونان قادران على إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وقطع الطريق على التخلي المضطرد في تعاظمه عن الفلسطينيين في الشتات وفي نفس الوقت امتطاء ظهر الفلسطينيين الصامدين في داخل فلسطين. وهذا هو نهج السلطة الفلسطينية خلال العقد الأخير من عمرها.
يبقى تفكيراً رغائبياً وكل عام وأنتم بخير.
يوســــف أحمـــــد
صحفي فلسطيني


