خبر : خارطة طريق الرباعية العربية في الميزان ...مهند عبد الحميد

الثلاثاء 06 سبتمبر 2016 09:49 ص / بتوقيت القدس +2GMT





تقدمت أربع دول عربية هي: مصر والاردن والسعودية والإمارات بخطة لإصلاح الوضع الداخلي الفلسطيني وإعادة إحياء المبادرة العربية للسلام. الخطة المكونة من أربعة بنود تضمنت تواريخ زمنية تبدأ في أيلول 2016 وتختتم في أيلول 2017 ووضعت الخطة آليات ضغط على الاطراف المعطلة، ثم انتهت بتهديد يقول : «في حال لم يقم الفلسطينيون بما عليهم واستمروا في الانقسام على أنفسهم، ستضطر بعض الدول العربية لدراسة بدائلها الخاصة في التعاطي مع ملف الصراع العربي الإسرائيلي».
بادئ ذي بدء تظهر الخطة كورقة غير رسمية، كونها صريحة جدا وغير موقعة ومذيلة بأوراق رسمية، وتتضمن بعض الاخطاء اللغوية، وهي أقرب إلى صيغة مقترح قد يكون من طرف فلسطيني. غير ان الصفة غير الرسمية للورقة لا يعني أنها مختلقة تماما أو لا يوجد لها أساس، بل ثمة مواقف عربية معلنة تقترب أو تنسجم بشكل وبآخرمع بنودها.
تبحث الورقة في إصلاح الوضع الداخلي الفلسطيني وتحديدا انهاء انقسام فتح وحماس وتوحيد الضفة الغربية مع قطاع غزة أولا. وإعادة الحياة للعملية السياسية ودعم التوجه الفلسطيني للمحكمة الجنائية ثانيا. ودعم صمود مدينة القدس والشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وبخاصة مخيمات سورية المنكوبة ومخيمات لبنان ثالثا. مواقف وتوجهات عربية رسمية تلتقي مع المطالب الفلسطينية السياسية والشعبية. غير أن الإلتقاء على تلك العناوين لا يزيل الغموض أو اللبس عن «الورقة» غير الرسمية، ولا عن مضمونها.
فالبند المتعلق بوحدة حركة فتح والمتفق على أهميته أيضا، ينص على إعادة المفصولين من فتح والسلطة الى أماكنهم السابقة وعودة محمد دحلان لعضوية مركزية فتح. هذا النص يتعارض مع قرار لجنة مركزية فتح الذي نص بصريح العبارة على فصل عضو من بين أعضائها هو محمد دحلان استنادا لاسباب وحيثيات من بينها قضايا فساد. لم يكن المطلب العربي هنا محايدا، لأنه «يتبنى» رأي طرف مفصول غير شرعي وينتصر له دون إبداء الأسباب، ودون تقديم ما يخطّئ قرار فصله. إن ذلك يتعارض مع النظام الداخلي لحركة فتح ومع المؤسسة التنظيمية بما في ذلك قاعدتها الجماهيرية. وإذا ما مُد هذا الموقف على استقامته، وتم ربطه بالبنود الأخرى، وبالمواقف غير المعلنة. فإنه يظهر أمام المراقبين رهان واضح من قبل بعض الأوساط العربية على صعود محمد دحلان الى سدة السلطة والقيادة الفلسطينية، ولما لا يستطيع دحلان الصعود الى المركز الفلسطيني بمعزل عن شرعيته في فتح وشرعيته في المنظمة كتحصيل حاصل، والدخول في الانتخابات القادمة بغية تجديد الشرعيات. فإن البداية تكون بعودته الى اللجنة المركزية وعودة مناصريه لحركة فتح.
فما الذي يجعل فتح والمنظمة والنظام الفلسطيني القائم والاوساط الشعبية المؤيدة تقبل بمثل هذا التغيير؟
لا شك هناك اعتبارات سياسية وتنظيمية أهمها القرار الداخلي ووجود اكثرية وأقلية ووجود برنامج سياسي وثوابت، لا اعتقد ان تلك الاعتبارات تسمح أو تقبل تقبل بعودة دحلان بقرار خارجي. قد يقول البعض من يقبل في الخفاء وقد أعطى الموافقة، هذا القول محتمل لكنه لا يعبر عن إرادة حركة فتح. وهناك وهو الأهم، معايير للتغيير والتجديد نابعة من حاجة الشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية. الموقف الفعلي من المشاريع السياسية المطروحة في اللحظة الراهنة، الديمقراطية، الفساد المالي والإداري، الأبوية ، والعشائرية. وإذا كان التغيير يشكل مطلبا شعبيا فان المطلوب هو تغيير للأحسن من وجهة نظر الأكثرية الوطنية الفلسطينية.
في الشق السياسي، تتحدث الورقة عن إعادة إحياء المبادرة العربية للسلام ودعوة المجتمع الدولي لدعمها. هنا يتم تبريد المطالب ويخفت الكلام عن جوهر مشكلة الشعب الفلسطيني، وهي الاحتلال الآخذ بالتعمق، والماضي في تدمير مقومات الدولة الفلسطينية، وشطب الحقوق الفلسطينية المشروعة، واستباحة القدس العربية طولا وعرضا، وإضافة مستوطنين بالجملة الى الاراضي الفلسطينية. ولا توضع آلية ولا تمارس ضغوط ولا يحدد زمن ولا بدائل. إن الحديث عن إحياء مبادرة سلام لم يكن معمولا بها من قبل، وكانت قد رفضتها كل الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ عام 2002 وحتى اليوم، وبهذا المعنى فإن الإحياء لا يشكل جوابا على السؤال الفلسطيني الكبير، وهو كيف يكون الرد على العدمية الاسرائيلية وتجاهل الحقوق المشروعة. إن أحد الاسباب الرئيسية في أزمات شعوب المنطقة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بما في ذلك الازمة الناجمة عن صعود المنظمات الارهابية التكفيرية، هو الاحتلالات، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، والاحتلال الأميركي للعراق. وطرح قضية الاحتلال كأولوية هو الذي يستدعي التغيير للاحسن، وليس العكس. لم تطرح الورقة خارطة طريق لانهاء الاحتلال وفي السياق تطرح مقومات هذه العملية على بساط البحث والعرض من اجل بناء استقطاب شعبي مؤيد وداعم ومشارك في إنضاجها والأخذ بها .
ان ما طرح في الورقة العربية غير الرسمية، يعيد نا الى الوضع الداخلي الفلسطيني الذي يتسم بالضعف والتفكك ويغري بكل أنواع التدخل المعادي والصديق والشقيق. فلا مكان للضعفاء في هذا الاقليم والعالم. وما لم تتغير الاوضاع بدافع المصلحة الوطنية المشتركة، سيعمل الآخرون على تغييرك بدافع مصالحهم. وقد اقتربت اللحظة التي لم يعد فيها شعار القرار الوطني المستقل صالحا للاستعمال مع بقاء الاوضاع على حالها دون تغيير. إن عدم المبادرة الى إصلاح وتغيير وتجديد طوال الوقت. ولكن هل هذا التحدي وغيره من التحديات سيؤدي إلى انبثاق نخبة فلسطينية وحركات اجتماعية وقوى شبابية تدافع عن المصالح المشتركة وتؤسس لاستقلال قرارها الوطني.
Mohanned_t@yahoo.com